المشهد الأول..
هبة: عاوزه أشرب حشيش
طارق: بجد؟
هبة: أيوه هتجيب لي؟
طارق: هجيب لك.
هذا المشهد يعتبر نقطة تحول كبيرة في وجهات نظر المشاهدين تجاه مسلسل سابع جار، حتى إن البعض أصبح من بعد المتابعة والإعجاب الشديد، يصفه بأنه عمل لا أخلاقي، والبعض الآخر يطالب بوقفه، على اعتبار أن هذا لا يمثل البنت المصرية في مجتمع الطبقة المتوسطة التي يمثلها العمل.
نرشح لك: سارة عبد الرحمن من “بِروتة” أحمد حلمي لـ “هبة” في “سابع جار”
المشهد الثاني..
طارق: إنتِ أول مرة تشربي حشيش؟
هبة: أيوه دي أول مرة.
طارق: بس مش باين عليكِ إنها أول مرة.
هبة: لا فعلا دي أول مرة. تصدق إنهم عايزين يجوزوني أستاذ يكون أقصى طموحه إنه يشرب شاي على القهوة؟
طارق: في بنات بيكون أكثر طموحها زوج زي المدرس دا.
هبة: وإنت إيه أقصى طموحاتك
طارق: كان عندي طموحات كثيرة قبل الجواز لكن دلوقتي أقصى طموحي ما تخانقش مع مراتي.
نرشح لك: ماذا قال نيقولا معوض عن مخرجات “سابع جار”؟
مشهد يجسد حياة ناس كثيرة، مشهد اختصر الحياة الزوجية الروتينية؛ هو يكره حياة الملل والكآبة التي تفرضها عليه زوجته وهي تهرب من إلحاح أهلها عليها بالزواج التقليدي، فجمعتهما جلسات الحشيش والسجائر، وهذا طبيعي وموجود في المجتمع لمن يريد أن يرى الصورة الكاملة، الصورة الحقيقية دون تزيين أو تزييف.
كثير من الأمهات شُغلهن الشاغل هو تزويج بناتهن من أي شخص لمجرد أنها تريد أن تتخلص من عبئهن أو لخشيتهن أن يُلصق ببناتهن لقب “عانس”؛ وكثير من الزوجات كئيبات، كل همهن الطبخ والتنظيف ورعاية الأطفال، دون النظر إلى أي احتياجات أخرى للزوج.
المشهد الثالث..
“هالة”، البنت الناجحة الجميلة المستقلة التي لديها عقدة كبيرة من الزواج نتيجة لسيرة والدها السيئة، تريد أن تصبح أماً لكن بزواج مشروط ينتهي بانتهاء حصولها على مولود. شعور طبيعي في ظل السمعة السيئة لذالك الأب. لم يلتفت كل من هاجم تفكيرها إلى زميلها الذي عرضت عليه الزواج رغم أنه كان يريد إقامة علاقة غير شرعية معها، وذلك باعتباره “الرجل” المباح له كل شيء، وانتقد هالة رغم إنها لم تطالب إلا بزواج حلال شرعاً.
نرشح لك: عجائب “سابع جار” السبع
المشهد الرابع..
(الأهم والأكثر انتقاداً وربما كان السبب الأساسي في كم اللعنة والسباب للعمل)
”مي”، الفتاة المستقلة التي تسكن في شقة تستخدم نصفها مكتبا والنصف الآخر سكنا لها؛ أحبت “أحمد” في فترة الدراسة الجامعية، لكنه تخلى عنها وذهب ليتزوج بأخرى “محجبة”؛ ربما للحصول على فرصة عمل وسفر إلى الخارج، وربما لأنها طبيعة الشاب المصري، لا يتزوج من أحب ولكنه وقت الزواج يبحث عن أخرى مختلفة.
نرشح لك: قصة “هشام” سابع جار الذي تألق في الـ”فريند زون”
إلى هنا والأمر طبيعي جداً ويحدث كثيراً، حتى بعد خيانته لزوجته وعودته إلى “مي”؛ أما الأمر الغير طبيعي، استمرارها في علاقة غير شرعية معه. ولا أدري لماذا لجأت الكاتبة إلى هذا السيناريو وإظهار العلاقة الغير شرعية على الشاشة بشكل واضح، حتى لو تم تصنيف العمل لـ (+12) وحتى لو حمل تحذيراً، فهناك مسلسلات كـ “هذا المساء” لم تكن بتلك الجرأة وتم تصنيفه لفئة عمرية أكبر.
لا أدري لماذا أظهرت العلاقة الجنسية بشكل واضح وكأنه أمر عادي وأمر طبيعي يحدث في مجتمعنا والمجتمع يتقبله، وهذا غير صحيح، وإذا حدث يحدث في نطاق ضيق وفي نطاق سري غير معلن! كان من الأفضل للكاتبة أن تظهر أنه “ليست كل فتاة مستقلة منحرفة”، وتظهرها بشكل أجمل كنوع من التشجيع على استقلالية البنت، وكنوع من الحريات التي تدافع عنها.
لا ننكر أن العمل هو صورة كاملة للمجتمع من خلال مجموعة من السكان يعيشون في عمارة واحدة، وأنه تعبير عن الواقع، وأحداثه حقيقية جدا؛ ولكن هناك بعض الواقع لا يجب أن يتم التصريح به حتى لا تعمل الدراما على ترويجه، يعني ليس بالضرورة أن نُظهر بنتًا أقصى طموحها أن تشرب حشيشًا، كان من الممكن أن نكتفي بالعلاقة بينها وبين جارها واعتبارها مجرد نزوة، إذا أردنا نقل الواقع كما هو. المطربة التي جاءت لهاني عادل بدلاً من أن تعرض عليه شوكولاتة بالويسكي، تعرض عليه شوكولاتة مستوردة مثلاً؛ والحقيقة أدهشني هذا المشهد وإقحام هذا النوع فيه!
زميل مي بالمكتب: “أنا رايح أجيب إزازة بيرة من التلاجة”.. ما الغرض من هذه الجملة تحديداً إلا أنه ترويج إلى أن الشرب في البيت أصبح عاديا وكأنها حاجة ساقعة مثلاً؟!
أعتقد أن الكاتبة أرادت أن تقدم عملاً يتوافق مع المتغيرات الحالية. ولأن الفن هو نقل للواقع، ويكسب قيمته الحقيقية عندما يُصور وينسخ ويحاكي الواقع، فعلت ذلك؛ ولكنها انحرفت قليلاً بعد مرور المزيد من الحلقات، فقدمت لنا واقعا لفئة صغيرة جداً من مجتمع كبير جداً، ونسيت أن الدراما في أحيان كثيرة هي “تشكيل للواقع”، ولنا في ذلك تجربة مأساوية، فالمجتمع قبل “عبده موته” شيء وبعده شيء آخر. لذلك، أرى أن المسلسل فعلياً انحرف عن مساره الحقيقي، أو مساره الذي صوره للمشاهد في البداية، وأتمنى ألا يستمر هذا الانحراف للنهاية، لأنه بالفعل عملٌ جمع الأسرة المصرية حوله من بعد ابتعاد سنوات.