كريم فرغلي
غالبا ما يتم الاحتفاء حسب الشهرة أو الإنجاز الخاص بصاحبه..شيء منطقي..لكن المشكلة أن عدد كبير ممن ساهموا بشكل أو بآخر في مجال ما يُظلمون وفق ذلك المعيار..خاصة إذا توقف إنتاجهم أو عطاءهم لأي سبب من الأسباب.. الجميل في ذلك الفيلم هو احتفاءه بالشغف و توثيقه لواحد من المبدعين الذين كان لهم السبق و التفرد في مجال السينما العربية..هو المخرج اللبناني جورج نصر.
نرشح لك – مؤذن الرسول في “الرسالة” يحكي ذكريات لا تُنسى
يعتبر “جورج” بمعيار الكم مخرج مُقل حيث لم يقدم سوى 3 أفلام طوال مسيرته هم “إلى أين , 1957 ” و ” الغريب الصغير , 1961 ” و “المطلوب رجل واحد , 1973 “..لكن عدد كبير من الحقائق أبرزت شغف و قيمة هذا المخرج القدير قدمها الفيلم التسجيلي “نصر” إخراج بديه مسعد وأنطوني واكد والذي اختتمت به مسابقة “آفاق عربية” أحد أقسام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته التاسعة و الثلاثين .
الشغف ليس كل مايحتفي به هذا الفيلم..التمسك بالهوية أيضا..حيث يحكي المخرج بطل الفيلم كيف حاربته الظروف و طاردت الأفلام المصرية دور العرض فيلمه “إلى أين” وأدى لصعوبة عرضه ثم فشله في نهاية الأمر بسبب اعتياد الجمهور العربي في ذلك الوقت على أجواء الأفلام المصرية بما في ذلك، الجمهور اللبناني بالرغم من عرض الفيلم ضمن مسابقة مهرجان كان السينمائي الدولي قبل أن يتم إعادة عرضه بنسخة مرممة هذا العام في إطار كلاسيكيات “كان” كأول مخرج لبناني يتم عرض فيلمه عرضا دوليا.
المخرج المصر على التعبير عن الهوية اللبنانية في أفلامه وعدم صبغها بصبغة “تغريبية” على حد تعبيره في الفيلم لم يكن من منطلق كراهية بقدر إيمانه بأهمية أن تعبر السينما عن هموم و بيئة المجتمع الذي تتحدث عنه، وبالرغم من اتفاقي الشخصي مع وجهة نظر المخرج إلا أنني أعتقد أن ماذكره كان سببا أدعى لنجاح فيلمه بشكل أكبر نظرا لتفرده في التعبير عن هوية مجتمع غارق في مشاهدة أفلام مستوردة من مجتمع آخر حتى و إن تحدث نفس اللغة .
أزمات و معارك خاضها المخرج اللبناني القدير كان أشهرها محاولات إيجاد فرص لتمويل الأفلام اللبنانية و نقابة خاصة بالسينمائيين.. يقول: ”أما الموزعون اللبنانيون الذين تمرسوا في توزيع الأفلام المصرية في الخمسينات أصبحوا منتجين. ووصل عدد الأفلام اللبنانية – المصرية المنتجة سنويا إلى 25 فيلما ولكنها كانت دون هوية أو جنسية” الأمر الذي دفع نصر إلى رفض إخرج عدد كبير من الأفلام السينمائية و اتجاهه إلى إخراج أفلاما تسجيلية حتى لا يضطر إلى إخراج فيلم هو غير مقتنع به، وهو الشيء الذي ظل مؤمنا به و حريصا عليه حتى الآن.