بما أن هناك وزيرين للتعليم أحدهما للتعليم العالي (الجامعي)، والآخر للتعليم غير العالي (ما قبل الجامعي)، فقد اخترت أن أوجه رسائلي إلى الأخير، نظرًا لأهمية المرحلة التعليمية وما فيها من سلبيات أردت أن أشير إليها عبر هذه الرسائل، لعلها تكون بمثابة جرس إنذار لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في هذه اللحظات الحرجة التي تمر بها البلاد.
وبالرغم من أنني رسام كاريكاتير وكان يمكنني أن أعبر عن ذلك بالرسم، لكنني وجدت أن الموضوع متفرع بشكل كبير لا يمكن تلخيصه في رسم وتعليق مختزل، وكدارس للتربية الفنية وعملي يومًا ما كمدرس لهذه المادة واحتكاكي بالمدارس والتعليم في مصر وجدت أن من واجبي أن أوجه هذه الرسائل.
ورسالتي الأولى هنا عن المدرس، لقد أصبحت مهنة التدريس مهنة ما لا مهنة له، حقيقة واقعة تتجلى في المدارس الخاصة، فلا يوجد أي مانع أن تكون خريج كلية الهندسة وتقوم بتدريس الرياضيات، أو خريج كلية الآداب لغة إنجليزية وتقوم بتدريس اللغة الإنجليزية، المثال الثاني هذا قد يجعلك تسأل: وما المشكلة في ذلك؟ أن يقوم دارس الإنجليزية بتدريسها.. ما المانع؟ أو يقوم دارس الفنون بتدريسها، أو دارس العلوم بتدريسها أيضًا؟ أقول لك إن هناك مواد علمية مؤهلة يجب أن يتعلمها المدرس ليصبح مدرسًا متخصصًا في المادة الدراسية التي يقوم بتدريسها، وهي طرق التدريس وعلم النفس التربوي، بل هناك أيضًا بالنسبة لتدريس الفنون ما يسمى بعلم نفس التربية الفنية، إذن ليس كل دارس لشيء يصلح ليقوم بتدريسه للتلاميذ من دون دراسته لهذه المواد المؤهلة، كل ما سبق أنا على يقين أن أي وزير “تربية” وتعليم يعلمه جيدًا، ولكنني أذكره هنا لكي يعلمه كل من يلحق أطفاله بمدرسة “خاصة” يدفع فيها مصاريف باهظة؛ أن المدرسين بهذه المدرسة غير مؤهلين “تربويًّا” أو “علميًّا” للقيام بمهمتي التربية والتعليم معًا على أساس علمي سليم.
ما خطورة كل ما سبق يا سيادة الوزير؟ وما أثره على أرض الواقع؟
بداية لا يوجد رقابة على المدارس الخاصة، فالمدرسون فيها كعمال التراحيل، يعملون بأجور ضعيفة عشمًا في تعويض ذلك بالدروس الخصوصية، لا يوجد تقرير “أمني” للمدرس قبل تعيينه مثلما يحدث في المدارس الحكومية، حيث لا يتم تعيين مدرس له أي ميول أو نشاط أو توجه سياسي قد يؤثر على فكر التلاميذ، حاليًّا -وما أسرده هنا مبني على وقائع حقيقية- يدخل المدرس “الإخواني” أو “الربعاوي” الفصل ليسب ويلعن في النظام الحالي ويقوم بتصنيف تلاميذ الفصل إلى: من مع “مرسي” ومن مع “السيسي”! ليسخر بعد ذلك من التلاميذ غير التابعين لهذا أو ذاك لينعتهم بالبقر، ولا تستطيع أن تشكو هذا المدرس، لعدة أسباب أهمها أن هذا المدرس -كما ذكرت من قبل- كعامل التراحيل، ربما لا تجد له ملفًّا بالمدرسة أو الإدارة التعليمية، ولا عقد بينه وبين المدرسة يثبت أنه يعمل بها، كما أن المدرسة التي حدثت فيها هذه الواقعة بمدينة العبور بمحافظة القليوبية حيث لا يرى أحد هناك أي رقابة على المدارس الخاصة، هذا المدرس وغيره بنفس هذه المدرسة يتناوبون على بث روح اليأس والإحباط إلى التلاميذ، فتارة يقولون لهم: لا أمل في هذا البلد أن ينهض، وتارة أخرى يقولون لهم ما الذي أتى بكم إلى المدرسة أصلاً؟ كما يخاف أولياء الأمور من الشكوى حتى لا يتم استهداف أبنائهم فيختطفوا مثلاً أو يقتلوا، والبركة في الإعلام الذي قام بالواجب ورسخ مفهوم أن أصحاب هذا الفكر إرهابيون وقتلة.
من الذي سمح بدخول هؤلاء الفصول ليدرسوا لأبنائنا؟ وبدلاً من أن يعلموهم الانتماء للبلد ينفروهم منها ليصبح التلميذ كارهًا لبلده وكارهًا الذهاب إلى المدرسة التي يكرهها من زمان لأسباب أخرى لا تعد ولا تحصى.
الرقابة يا سيادة الوزير على المدارس الخاصة مطلب شعبي، خاصة أن هناك من البسطاء من دخل في جمعيات ووضع تحويشة العمر من أجل أن يتلقى أبناؤه تعليمًا جيدًا في مدرسة خاصة، فرارًا من الكثافة العددية في فصول المدارس الحكومية، ولكن دون جدوى، ليصطدم بمثل هذه النوعيات صاحبة الفكر المتطرف الكاره للبلد وأهلها.
لن يضير الوزارة أن تبعث نشرة إلى المدارس الخاصة بضرورة التقرير الأمني لأي مدرس يتم التعاون معه للعمل بالمدرسة أو التنبيه على المدرسين بعدم التحدث في أمور السياسة داخل الفصول، حيث إن هذا المكان للعلم والتعليم فقط، الأمر خطير يا سيادة الوزير وحلوله ليست معقدة.. إذا ما أردت الحل.
كاريكاتير إيهاب هندي: انتحار مفهوش بركة
نقاش حاد بين رانيا بدوي وعمرو أديب حول “اتفاقية سد النهضة”
عكاشة يشرح خريطة “حرب نهاية الزمان”