اختتمت في الثلاثين من نوفمبر الماضي فعاليات الدورة الـ39 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، والتي عرفت عرض مجموعة من الافلام الجيدة من كافة دول انحاء العالم، حيث احتضنت قاعات السينما في دار الأوبرا أو وسط البلد أزيد من 175 فيلما تمثل 53 دولة؛ موزعة بين المسابقة الدولية، التي ضمت أفلاماً مهمة؛ مثل الفيلم الإيطالي “فورتوناتا Fortunata”إخراج سيرجيو كاستيليتو، الفيلم الفرنسي “موسم في فرنسا A Season in France” إخراج التشادي محمد صالح، الفيلم البلجيكي “Insyriated” إخراج فيليب فان ليو الذي يحكي قصة عائلة تعيش وسط الحرب والدمار في سوريا، الفيلم التشيلي “الخيول Los Perros” للمخرجة مارسيلا سعيد، الفيلم الأذربيجاني “بستان الرمان Pomegranate Orchard” إخراج إيلجار ناجاف الذي يحمل الكثير من الرمزية واشتغال كبير على الصورة، الفيلم الإيطالي “المتسلل The Intruder” للمخرج ليوناردو دي كوستانزا والفائز بالجائزة الكبرى في المهرجان، ناهيك عن المسابقات الموازية التي ينظمها المهرجان؛ مثل “أسبوع النقاد”، الذي يعرض الأعمال الأولى والثانية لمخرجين من كافة أنحاء العالم، و”آفاق السينما العربية”، الذي يحتفي بأحدث إنتاجات السينما العربية، و”سينما الغد”، الذي يعرض الأفلام القصيرة.
كما قام المهرجان بتنظيم ندوات مهمة؛ أولها عن “مناهضة العنف ضد المرأة”، وثانيها عن “تحديات السينما المصرية” بينما تمحورت الثالثة حول “Netflix ومستقبل التوزيع السينمائي.
تابعت حفل افتتاح الدورة الـ39 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي على المباشر في قناة dmc والتي دخلت كأحد الرعاة الرئيسيين للمهرجان ما جعلها تحتكر بث حفل الافتتاح وهو الأمر الذي لم تتقبله الصحافة المصرية سواء مرئية أو مكتوبة، وصار هذا الموضوع مادة دسمة لكل الصحفيين وشغلهم الشاغل في حين أغفلوا تفاصيل الافتتاح والبرنامج العام للمهرجان.
التساؤل الأول الذي تبادر إلى ذهني، هل هؤلاء الصحفيين الذين ينتقدون احتكار القناة لحفل الافتتاح سيحضرون إلى قاعات السينما ويشاهدون الأفلام، ولكن الإجابة كانت صادمة لأن أغلبيتهم لا يشاهدون الأفلام بل يعيشون في سجن الفضاء الأزرق ويجعلون منه منبرا للانتقاد في حين يغفلون أهم شيء في المهرجان وهو الأفلام والندوات.
عرفت الدورة الـ39 من المهرجان عرض أزيد من 175 فيلما من مختلف أنحاء العالم، حيث أتاح لنا المهرجان التعرف على تجارب سينمائية جديدة وعلى دول لم يسبق أن شاهدنا أفلامها مثل الفيلم الأذربيجاني “بستان الرمان”، أو الفيلم البلجيكي “في سوريا” الذي يعالج قصة عائلة مسجونة في بيتها خوفا من الموت الذي يهددها وخيوط الحرب والدمار الذي تعيشه سوريا، كما عرف المهرجان في مختلف اقسامه عرض افلام مهمة سواء في افاق السينما العربية أو اسبوع النقاد أو برنامج سينما الغد، ولكن كل هذه البرامج والأفلام التي أتاحتها إدارة المهرجان لم تشفع لها عند دعاة السينما الذين يختصرون المهرجان في حفلي الافتتاح والاختتام، متناسين الأعراف السينمائية التي ربما لا يعرفونها اصلا أو أن اعتقادهم السائد أن أهم ما يميز المهرجان السينمائي هو حفل الافتتاح أو الاختتام، وللأسف هذا هو السائد فالكل مدح حفل الاختتام الذي كان جيدا ببساطة لأن النجوم حضروا وزين نيكولاس كايج وهيلاري سوانك وغيرهم البساط الاحمر، والجدير بالذكر ان الذين امتدحوا حفل الاختتام هم نفسهم من انتقدوا الافتتاح وهم نفسهم من لم يشاهدوا ربما ولا فيلم في المهرجان.
ما يميز مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دوراته الاخيرة أن رئيسة المهرجان الدكتور ماجدة واصف والمدير الفني يسوف شريف رزق الله آمنوا بالشباب ليقودوا سفينة المهرجان إلى بر الأمان، حيث نجد نائب المدير الفني الناقد الشاب أحمد شوقي الذي اخذ على عاتقه مسؤوليات كبيرة في اختيار الافلام وجلبها للمهرجان مع المنافسة الكبيرة التي يشهدها المهرجان من طرف مختلف المهرجانات العالمية وهو الذي يقع بين المطرقة والسندان، مطرقة مهرجاني الجونة وقرطاج، وسندان مهرجان دبي، ولكن رغم هذا حافظ على مكانته المرموقة بين مصاف المهرجانات من صنف “أ”.
ويدير الناقد السينمائي مجدي الطيب المركز الصحفي للمهرجان حيث لا يغفل أي تفصيل صغير، وكان رفقة الشباب العاملين معه حلقة وصل في شبكة المهرجان، ومثلما أشرنا إليه فإن المهرجان يعتمد على القدرات الشابة، حيث أشرف الناقد الشاب المتميز محمد عاطف برنامج “سينما الغد”، ويشرف على برنامج “أسبوع النقاد” الناقد الشاب رامي عبد الرازق، في وقت يدير الندوات والمناقشات التي تلي الأفلام الناقد الشاب أندرو محسن، والكل أدى مهمته على أكمل وجه.