محمد صلاح.. أسبرطة الكرة المصرية

محمد رضا

أغلبنا -إن لم يكن جميعنا- قد شاهد الفيلم الأسطوري “300”، والمعروف باسم “إسبارطة” للممثل العالمي جيرارد بتلر (Gerard Butler)؛ هذا الفيلم الذي جسد قصته بطل يُحيي إمبراطورية الرومان ويعيد أمجادها بجيش قوامه 300 فرد. لم تختلف قصة هذا الفيلم عن البطل الذي نحن بصدد الحديث عنه فهو من ساهم في إعادة أمجاد الكرة المصرية.

أشعر أن القارئ قد تنبأ في المقال بالشخص المقصود وهو بالفعل العالمي محمد صلاح الذي أصبح أسطورة الكرة المصرية بل العالمية، وما حققه من نجاح تحدثت عنه الكثير من المواقع والقنوات، متناولة حياته الشخصية ورحلة صعوده، وأسرته ذات الطبقة المتوسطة ومعاناته ونشأته وحديث أهل مدينته عنه؛ ولكن في هذا المقال الأمر مختلف.

محمد صلاح الذي ساهم بشكل كبير في صعود منتخبنا الوطني لكأس العالم روسيا 2018 في مباراة عصيبة كاد فيها الحلم أن يبقى سرابا -وإن لم يحرز صلاح هدفه المنشود كنا في ذلك الوقت بكينا على الأطلال- ولكن فعلها على طريقة الكبار وصنع أسطورته الخاصة.

شاهدت المباراة وانتهت وشاركت كمثلي في تعبيري عن الفرحة وتصوير المصريين في شوارع القاهرة يفرحون بشكل هستيري وفكرت في شعور هذا البطل. وبعد انتهاء الاحتفال جلست أفكر وأنا أقلب قنوات التلفاز لأتابع حديث البرامج الكروية عن هذا الإنجاز، لتقع عيني على المشهد الخطير في الدقائق الأخيرة من مباراة مصر والكونغو والتي كادت قلوبنا أن تتوقف عن النبض فيها.

بعد الهدف الذي أحرزه منتخب الكونغو في الدقيقة 86 سقط صلاح مثلما سقط ليونايدس بطل الفيلم في مشهد لم ينس، وكأن الهدف كان بمثابة طلقة أصابت صلاح في قلبه ليسقط في مشهد خيم عليه الحزن. وبينما الكل يفكر في لملمة أوراقه وجراحه والبكاء على الأطلال والترحم على الحلم الذي ضاع هباء منثورًا؛ إذا بصلاح ينهض في مشهد بطولي وقد تخلى عن كل الأفكار السلبية ليصبح فكره متلازماً مع حركته، كما تخلص ليونايدس من درعه وسيفه في مشهده الشهير استعداداً للاستسلام لملك الفرس بعدما تم حصارهم. وإذا به يصيح “إسبارطة” ويلقي برمحه ليصيب ملك الفرس إصابة بالغة. لم يُمح من ذهني ذلك المشهد المعبر، مع ما فعله صلاح بعد سقوطه على الأرض، ولم يختلف مشهد صلاح كثيراً عن ذلك المشهد فكلاهما سقط بمحض إرادته ليعاود النهوض مرة أخرى ليصنع الأمجاد والتاريخ.

لقطة صلاح وهو يعاود النهوض هي نفس لقطة ليونايدس؛ فهل شاهد صلاح هذه الملحمة ليتأثر بها أم هو بطل بذاته؟ أُجزم أنه بالفعل لديه جينات القائد البطل ظهرت جلياً وهو يصيح “يالاااااا”. تخيلتها وكأنه يقول “مصر” وهو يقود جيشًا ليس قوامه ثلاثمائة فرد ولكنهم أحد عشر فرداً صنعوا الفارق ووصلوا للحلم. وبالفعل حدثت المعجزة ومرت الدقائق كما مر سهم ليونايدس عبر محاربي الفرس في ترقب وحذر وصولاً إلى الملك ليصيبه. وجاءت لحظة الحلم ضربة جزاء في الدقيقة الثالثة من الوقت بدل الضائع ليتقدم إليها صلاح برمحه المتمثل في قدمه ويرمي برمحه فيصيب ملك الكونغو وهو حارس المرمى ليطرحه أرضاً لتبقى الملحمة الأسطورية “محمد صلاح”.

فهنيئا لنا صلاح وإنجازاته وأدعوكم للقب الجديد “إسبارطة الكرة المصرية”.

مشهد صلاح

الفيلم المشهد في الدقيقة 5:25