لا أعلم إن كان البعض فهم عن طريق الخطأ أن مقالا كتبته هنا من قبل عن المذيعة ريهام سعيد بعنوان “فيها حاجة حلوة”، قد قصدت منه التعبير عن إعجابي ببرنامجها، فالبعض قرأ العنوان “وطار”، وهم معذورون لأن الحياة أصبحت أسرع من قراءة كلمات كثيرة قد تحل محلها “شغلة أهم” باللهجة اللبنانية.
إن وصلت إلى هنا وقررت مواصلة القراءة، فأقول لك إن الحقيقة أن الحسنة الوحيدة في برنامج “صبابا الخير” الذي تحول بقدرة قادر إلى “جرائم الشر” هي أن المذيعة -التي تحب نفسها أكثر من حبها “للكنافة بالمانجو”- كانت تنتهج أسلوب المتابعات لبعض القضايا التي تهم شريحة من المجتمع مهما كانت اهتماماتها، وكنت أرى في بعض تلك الحلقات تلميحات باستفادة البعض من مشاهدة تلك القضايا قد تفيدهم في التعلم منها والاتعاظ، أو الوقاية من طرق حديثة للجريمة.
الأمر الذي خرج عن حده هو أن ريهام نفسها لجأت لطريقة جديدة في ارتكاب الجرائم بحق المشاهدين.. لا أعلم مدى صحة فلسفتها اللولبية التي تقول “مش عاجبك غير المحطة”، حسنا.. فماذا يمنع أصحاب القنوات من إذاعة أفلام البورنو أو المواد التحريضية بنفس تلك الفلسفة؟، ومن لا يروقه ذلك فعليه استخدام الآلة السحرية “الريموت كنترول”، لكن من الواضح أنها تعلم أنها فلسفة فاشلة، فمن لا يشاهدها في الأصل لن يسمع تلك العبارات التي تهدده بالندم لو لم يشاهد حلقات “أوبرا وينفري مصر”.
ريهام سعيد تتاجر بآلام الناس وتؤذي مشاعر الجمهور، بمحتوى معظم الحلقات وصور الجثث وغيره، فهي تسعى جاهدة لعمل أي فرقعة إعلامية تحقق لها نسب مشاهدة ترضي غرورها وتبقيها على الساحة في أحاديث الحواري والمقاهي وأسواق الخضار، بحلقة عن العفاريت، أو طفلة توفيت أثناء عملية جراحية، أو شخص غير جنسه، أو أخرى عن شخص قتل زوجته، هي قابلت وجه كريم، وهو قابل مذيعة “مش ندمان؟” مكبّلا، متأذيا من أضواء الكاميرا، ومن أسلوب النصح والإرشاد وانتزاع الاعترافات والتحقيق الإعلامي معه، وربما كان ذلك المصير الأقل ضررا مما يلاقيه طرف الجريمة الآخر.
وأنا هنا أسأل: أي هدف من أهداف الإعلام تسعى السيدة ريهام سعيد لتحقيقه؟، وماذا استفاد الشارع المصري من حالة الجدل حول الحلقة الأكثر مشاهدة لها والتي أظهرت فيها بعض البنات يؤدون حركات بهلوانية بداعي المس الشيطاني والعلاج ببذر الليمون و”قرن فلفل أحمر دكر على رأي الفنان الكبير عادل إمام” وباقي الحلقات الغريبة التي تقدمها؟، هل هو الترفيه والتسلية، أم التثقيف؟ أم تكوين رأي عام تجاه قضية معينة؟ أم نقل المعلومات للمواطنين لتنويرهم؟، وإن كنت أعتقد أنها اخترعت نوعا جديدا من “إعلام الرعب والشعوذة”.
للأسف، ليست ريهام وحدها التي تسعى لتلك النوعية من الجرائم لعرضها على ملايين المشاهدين أمام الشاشات، فهناك برامج أخرى لا يجد القائمون عليها أي غضاضة في إيذاء الناس بما يبثونه، ويتعمقون ويحللون ويتسابقون لمحاورة القتلة وتجار المخدرات والسلاح ومغتصبي الأطفال والشواذ والملحدين، وهم فقط يلعبون على جانب الإثارة والبحث عن المشاهد الذي يدفعه الفضول دائما لمشاهدة تلك التفاهات، وبالتالي يشاهدها أطفال لا حول لهم ولا قوة، ويلجؤون فيما بعد لتقليد تلك الأمور الغريبة، لتتحول قيمة الإعلام الحقيقية إلى وسيلة لتربية جيل لديه خلفية كافية عن تفاصيل الجرائم وطرق ارتكابها، أو التفكير في تقليد ملحد أو شاذ، ويكون الفضول هو الدافع المشترك بين مجرد مشاهد، وابنه الذي قد يصبح مستقبلا مجرما ينتظر ريهام سعيد جديدة تحاوره في الحبس.
اقرأ أيضًا:
طارق عباس: ضغط الفيسبوك.. صداع في رأس الداخلية!
طارق عباس: ترسانة “داعش” الإعلامية!
طارق عباس: علاقة سما المصري بـ”الأدمن الحيحان”! (+18)
طارق عباس: معتز “إوعوا تروحوا في أي حتة”.. راح هُوّ!
طارق عباس: رسائل السيسي “المشفّرة”
تامر أمين: قناه الجزيرة بقيت هوبا قوى
رقية السادات توضح سبب اتهامها لمبارك فى قتل والدها
الحسيني: اقسم بالله أنا بحب السيسي أكثر من والدي
شريف عامر ضيف مكتبة الإسكندرية
انقطاع البث عن أحمد موسي من إثيوبيا
تامر أمين: أنا فرحان فى هشام عبد الحميد
محمد هانى يرد على منتقدى أبلة فاهيتا