محمد سلطان محمود يكتب: الوقوف على ناصية مكي

الفن الجيد دائمًا ما يفتح باب النقاش للأفكار التي يطرحها الفنان، تتفق أو تختلف معها، لكنها تجعلك تفكر وتطرح الأسئلة وتبحث عن الإجابات. وهو ما ينطبق على أغنية أحمد مكي الجديدة “وقفة ناصية زمان”.

الفيديو يتمتع بصورة جميلة مبهجة، والرسومات على حوائط منطقة الطالبية دليل أن الفن والإبداع والإحساس بالجمال متاحين للجميع في أي مكان، أما الأغنية فبالتأكيد يعيبها “إقتباس” اللحن والتوزيع من أغنية The Truth للمطربة الأيرلندية رويزن ميرفي، وهي أغنية تم إنتاجها عام 1999.

نرشح لك: وقفة أحمد مكي التي طالت على “ناصية زمان”

قد تبدو فكرة أغنية “وقفة ناصية زمان” غريبة على البعض ممن لم يعاصروا فترة أخلاق الشارع والمنطقة، لكن يكفي أن تمر بأي شارع جانبي في مدينتك وتتأمل الشباب والفتيات الواقفون على ناصية الطريق، لتدرك مدى تغير طبيعة الشارع، وغياب المعاني التي قام مكي بالغناء عنها في وقفة ناصية زمان.

الانتقادات التي وجهها مكي للواقفون على نواصي الشوارع الآن بها الكثير من المصداقية والموضوعية، بينما الانتقادات الموجهة للأغنية غاب عن الكثير منها الموضوعية، واتهام مكي بالتكرار أصبح اتهام سهل ونمطي، فما هو الخطأ في الحديث عن منطقة الطالبية؟ وكيف تحول العديد من مستخدمي مواقع التواصل الإجتماعي إلى خبراء في علم الإجتماع مما ممكنهم بكل بساطة القيام بتحليل لطبيعة سكان منطقة الطالبية ومدى مصداقية الصورة التي ظهرت بها الطالبية بالفعل في فيديو الأغنية الذي قام بإخراجه أحمد مكي.

البعض يلوم على أحمد مكي تكرار الفكرة في الحديث عن الحنين إلى الماضي، لكن هل يمكن لأحد أن يذكر مثال لمطرب لم يكرر الغناء عن فكرة ؟ إذًا لننتقد قيام مكي بالغناء عن حنينه إلى الماضي عندما يتوقف باقي مطربي العالم عن الغناء للحب والفراق ولوعة الإشتياق.

نرشح لك: لماذا ظهر كوافير أحمد مكي على تتر “وقفة ناصية زمان”؟

أخلاق وقفة ناصية زمان تغيرت مثلما تغيرت سلوكيات الأشخاص الذين كانوا يقفوا قديمًا على تلك الناصية، وبالتأكيد تغيرت سلوكيات المراهقين في وقتنا المعاصر واهتماماتهم، كما ارتفع سقف رقابتهم الذاتية، السقف الذي يجعلهم يتفاخرون بمعرفتهم باسماء ممثلات الأفلام الإباحية على مواقع التواصل الإجتماعي، حدود العادي والمقبول في اتساع، الجيل الذي يتسلم راية المستقبل من الجيل الذي سبقه في الوقوف على الناصية، أصبح أكثر صراحة وجرأة من تقبل فيديوهات شاهد قبل الحذف التي أغرقت موقع يوتيوب في بدايات إقتحام الانترنت للوطن العربي، بل أصبح يعترف ويجهر بمواقعه الإباحية المفضلة، حقيقة سخيفة ولا نستطيع إنكارها ، قد تكون تلك الفئة من المراهقين هي الأقلية، لكنها الفئة الظاهرة والواقفة على ناصية الإنترنت.

نرشح لك: محمد سلطان محمود يكتب: محمد هنيدي بين احتفاء تويتر واختفاء الجمهور

الملفت، أن نفس الجيل الذي انتقده مكي في أغنيته هو من تقبلها ورحب بها وجعلها تحقق ملايين المشاهدات في أيام عرضها الأولى، بينما اكتفى العديد من أبناء جيل وقفة ناصية زمان بانتقاد مكي ليس للتكرار في الحديث عن الماضي، لكن لإدراك حقيقة أن ذلك الماضي لن يعود، كما لن يعودوا هم للوقوف على ناصية الشارع.