عندما عُرض مسلسل “سابع جار” على شاشة قناة CBC، جذب أنظار المشاهدين، وبدأوا في نصيحة بعضهم بعضًا بمشاهدة هذا المسلسل الذي يقوم ببطولته مجموعة من النجوم والنجمات. لكن بعد فترة من العرض بدأ الانقسام يدب وسط قطاع من المشاهدين، حيث تطرق العمل بجرأة إلى صورة المجتمع المصري بمختلف شرائحه. وبين الهجوم والتأييد، استطاع أن يخلق حالة من الجدل، وهو أحد أهم أسباب وجود الدراما في حياتنا، أن تحرك هذه المياه الراكدة من صمت السنوات.
نرشح لك: سارة عبد الرحمن ترد على الانتقادات الموجهة لـ”سابع جار”
من هذا المنطلق، محررات إعلام دوت أورج قررن الكتابة عن رأيهن في العمل، من منظور شخصي ونسائي بحت، ليس من باب المشاركة في الجدل، لكنها محاولة لترتيب الأفكار.
نرشح لك: هناء الشوربجي.. بونبوناية “سابع جار”
الجدل دليل نجاح
إسراء إبراهيم
من الأشياء التي استحسنتها في المسلسل، طريقة عرضه للأحداث بواقعية تجعلك تشعر وكأنك جزء من حياة تلك العمارة التي تظهر لنا خلال العمل، كما أن الشخصيات التي ارتبطت بها خلال المسلسل هي شخصيات النجمتين دلال عبدالعزيز وشيرين؛ حيث يجسد الثنائي حالة من الانسجام والتجانس تجعلك تتناسى أنهما ليستا شقيقتين فعليًا.
أعتقد أن المسلسل أظهر تناقضات المجتمع الذي نعيشه، من خلال خطيب “دعاء”، الرجل المتدين الذي لا يمانع أن ينظر إلى أخت خطيبته بالرغم من تدينه الظاهري؛ وكذلك من خلال حوار “هبة” مع جارتها “مي” عن جارها “طارق”: “أنا بعك وبحب واحد متجوز”، لترد “مي”: “حرام قوي الموضوع مالوش مستقبل ده مش حب وبعد كدة هتحسي بالذنب”. وعلى الرغم من هذه النصيحة إلا أن “مي” تقع في نفس الذنب بل وأكبر من مجرد علاقة حب فقط.
نرشح لك: صفاء جلال.. كيف ظهرت أكثر نضجًا في “سابع جار”؟
ومن الأشياء التي استوقفتني، حوار “هالة” مع زوجها ليلة الزفاف: “متزعلش مني إنت أول راجل في حياتي؛ وأول مرة حد ينام جنبي وأنا آسفة إني بقولك الكلام ده”. هل من الطبيعي أن يكون للسيدة أو حتى للرجل علاقات قبل الجواز؟، وفي حالة عدم وجود علاقات، نعتذر؟! كما أنني كنت أفضل زيادة سن التصنيف لأكثر من الثانية عشر لأن المسلسل يناقش قضايا شائكة كثيرة. في النهاية حالة الجدل التي حققها المسلسل دليل قاطع على نجاحه.
دفاعا عن “سابع جار” ضد كل الافتراءات
إسراء النجار
لا أحجر على مشاعر ودوافع الصادقين ممن لم تعجبهم هذه الدراما من منظور فني وليس أخلاقي، ولكنني أرى أن العمل حُمّل ما لا يطيقه، لبساطة وتلقائية كل العوامل التي شاركت في نجاحه، ولأنه ينتصر لمشاعر المرأة ويعبر عن أوجاعها ومخاوفها بسلاسة وصدق. إذن من يقول إنه يقلل منها أو يظهرها “رخيصة” أو معقدة أو غبية لمجرد أن الدراما سردت بعض هذه النماذج؟
نرشح لك: إيمان سراج تكتب: العلاقات المحرمة في “سابع جار”
الإجابة تكمن في “عقد” و”نفسيات” “المجتمع المتدين بطبعه” والذي بالمناسبة يشكل الجنس الناعم أغلبيته، ولكننا أساتذة في إصدار الأحكام على أنفسنا وعلى كل من يختلف عن طريقتنا في الحياة، لذا نشاهد كل أنواع الدراما التافهة وعلى رأسها التركية، ولا نتعجب من المحتوى المشوش بدعوى أنه “بيحصل برة”!
للخائفين من تأثير المسلسل على بناتهن بالتحديد، أقول: إذا كنتَ -أو كنتِ- خائفا من تقليد ابنتك لعلاقة “مي” مع جارها أو طريقة “هالة” المجنونة في الزواج أو “طيش” هبة أو حتى التزام “دعاء”، فحضراتكم تفتقدون الحوار بينكم وبين أولادكم، ولا تعرفون عنهم شيئا سوى المأكل والمشرب؛ وفي هذه الحالة كفى شعارات، ولا تُحمّلوا الدراما فوق طاقتها بسبب تعثركم في التربية.
“سابع جار” وهدم الثوابت “المهدومة أصلا”
شروق مجدي
يتزامن موعد عرض الحلقات مع موعد عودتي للمنزل بعد أيام جامعية شاقة –في معظمها- فيمثل لي حالة أحاول من خلالها أن أتناسى ما يحدث في عالمي الواقعي. وعلى الرغم مما يقدمه ذلك العمل من حس فكاهي من شأنه أن يؤدي ذلك الغرض، لكن الحقيقة أن الأمر ينتهي بأن أصطدم مرة أخرى بعالمي الواقعي في نهاية كل حلقة.
فقد أثار العمل آراء الجماهير بين من يعترض على أن المسلسل يهدم الثوابت المجتمعية -خاصة المرتبطة بالطبقة المتوسطة- وآخرين لا يرون من الأساس وجودًا لتلك الثوابت. ولكن ما يثيرني في هذا العمل، هو وجود تشابه كبير بين معظم شخصيات المسلسل وبين المحيطين بي في حياتي، بداية من الأمهات اللاتي يشبهن الأمهات في حياتنا، انتهاء بـ”كريمة” التي تشبه إحدى جاراتنا بصورة كبيرة.
نرشح لك:أحمد داش عن “سابع جار”: “التعامل مع 3 مخرجات متعب”
أرى نفسي كثيرًا في شخصية “هبة” لدرجة تجعلني أتفاعل مع شخصيتها وأخاف عليها أن تتعثر في أي خطوة، وبداخلي خوف على مستقبلي أنا وليس مستقبلها هي وحدها. وهكذا، فكل أحداث المسلسل حتى التي يقول البعض إنها تهدم ثوابت المجتمع، تُرجعني إلى الواقع المحيط بي والذي هدمت فيه الثوابت بالفعل، وعلى الرغم من ذلك فإن المشاهد الأسرية العفوية التي تُعرض خلال الحلقات تثير بداخلي مشاعر السعادة والدفء مثلما تفعل بي تلك اللحظات في عالمي أنا.
عوانس لأ.. قاصرات ميضرش
شيماء خميس
منذ ما يقرب من أربعة أعوام عُرض على شاشات التليفزيون خلال شهر رمضان الكريم مسلسل “القاصرات” بطولة الفنان “صلاح السعدني”، والذي يرصد جريمة زواج القاصرات في مصر. وتُعد أحداث المسلسل شديدة القسوة لكل من تبقى لديه قلب وبضع ذرات من الإنسانية، ومَر المسلسل مرور الكرام ولم يتوقف أمامه أي من المدافعين عن الأخلاق وتماسك الأسرة المصرية إلا قليل.
بينما يعُرض مؤخرا مسلسل “سابع جار” على قناة cbc الذي يرصد نماذج مجتمعنا المختلفة، من خلال مجموعة من سكان أحد العمارات، وجاءت ضمن شخصياته المثيرة للجدل شخصية “هالة” التي قدمتها الفنانة “رحمة حسن” وهي فتاة جميلة رقيقة ومتفوقة بعملها ومستقلة مادياً وتخطت العمر المتعارف عليه للزواج بسبب رفضها تكرار تجربة والدتها المريرة، تلك الفتاة التي ألمها الاحتياج لعاطفة الأمومة وظلت تُصارع “عُقدتها” التي تسبب بها والدها، وبين عاطفة تملكت منها، إلى أن قررت أن تتزوج من زميلها “علي” الذي قام بدوره الفنان “محمد علاء” وعقدت اتفاقا معه على الانفصال بعد أن تنجب منه.
نرشح لك: دلال عبد العزيز: لهذا السبب نجح “سابع جار”
وبين التغاضي أمام “القاصرات” والهجوم العنيف ضد “هالة”، تتجلى ازدواجية مجتمعنا المصري الذي لا يُحرك ساكنا عندما يشاهد عملا دراميا يرصد ظاهرة زواج طفلة من كهل، ويُهاجم بشراسة عملا دراميا إحدى بطلاته عاقلة رشيدة ويُجرمها فقط لأنها تريد أن تصبح أما، وسعت إلى تحقيق هذه الأمنية الغالية على قلب كل نساء الأرض، بزواج شرعي علني.
“هالة” و”هبة” و”مي” نماذج لفتيات تحيا بيننا لا نعرفهم، أو نعرفهم ولا نراهم، أو نراهم ونغض الطرف عن آلامهم فقط لأنهم لا يشبهوننا. فالتمسوا لي العذر أيها السادة حينما أخبركم أن تمسككم بالأخلاق على “الدواق”، فحسب التعداد السكانى لوطننا الحبيب عن عام 2017 –الفعلي وليس المدون في سيناريوهات الدراما– عدد زواج القاصرات بلغ أكثر من 9 مليون نسمة، ولم يهتم أحد.
على ماذا يُربوننا؟!
شيماء نبيل
جميعنا نعلم أن الأسر بالطبقة المتوسطة مازالوا يحتفظون بعادات وتقاليد المجتمع الشرقي، وهذا أيضًا ما اعتدنا عليه في المسلسلات الاجتماعية التي تربى عليها جيلنا من مواليد الثمانينات والتسعينات، والتي كانت بمثابة غرس للقيم والأخلاقيات المجتمعية واحترام الوالدين.
وعلينا أن نعلم جيدًا أن هناك فئات عمرية في حياة الفرد كمرحلة “المراهقة” يقتدي فيها بتلك الأعمال، حيث يكون الهدف من العمل هو تعديل السلوك، كعرض المشكلة في البداية والحل في النهاية بانتصار الخير على الشر.
نرشح لك: قصة “هشام” سابع جار الذي تألق في الـ”فريند زون”
مسلسل “سابع جار” ألقى الضوء على تلك الطبقة ولكن باختلاف العادات والقيم التي تربينا عليها، وجميعنا اعتقد في البداية أن هذا العمل الدرامي نابع من داخل “البيوت المصرية الأصيلة”، ولكن مع توالي الحلقات شعرت وكأني أقوم بمتابعة مسلسل تركي وليس مصري، فلماذا لم تشعر شخصية “مي” بالذنب أو الخوف وهي تعلم بأنها تفعل شيئا من الكبائر التي يرفضها الدين والمجتمع؟، وصديقتها التي ترغب في الطلاق لمجرد الملل وإقناع والدة “مي” لها بالطلاق إرضاءً لرغبتها، فلا نلوم أنفسنا على ارتفاع معدل الطلاق في مصر؛ وتعامل شخصية “هبة” مع والدتها بإحراجها دائمًا، بالإضافة إلى التدخين وتعاطي المخدرات، ودخول منازل شباب بمفردهم، بدون أي توضيح لعرض الهدف من تلك الدراما، فلا نلوم أنفسنا على زيادة نسبة التدخين عند الفتيات ورغبتهم في تناول الخمور واستخدام مصطلح الصحوبية بكثرة وأن الأكثر التزامًا ما هي إلا شخصية مُعقدة.
هذا العمل أثار الكثير من الجدل والغضب من البعض على الرغم من أن هناك أعمالاً تعرض المزيد من الجرائم المجتمعية، ولكننا نعلم الهدف منذ البداية، والنهاية تكون إما معاقبته أو توبته؛ بينما “سابع جار” يعرض تلك السلوكيات على أنها الطبيعي في حياة الكثيرين. من رأيي أنه حتى وإن كانت هناك بالفعل تلك السلوكيات وأكثر من ذلك، فلا رغبة لي أن أراها، ولا أن يعلم بها من هم على فطرتهم والذين يتأثرون بمن حولهم وتتغير سلوكياتهم رغبة منهم في التقليد، لأن المسلسل عرض ذلك الأمر على أنه طبيعي.
عزيزي المشاهد.. الواقع محاصرك والإنكار لا يُفيد
فاتن الوكيل
على المستوى الشخصي نجح المسلسل في جعلي أبتسم عند مشاهدة متاهتي في شخصية “هبة”، وإحباطي من عالم الرجال بشكل عام في شخصية “هالة”، وتقديري لحالة الرعب التي تنتاب “عمرو” -هاني عادل- من فكرة إنجاب طفل في هذه الدنيا، بغض النظر عن سلبيات شخصيته الأخرى، لكن الأهم هو عرضه للواقع بذكاء وصراحة وبساطة شديدة، أظهرت حجم الفصام “المقصود” عن الواقع، والذي نشاهده يوميا حولنا.
المسلسل في البداية جذب أنظار ملايين المشاهدين، وبعد قرابة عشرين حلقة، بدأ قطاع من “المشاهدين المعجبين” بالتحول والهجوم على المسلسل، واتهامه بعرض واقع خارج وغير حقيقي -أكيد طبعا يعني- لشرائح من المجتمع، بل والدعوة إلى إقامة علاقات محرمة على غرار “مي وأحمد”! وتجميل صورة بائعات الهوى، ولسان حاله يقول “لا متفقناش على كدة”.
نرشح لك: سابع جار.. مسلسلات الجيران تنجح دائمًا
هؤلاء تابعوا المسلسل في البداية، على أمل أن يكون “عادي.. ساذج.. مضحك” أو الاستمتاع بعرض مشاهد طريفة عن علاقة الأم وأبنائها كما قدمتها الفنانة دلال عبد العزيز، أو خناقات الجيران والأزواج. لكن هجومهم بعد ذلك ارتدى قناع الدفاع عن الأخلاق والقيم، فكيف يقوم المسلسل “ويتجرأ ويفتح بقه” حول مشكلات وشخصيات موجودة بالفعل، وهم لم يستعدوا -ولن يستعدوا- لمناقشة مثل هذه القضايا الشائكة؟، لقد كانوا في انتظار “ترييح الدماغ” فوجدوا الحقيقة تؤلمهم أكثر.
الطبيعي عندما يخذلني مسلسل، أقوم على الفور بالتوقف عن مشاهدته، لكن الغريب أن هؤلاء يشاهدونه بقدر حماسهم لسبه وشتمه، وهو ما يؤكد أن ما يُعرض يمسهم أو شاهدوه في الواقع، ولكن انتابهم رعب من أن يروا ما دفعوا أعمارهم في التكتم عليه، مجسدا أمامهم على الشاشة.. إنها حالة الإنكار المزمنة قاتلها الله.
السعادة بـ”التفاصيل العادية”
نورا مجدي
من الأشياء التي لفتت انتباهي قدرة صناع العمل على رصد تفاصيل الحياة بين الأقارب مثل “أولاد وبنات الخالة” ببراعة، فلم أشاهد عملًا منذ فترة طويلة، يجعلني أقارن بين طريقة تعامل أبناء “دلال عبد العزيز” وأبناء “شيرين” مع بعضهم البعض، وبين حياتي الشخصية مع أبناء وبنات خالاتي، ما جعلني أشعر بالامتنان لوجود عمل يتناول مثل تلك التفاصيل الـ “عادية” التي تعبر عن حياتنا التقليدية.
نرشح لك: سارة عبد الرحمن من “بِروتة” أحمد حلمي لـ “هبة” في “سابع جار”
ونجد أيضا بعض العادات التي كانت موجودة بل -ومازالت لكن في أضيق الحدود- بين الجيران، حيث نشاهد في المسلسل مشاركة سكان العمارة بالمأكولات، ومساندة بعضهم البعض في الشدائد، وجزءًا من تلك العادات التي لم يعد يُسلط عليها الضوء في معظم الأعمال الدرامية الجديدة رغم أنها لازالت موجودة.
وبعيدا عن التجاوزات التي يفرضها المسلسل على المجتمع عن طريق انسيابية التعامل بين الأبطال بشكل يحتمل الصواب أو الخطأ، إلا أن تلك التجاوزات قد تكون موجودة عن قصد من قبل صناع العمل، لمواجهة التصرفات الخاطئة بعرضها؛ أو لتثبت نفسها كعادات جديدة أصبحت واقعا بين أبناء الطبقة الوسطى. لكن في النهاية، يجب أن نعترف بـ “سابع جار” كمسلسل مصري نجح في نقل صورة أقرب للواقعية في حياة المصريين.