قبل نهاية كل عام، تُجري الشركات والمصانع والمؤسسات جردًا سنويًا، تحصر عن طريقه مكاسبها وخسائرها، صحيح أن حرائق الصدفة والماس الكهربائي تعوق الجرد عن إخراج نتائج واضحة، إلا أن بعض المؤسسات والمصانع قد صادفها النجاح.
أعرف شخصيًا المئات من البشر، يسيرون بالورقة والقلم، لكل شيء خطة، لكل يوم جدول، لكل طقس موعد، يدرسون مزايا وعيوب كل شيء قبل التحرك لخطوة واحدة، حياتهم دراسات جدوى كبيرة، الأمر قد يبدو آمنًا، ولكنني جربته فوجدتني تحولت لآلة بشكل تدريجي، صحيح أن مثل ذلك التخطيط يقلل من احتمالات أن تباغتك المفاجآت.. ولكن مثل تلك المفاجآت هي التي تعطي الحياة بهجتها، وتمنحك شغف أن تواصل متابعة أحداث حياتك.
الفرق بين المؤسسات والأفراد ليس شاسعًا، فإن لم يكن للجرد السنوى سوى ميزة واحدة وهي التعلم من أخطاء الإدراة لتجنب خسارة ما قد لحقت بالمؤسسة أو مكسب ما ضاع في طريقه لخزانتها بسبب هذا الخطأ، فكفى بها ميزة، بالمثل، فإن جردك لتصرفاتك وقراراتك وتقييمك لعلاقاتك بمن حولك له جزيل الشكر، إن تمكن من لفت نظرك لمواطن القوة والضعف بداخلك، لتسعى لمعالجتها في العام المقبل، ونبهك لمزايا وعيوب من حولك، وكشف لك غموض تصرفاتهم، ذلك الغموض الذي يزول بمجرد تجميع أجزاء (البازل) عن طريق ربط تصرفاتهم وردود افعالهم ببعضها البعض.
هل جربت أن ( تجرد ) روحك آخر كل عام؟..
نرشح لك: كريم أنور يكتب: محاولة لإرضاء الجميع
هل جربت أن تحاسب نفسك مستخدمًا جدولًا ترسمه وتقسمه لخانات؟، خانة للقرارات، وتكتب بها كل القرارات التي اتخذتها على مدار العام، أيها كانت صائبة؟.. وأيها ترتب عليها مشكلات عانيت منها شهورًا عديدة.
خانة الأصدقاء، هل صادقت أصدقاءً جدد؟.. كم عددهم؟ من منهم استحق اللقب وكم منهم استحق الندم على معرفته، من منهم سينتقل معك للعام الجديد؟.. ومن منهم سينتقل مع أمثاله لسلة المهملات؟
خانة الحب.. هل سكنتها فتاة جديدة؟.. أم حافظت على فتاة سكنتها منذ أعوام؟… خانة الأزمات.. صدقني تلك الخانة هي الأهم على الإطلاق.. فهى أقوى اختبار للصداقة والحب والجدعنة والغدر..
خانة الأحلام.. وما تحقق منها وما قطعت نصف الطريق إليه وما فشلت في تحقيقه.. وأيهم ستسعى لتحقيقه في العام الجديد وأيهم استسلمت وآمنت بعدم جدوى المحاولة للوصول إليه
خانة المال.. من أين اكتسبته وفيم أنفقته؟..
خانة الوفيات.. كم شخصًا رحل؟ كم منهم وعدته مرارًا أنك ستزره قريبًا وخلفت وعدك إلى أن سبقك ملك الموت لمنزله؟
أما عن خانة الذكريات.. فقد تولت أصالة أمرها