محمد أبومندور: الفضائيات أغراض

 إرضاء جميع الأذواق أمر مستحيل، وكذلك فرض نوع معين على المتلقي لا بديل له أمر يهدد وجود الكيانات الإعلامية، تشهد حاليًا الساحة الفضائية حالة من الركود والتراجع الاقتصادي، وهو ما يجبرها على تغيير نجومها أو تخفيض أجورهم (حدث هذا في الحياة، النهار، سي بي سي، تي إي إن) ويرجع ذلك لانخفاض شعبية نجوم تلك الفضائيات – حسب تصريحات القنوات ذاتها- وإن صح هذا فهذا يعني خلل في عملية اختيار المذيعين من الأصل، أما ما تتجاهله تلك الكيانات الاقتصادية هو التغير الديناميكي الحادث في سوق المشاهدة فلم يعد المشاهد كما كان ولم يعد كل ما يقدم يرضيه.
 
بمنطق اقتصادي بسيط، كلما زاد العرض نقص الطلب وعدد الفضائيات كثير، وكلها يقدم محتوى متشابه لا يخرج عن برامج تنتج في استديو ومذيع ومعد ومخرج، بقليل من التدقيق ستجد أن ما هو معروض يومياً لا يخرج عن ثلاثة إلى أربعة برامج فقط على نفس القناة وتتراوح إجمالي أوقاتها بين الساعات السبع إلى الثمانية ساعات وبقية اليوم تتم الإعادة لأن بها إفادة.
 
إذن نحن أمام نموذج أو قالب انتاجي مسيطر على قنوات عديدة البرامج المحددة التي لا تخرج عن اطار معين بمذيع معين يلهب مشاعر معينة عند المشاهدين لتستمر المتابعة ويستمر السيل الإعلاني، هذا أدى إلى اعتماد فضائيات بعينها على برنامج يومي واحد قد تمتد فترة عرضه إلى خمس ساعات يوميا مثلما يحدث في العاشرة مساءاً والذي قد ينتهي أحياناً قبل الفجر بقليل ثم تبدأ إعادة بثه في صباح اليوم التالي أي أن هناك 10 ساعات من اليوم إن لم يكن أكثر لنفس البرنامج وما يتبقى من اليوم تعرض القناة فيلماً قديماً وتعاد إذاعته في نفس اليوم فتلك 5 ساعات أخرى وبضع كليبات غنائية تزيد مدتها على الساعتين وحلقة من مسلسل تركي تليها حلقة من مسلسل سبق وأن أذيع في رمضان فتلك 9 ساعات مع حساب الإعادة فتكتمل الساعات الأربع والعشرون.
 
 المحصلة النهائية هي خدمة تلفزيونية لا تقدم محتوى يقبل عليه المشاهد فيهرب إلى قنوات أخرى فلا يجد ضالته، وذلك أدى إلى عزوف عدد لا بأس به عن الفضائيات واللجوء إلى الميديا الجديدة الانترنت (بكافة أشكال المعروض مكتوباً كان أو مشاهداً أو مسموعاً) وبالتالي نقص الطلب على ما تفدمه الفضائيات مع زيادة المعروض من سلع ليست بالجودة الكافية. في نظر خبراء الاقتصاد، هذه حالة ركود تقتضي إعادة النظر في ما هو معروض من منتجات والبحث عن طرق جديدة لإيجاد الميزة التنافسية للمنتج وإعادة تقديمه للسوق، فهل يقتنع أصحاب تلك الفضائيات بالمنطق الاقتصادي البسيط، أم أن لهم أغراض أخرى.