عقب خسارته للقب دورى أبطال أفريقيا أمام الوداد المغربى، عاد الأهلى لاستكمال مسيرته فى الدورى محققَا 6 انتصارات متتالية أهمها على الإسماعيلي والمصري، ليظن الجميع وقتها، أننا على موعد مع موسم آخر سيحسم فيه الأهلى لقب الدورى بسهولة، ودون منافسة حقيقية، خصوصًا فى ظل المعاناة الحالية للزمالك غريمه التقليدى، وابتعاده المبكر عن المنافسة، لتفاجئنا نتائج الجولات الأربع الأخيرة بما يغير من هذا الانطباع، ويلقى ظلالاً من الشك حول قدرة الأهلى على الفوز بلقب الدورى هذا العام فى ظل تشبث الإسماعيلى بالقمة، وتراجع نتائج الأهلى الذى خسر من المقاصة وتعادل مع طنطا، ثم حقق فوزًا بشق الأنفس على سموحة، ليعود مجددًا ويتعادل مع وادى دجلة، ليخسر الفريق 7 نقاط كاملة من أصل 12 نقطة متاحة، وهو رقم سلبى لم يحدث للأهلى منذ فترة طويلة، الأمر الذى جعل حسام البدري مدرب الفريق يتعرض لغضب جماهيرى عارم، تخطى حدود الانتقاد العادى، ووصل لدرجة أن هناك قطاعًا عريضًا من جماهير الأهلى يطالب برحيله عن تدريب الفريق، ويرفض استمراره، وبالطبع هذه الجماهير لديها من الأسباب ما يجعلها ترى رحيل البدرى الآن هو الأنسب للفريق.
نرشح لك: أسماء مصطفى لحسام البدري : فين أخلاق النادي الأهلي؟
هذه الأسباب التى سنحاول تحليلها بموضوعية، لنرى هل هذا القطاع الأهلاوى محقٌ فى مطالبته برحيل البدري؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد فورة غضب، وحماس جماهيرى زائد، بسبب النتائج السلبية الأخيرة، وسيزول فى حال أن عادت النتائج للتحسن ؟
1- شبح الانهيار والخوف من سقوط مدوى
ترى جماهير الأهلى أن الصبر على المدرب بداعى الحفاظ على الاستقرار، وتحفظ إدارة الأهلى على فكرة تغيير المدربين فى وسط الموسم، ليس أمرًا جيدًا على الدوام، ففى بعض الأحيان يكون تغيير المدرب وسط الموسم حلاً لا بديل عنه، وتدخلاً فى الوقت المناسب، قبل تفاقم الأمور، ويعيد الفريق للمسار الصحيح.
وهو رأى يحمل بعض الصواب، فالاستقرار يبقى وسيلة غايتها تحقيق النجاح، وليس استقرارًا من أجل الاستقرار ذاته. ولكن يبقى سؤال مهم. هل ينطبق هذا الكلام على حال حسام البدرى؟ وهل استمرار البدرى بالفعل سيؤدى إلى كوارث مستقبلية وسقوط مدوى للفريق؟ بالتأكيد لا توجد إجابة يقينية حتى لدى حسام البدرى نفسه. ولكن بحسبة بسيطة لنتائج البدرى مع الأهلى فى عام ونصف، وحتى تجربته السابقة فى تدريب الفريق، سنرى أن حدوث انهيار كبير فى وجوده أمر مستبعد، وإذا وضعنا فى الاعتبار أننا نلعب موسمًا ” مضغوطا ” على غير العادة بسبب حتمية انتهاء المسابقات المحلية قبل وقت كافٍ من موعد بداية المونديال، سنرى أن قرار التعاقد مع مدرب جديد الآن – لن يجد وقتًا للتعرف على الفريق ووضع بصمة حقيقية على الأداء – يعد مغامرة كبرى، فإذا كان استمرار البدرى قد يؤدى بالفريق للانهيار، فرحيله الآن يزيد من احتمالات حدوث هذا الانهيار المزعوم.
2- أداء عشوائي
ترى جماهير الأهلى أن حسام البدرى لم يعد لديه أى جديد ليقدمه للفريق، ولم يعد قادرًا على تطوير الأداء، أو خلق حلول هجومية مختلفة، فأصبح الفريق يؤدى فى المباريات الأخيرة بشكل “عشوائى” دون تنظيم، ويتهمونه فى نفس الوقت بأن الفريق أصبح “كتابًا مفتوحًا” ويقدم أداءً “محفوظًا” دون ابتكار.
وبالتأكيد لديهم بعض الحق، لكنى لا أعرف كيف يكون الأداء “عشوائيًا” و “محفوظا” فى نفس الوقت؟ وإن كانت أزمة حسام البدرى الحقيقية تتلخص فى أنه لم يعطٍ فرصًا حقيقية للبدلاء، وعندما أجبرته الظروف على الاستعانة بهم، كان من الطبيعى أن يظهروا بكل هذا الارتباك والتذبذب فى المستوى.
3- دفاع مهزوز وأزمة مزمنة
طوال الموسم الماضى لم يتلقَ الأهلى سوى 14 هدفًا فقط فى 34 مباراة كأقوى دفاع فى البطولة. الموسم الحالى ما زال الدور الأول لم ينتهِ بعد، وشباك الفريق استقبلت 10 أهداف فى 13 مباراة، والفارق الكبير بين الرقمين يوضح حجم الانهيار فى دفاعات الفريق بالموسم الحالى، وهو ما تحمل جماهير الأهلى مسئوليته كاملة للبدرى، وهو أمر بديهى، فمثلما نُسب إنجاز الموسم الماضى للبدرى، فأى تراجع أو اخفاق سينسب له أيضا.
وما يجب أن يحاسَب عليه البدرى هو عدم تعاقده مع بديل كفء لتعويض رحيل أحمد حجازى، واكتفى بالتعاقد مع المدافع السورى عبد الله الشامى الذى يمثل لغزًا محيرًا، فلم يشارك فى أى مباراة حتى الآن، رغم أن الفريق يعانى من غيابات بالجملة، بعد أن ضربت الإصابات خط دفاعه بالكامل، وهو ما يجعلنا نلتمس بعض العذر للبدرى، فغياب رامى رابيعة وسعد سمير ثم محمد نجيب للإصابة، يجعل من اهتزاز دفاعات الفريق أمرًا حتميًا، وليس من قبيل خلق مبررات للفشل.
أما عن الأزمة المزمنة فى حراسة المرمى، فالبدرى تقريبًا نفذ رغبة جماهير الأهلى فى إبعاد الحارس المغضوب عليه جماهيريًا شريف إكرامى لدرجة أنه أصبح على أعتاب الرحيل من الأهلى.
4- لا يجيد قراءة الملعب
اتهام آخر توجهه جماهير الأهلى للبدرى فى أنه لا يجيد إدارة المباريات، أو قراءة الملعب بشكل صحيح، ولا يتدخل خططيًا فى أثناء المباريات لتعديل المسار، وتأتى تغييراته على الأغلب غير موفقة وغير مفهومة، ولا تساهم فى تحسن شكل الفريق أو تمثل له أى إضافة. وهو فى الحقيقة كلام مرسل و “عائم” ونقد من السهل توجيهه لأى مدرب فى العالم، وليس دفاعًا عن البدرى فهو بالتأكيد يخطىء أحيانًا مثل أى مدرب، لكن الواقع يقول أنه نجح أيضًا فى إدارة الكثير من المباريات التى كان الأهلى متأخرًا فيها، واستطاع قلب النتيجة، والفوز فى النهاية، والمثال الأقرب هو مباراة الترجى الأخيرة بتونس فى بطولة دورى أبطال أفريقيا.
5- الفشل فى خلق البديل
هذا هو مربط الفرس، والاتهام الوحيد الذى اتفق فيه مع جماهير الأهلى. فالبدرى بالفعل يكاد أقل مدرب فى العالم استفادة من صفقاته الجديدة، والغريب أنه هو من يختار هؤلاء اللاعبين بنفسه، وأغلبهم كانوا نجومًا ملء السمع والبصر فى فرقهم، قبل الانضمام للأهلى ليضيعوا تمامًا فى غياهب دكة بدلاء البدرى. فأسماء مثل عمرو بركات وميدو جابر وإسلام محارب وأكرم توفيق وحمودى، كانت الجماهير تنتظر منها الكثير، وأصبحت الآن أمنيتها الوحيدة تتلخص فى مجرد رؤيتهم على أرض الملعب، ولاعب مثل أحمد الشيخ يمثل علامة استفهام كبيرة، فهو هداف الدورى فى الموسم الماضى، وأفضل لاعب ونجم فريقه الأول، يتحول مع البدرى لما هو أقل حتى من مجرد بديل مفيد للفريق. يحتاج البدرى لإعادة حساباته مع دكة بدلائه، فالفرق الكبيرة أهم ما يجب أن يميزها هو وجود البديل الجيد والكفء، والمنسجم مع القوام الأساسى للفريق.
6- الصدام مع النجوم
الصدامات المتكررة للبدرى مع نجوم الفريق الكبار، والذين يتمتعون بجماهيرية واسعة، خلقت حالة من التربص بالبدرى بين محبى هؤلاء النجوم. يتهمه الكثيرين منهم بأنه يغير من شعبية اللاعبين الكبار، ويتعمد محاربتهم، وهو اتهام يبدو مبالغًا فيه، فأى مدرب فى النهاية تهمه مصلحته قبل أى شىء آخر.
7- الولاء لطاهر
الاتهام الأغرب للبدرى هو ما يقال عن عدم قدرته على العمل تحت قيادة محمود الخطيب، ويدلل البعض على ذلك بتراجع نتائج الفريق بعد فوز الخطيب برئاسة الأهلى، وهو اتهام لا يخلو من سوء نية، وربما هى محاولة ساذجة للضغط على الإدارة الجديدة لإقالة البدرى عن طريق اتهام الأخير بالولاء للرئيس السابق، وهو خلط غريب للأوراق، فلو استمر طاهر رئيسًا للنادى ما كانت نتائج الأهلى الأخيرة لتتغير كثيرًا.