نورا مجدي
في وقت ما، كان يعتقد البعض أن وسائل الإعلام في العالم العربي تعاني من بعض السياسات التي جعلت “الإعلام” يناقش ما تريده الحكومات فقط، إلا أن التحول إلى الديمقراطية الإعلامية قد طالته بعض الاتهامات هو الآخر، حيث وجدنا في السنوات الأخيرة إعلامًا يقول ما يريد وينشر ما يريد، بصرف النظر عن جودة وأهمية ما يُقدم للجمهور، وانطلاقًا من تلك الحقيقة يمكننا القول إن وسائل الإعلام قد اتخذت حرية التعبير سببًا لإلقاء الضوء على العديد من الموضوعات غير الهامة ومن بينها نجد بعض الأشخاص الذين اقتحمت أخبارهم الإعلام عنوةً، حيث سار محرروا الأخبار في الميديا خلف هؤلاء بقصد جلب المشاهدات، دون الانتباه إلى ما سيستفيده المواطن العادي من متابعه قضايا هؤلاء الدخلاء على “الميديا” والذين تصدرت أخبارهم المشهد في القنوات والصحف، ووصلت أسماؤهم إلى الـ “تريند” كما لو كانوا أبرز المشاهير.
ومع الإيمان بدور الإعلام وأهميته في تناول أهم الأخبار، وإيصال الرسائل بمصداقية بعيدًا عن الإخلال بالمحتوى الإعلامي أو تشويه الرأي العام بموضوعات تنأى عن الأهمية واحترام المشاهد والقارئ، من هذا المنطلق يرصد إعلام دوت أورج بعض القضايا التي أثّر تناولها سلبًا على المتلقي وكذلك على الوسيلة الإعلامية التي يقتضي تواجدها احترام عقلية المشاهد والقارئ ويناقش تلك القضايا.
القضية الأولى.. ميا خليفة “فتاة الإباحية”
كيف أقتحمت عالم الأضواء؟
بدأت ميا خليفة في إثارة الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي عقب حصولها على لقب أشهر نجمة إباحية في العالم، وخلال ال 4 سنوات الماضية منذ أواخر عام 2014، وعلى مدار الشهور والأسابيع تناولت عدة قنوات ومواقع إخبارية أخبار تلك الممثلة الإباحية وخطواتها وكيف وصلت إلى الشهرة حتى أصبحت شهرتها عالمية فهي أول فتاة عربية من أصل لبناني تحل في المركز الأول في أحد مواقع الفيديو الإباحية الشهيرة، ميا خليفة التي لم تكن معروفة في بادئ الأمر ظلت نكرة لا يعرفها أحد حتى إعلان تلك المعلومة، بعدها اهتمت وسائل الإعلام بها وبأخبارها التي تصدرت معظم المواقع العربية وبخاصة اللبنانية والمصرية كما لو كانت نموذجًا جيدًا للاهتمام به وبما تصنعه.
تحولت ميا خليفة إلى واحدة من الشخصيات الأكثر بحثا في عام 2016، حيث نالت شهرتها الواسعة من خلال مقاطعها الإباحية، وانهالت عليها التعليقات المهاجمة والمنتقدة في المجتمع العربي. بعدما بدأت تتصدر اهتمام الإعلام اللبناني عقب ظهورها في فيلم إباحي مرتدية الحجاب، الأمر الذي أشعل الغضب وجعلها مادة إعلامية ثرية للتناول خاصة بعد تهديد تنظيم داعش لها بالقتل لإسائتها للإسلام.
اهتم بقضيتها عدة إعلاميين وقنوات ومواقع مثل الإعلامي اللبناني عادل كرم مقدم برنامج “هيدا حكي” والإعلامي طوني خليفة الذي خصص لها حلقة خاصة من برنامجه لانتقاد تصرفاتها مما جعلها بؤرة اهتمام الإعلام العربي ومنحها شهرة واسعة لم تكن ستتمكن من الوصول إليها لولا معركتها الإعلامية معه.
https://www.youtube.com/watch?v=hfF3sJgXPKY
كما تناولت أخبارها غالبية المواقع الإخبارية مثل ( أخبار الحوادث – النهار اللبنانية – LBC جروب – بوابة الوفد الإلكترونية – دنيا الوطن – البوابة – جريدة البشاير – إيجي سعودية – إرم نيوز – صيدا أونلاين – الديار – شبكة عيون الإخبارية – 360 le – قناة lbc اللبنانية – مجلة نصف الدنيا – موقع اليوم 24 دوت كوم – بوابة الفجر……. الخ)، وقد أثار ذلك التناول الكبير لأخبارها من قبل الإعلام تعليقها على الأمر حيث غردت قائلة: “لو أن المحطات الإخبارية بالشرق الأوسط تهتم بنفس القدر بتغطية العدالة والفقر والحروب كما تفعل بميا خليفة…”
كيف وقع الإعلام في فخ ميا خليفة؟
اهتمت وسائل الإعلام المصرية والعربية واللبنانية على وجه الخصوص بقضية ميا خليفة ، ورغم تناول أخبارها بكثرة ومبالغة من حيث الكم إلا أن الخطأ الأكبر الذي وقع على “الميديا” بشكل عام هو التحول في تناول تلك النوعية من القضايا من اللوم والفضيحة إلى مجرد العرض وسرد التفاصيل حتى اعتاد المشاهد والقارئ على تلك الأخبار التي لم يَعُد تناولها يسبب الحياء.
كما أن انتشار تلك القضايا المثيرة للجدل قد يؤدي إلى حالة من الانحرافات الأخلاقية والفكرية، لكن وسائل الإعلام لم تقتنع بتلك الأسباب التي لم تجدها كافية للبعد عن تناول تلك القضايا التي وجد فيها الإعلام ضالته للاهتمام بعداد القراءات وجلب القراء والمشاهدين. وهنا لا يمكن أن يتقصر الخطأ على وسائل الإعلام فقط بل يقع جزء من الخطأ على المشاهد والقارئ الذي يتلهف على متابعة تلك النوعية من الأخبار.
ذلك الاهتمام بالقضايا المثيرة من جانب وسائل الإعلام جاء على حساب قضايا أخرى مهمة مثل محاربة الإرهاب والتوعية بالظروف الاقتصادية ومناقشة الأوضاع السياسية والدولية، لكن كل تلك القضايا أصبحت لا تثير اهتمام الرأي العام ولا تجذب الجمهور بقدر ما تجذبهم القضايا ذات الأفكار الشائكة.