نقلًا عن المصري اليوم
من المؤكد أن أصعب مأزق أواجهه ليس مشاهدة فيلم ردىء ولا حتى تجرعه حتى الثمالة، أقصد حتى تتر النهاية، لا أقبل أن أردد تلك الحجة «بسبب رداءته لم أستطع استكماله»، فى هذه الحالة تتناقض أقوالى مع أفعالى، أقول دائماً فى محاضراتى لطلبة قسم النقد بكلية الإعلام: لا يمكن إلا أن تكملوا العمل الفنى. جرت العادة أن يقول بعض الطلبة إن الفيلم ردىء ولا يستحق أن أضيع وقتى. الرداءة والتعامل معها حتى المشهد الأخير أحد أهم الأسلحة فى تلك المهنة، هى قطعاً مؤلمة لأنها واحدة من المخاطر التى تستحق التعويض مثل إصابات العمل، يهون كل ذلك أمام متابعة الشريط السينمائى فى صالة شبه خاوية أجدها فى الحقيقة العذاب الأكبر، بدأنا المشاهدة 5 أفراد فقط، بما فيها كاتب هذه السطور. أنا لم أذهب إلى السينما من أجل المتعة، ولكن للعمل؛ فتلك مهنتى كما أنها هوايتى، كان سؤالى: لماذا تكبَّد الأربعة مشقة الذهاب للسينما فى هذا البرد القارس؟. تأملت الزبائن وجدتهم تجاوزوا مرحلة الشباب، فى النصف الثانى من العرض غادر اثنان ولم يكملا المشوار، وقبل نهاية الفيلم غادر الاثنان المتبقيان، وأكملت أنا بمفردى ويلات العذاب.
نرشح لك.. اختيارات طارق الشناوي للافضل في 2017
تخيلت العامل فى الكابينة وهو يتساءل بدهشة: لماذا ظل مواطن واحد متشبثاً بمقعده؟
آه، نسيت أن أذكر الفيلم، اسمه «حليمو أسطورة الشواطئ»، تأليف كاتب جديد محمد فضل، وإخراج محمد سعيد، والبطل طلعت زكريا، كل شىء محسوب بدقة فى الفيلم، أقصد التكلفة الإنتاجية؛ فهم موقنون أنه لن يحقق أى مردود فى شباك التذاكر «كل برغوت على قد دمه»، سيبيعون النسخة لبعض الفضائيات ولشركات الطيران ويطبع على «سى دى» فتتحقق المعادلة، المنتج لا يتعامل مع نجوم شباك ولا حتى الصف الثانى ولكن الصف الثالث الذين فقدوا الأمل أساساً فى تحقيق النجومية وأملهم هو الوقوف أمام الكاميرا، وفى العادة يحصلون على أقل أجور، وأحياناً بلا أجور، كما أنه سينفق القليل فى الدعاية ولن يسأله أحد عن منطق فنى أو درامى، ولا دياولو.
طلعت زكريا هو الاسم المحورى، باتت المراهنة عليه كبطل محفوفة بالمخاطر بعد آخر أفلامه «الفيل فى المنديل» بينما كان قبلها يحمل أملاً لبزوغ النجومية فى أفلام مثل «طباخ الرئيس» و«حاحا وتفاحة»، الفيلمان وضعاه فقط على حافة النجومية، وهكذا قرروا إضافة أسماء مثل ريم البارودى ونرمين ماهر وهبة السيسى، ناهيك عن بيومى فؤاد الذى صار ورقة دائمة فى الأفلام، وسوف يدفع الثمن قريباً لو لم يتنبه إلى أنه سيصل لمرحلة التشبُّع التى يعقبها مباشرة مرحلة النفور، الراقصة دينا صارت لا تقول «لا» لمن يطرق بابها، ناهيك أن المنتج نفسه شارك أيضاً فى الفيلم، طبقاً لنظرية صار يرفعها عدد من المنتجين «فيلمى وأنا حُر فيه أفرده أو أتنيه».
الفيلم يشعرك أنه لا يستطيع أن يجد ما يملأ به الزمن. فكرة الكنز المرسوم طلاسمه على مؤخرة البطل وهو طفل ويكبر وتبدأ العصابة الملاحقة شاهدناها مراراً ويتخلل الأحداث أكثر من أغنية ورقصة، وهى طبخة بايتة تذكرك ببقايا السُّبْكية، وينتهى الفيلم، بينما أنا لا أزال أبحث عن إجابة لكشف سر هؤلاء الأربعة الذين قطعوا تذكرة الدخول من أجل كل هذا العذاب.
لسمير غانم مقولة شهيرة عندما يجد ممثلاً يصر على ترديد «إفّيه» ثقيل الظل: «ارحموا من فى الصالة يرحمكم من فى السماء».. هل يهمس بها لطلعت زكريا؟!