في أغنيته الشهيرة والأخيرة “حبيبتي من تكون” بذل الراحل عبد الحليم حافظ مجهودا كبيرا كي يخفي اسم حبيبته عن الرفاق، الذين ظلوا من أول الأغنية حتى أخرها، حائرون يفكرون يتساؤلون، حبيبته من تكون؟ لكن أحد لا يستطيع توجه اللوم للعندليب فهي في النهاية أغنية عاطفية، أما في مجال الميديا وتحديدا تخصص صناعة الأخبار فلا يمكن أن يقدم مقدمو الخدمة الخبرية أخبار مصر والعالم للجمهور بينما لا يعرفون أخبارهم ويفاجئون كل عدة أيام بتغيير جديد.
ما سبق ينطبق على شبكة قنوات أون تي في التي تشهد حالة من الترقب منذ انتقال ملكية الشبكة من مجموعة إعلام المصريين إلى شركة إيجل كابيتال حيث تشهد القناة كل عدة ساعات أقاويل بعضها يتحول لأخبار حقيقية والبعض يظل في طور الشائعة عن خروج بعض القيادات والاستعانة بغيرهم وكذلك أفكار لدمج إدارات وتوقف برامج الأمر الذي يجعل العاملون هناك يعلمون تحت ضغط غير مسبوق ويتحملون أخطاء إدارات سابقة لم تضع في اعتبارها أن الهدف المنوط بأي قناة مصرية في هذه المرحلة هو مخاطبة الرأي العام بما يحتاجه من معلومات وإيضاحات لا استخدامها في الدعاية لأشخاص ومؤسسات خاصة.
بالتأكيد المهمة ثقيلة على عاتق الإعلامي الكبير أسامة الشيخ، لكن الأزمة تكمن في غياب “رفاهية الوقت” وبالتأكيد العاملون هناك في حاجة للاستماع إليه لا الوقوع فريسة للشائعات وليس هذا فحسب بل أنهم يعرفون أخبار التنقلات من مصادر أخرى لا من القناة بشكل رسمي خصوصا وأن معظم القرارات تصدر فجأة ويكون صاحب الشأن نفسه متواجدا في مقر القناة بل يجتمع من أجل التخطيط للأيام المقبلة.
ما يتفق عليه الجميع أن هناك من بين من تم تغييرهم أو سيتم استنفذوا كل الفرص، وفشلوا في تحقيق ما يوازي ما حصلوا عليه لمدة عامين من مزايا مادية ومهنية أكبر بكثير من إمكاناتهم، وساهمت في تحميل ميزانية الشبكة الكثير من الخسائر دون انجاز حقيقي وأن وجود البدائل الجاهزة لنزول الملعب أمر صعب ويحتاج لدقة اختيار، لكن بالتأكيد ليس من مصلحة أحد اغلاق قناة بأكلمها أو دمج يهدم ما تم بناءه بالفعل، وما يطالب به الخبراء والمراقبون “المحايدون” هو إصلاح تدريجي وسريع يبق على البرامج والأسماء التي حقق انجازا أو على الأقل لديها القدرة على ذلك وتعرضت لمعوقات من قيادات انشغلت بالسيطرة وتعطيل “المراكب السايرة” لاثبات الحضور، ودراسة أسباب اخفاق الأخرين لتفاديها فيما هو قادم .
يعد تعيين الدكتور محمد سعيد محفوظ، رئيسًا لتحرير برامج القناة بداية لما يريده العاملون في أون، وكذلك حقهم في معرفة من سيتولى المناصب الإدارية في القناة، ويفضل معرفتهم بذلك بشكلٍ رسمي، لا بعد نشر الأخبار، ووصولها لهم.
ما هو قادم بالتأكيد يحتاج لشاشات مصرية قادرة على الوصول محليا وعربيا ومنافسة السوشيال ميديا التي تحولت لغول يلتهم عقول المصريين، ما هو قادم مرتبط بعام حاسم للغاية، يبدأ بانتخابات رئاسية وبعده موسم رمضان وبعده المونديال وغير ذلك من قضايا تهم وتشغل المصريين .
مطلوب من الإعلام في 2018 أن يشجع الرأي العام على الغناء لعبد الحليم حافظ “صورة صورة صورة كلنا كدة عايزين صورة” وهو أمر لن يحدث إذا ظل عابرو بوابات المدينة كل صباح حائرون يفكرون يتساءلون .. القيادات الجديدة من تكون؟