نورا مجدي
في وقت ما.. كان يعتقد البعض أن وسائل الإعلام في العالم العربي تعاني من بعض السياسات التي جعلت “الإعلام” يناقش ما تريده الحكومات فقط، إلا أن التحول إلى الديمقراطية الإعلامية قد طالته بعض الاتهامات هو الآخر، حيث وجدنا في السنوات الأخيرة إعلامًا يقول ما يريد وينشر ما يريد، بصرف النظر عن جودة وأهمية ما يُقدم للجمهور، وانطلاقًا من تلك الحقيقة يمكننا القول إن وسائل الإعلام قد اتخذت حرية التعبير سببًا لإلقاء الضوء على العديد من الموضوعات غير الهامة ومن بينها نجد بعض الأشخاص الذين اقتحمت أخبارهم الإعلام عنوةً، حيث سار محرروا الأخبار في الميديا خلف هؤلاء بقصد جلب المشاهدات، دون الانتباه إلى ما سيستفيده المواطن العادي من متابعه قضايا هؤلاء الدخلاء على “الميديا” والذين تصدرت أخبارهم المشهد في القنوات والصحف، ووصلت أسماؤهم إلى الـ “تريند” كما لو كانوا أبرز المشاهير.
ومع الإيمان بدور الإعلام وأهميته في تناول أهم الأخبار، وإيصال الرسائل بمصداقية بعيدًا عن الإخلال بالمحتوى الإعلامي أو تشويه الرأي العام بموضوعات تنأى عن الأهمية واحترام المشاهد والقارئ، من هذا المنطلق يرصد إعلام دوت أورج بعض القضايا التي أثّر تناولها سلبًا على المتلقي وكذلك على الوسيلة الإعلامية التي يقتضي تواجدها احترام عقلية المشاهد والقارئ ويناقش:
نرشح لك – القضية الأولى: ميا خليفة .. من بيروت إلى حديث البيوت
نرشح لك – القضية الثانية: ما فعلته الميديا بـ أحمد التباع
القضية الثالثة: علياء المهدي .. حرية بلا مسئولية
أثارت علياء ضجة كبيرة في العالم العربي بعدما قامت بنشر صورة عارية لها في مدونتها “مذكرات ثائرة” احتجاجًا على ما أسمته “مجتمع العنف والعنصرية والنفاق”، وقد وصل عدد زوار مدونتها في يومين إلى 882 ألف زائرًا، فضلا عن أخبارها التي شهدت متابعة كثيفة غير مسبوقة في العالم العربي.
تزايد تناول وسائل الإعلام بكافة أشكالها لقضية علياء المهدي، خاصةً مع اقتران اسمها في عناوين الأخبار بوجود صورة عارية أو “شاهد …” الأمر الذي يدفع المواطنين لإشباع فضولهم ما يضمن للوسيلة الإعلامية نصيبًا جيدًا من القراءات التي تطمح كل وسيلة إعلامية في زيادتها.
ومع كل تصريح جديد أو حدث يُلم بالناشطة المتمردة على عادات وتقاليد المجتمع، تجد “الميديا” ضالتها وتسارع لنقل الخبر فتارة علياء المهدي تحتج عارية بالسويد ضد الدستور.
وتارة أخرى علياء المهدي تتعرى تحديًا لـ “داعش”، وبلاغات للنائب العام تطالب بإسقاط جنسيتها، وعلياء المهدي تغير صيغة الآذان، وغيرها العديد من الآخبار التي تزيد نسب مشاهدتها إذا ما احتوى العنوان على اسم “علياء المهدي”.
كما لم تكتفِ وسائل الإعلام المكتوبة فقط بتناول أخبارها لكن باتت علياء محط سخرية وهجوم للجميع في الفترة التي أعقبت ثورة يناير وحتى عام 2014- 2015، فنجد على سبيل المثال وليس الحصر الإعلامي عمرو أديب يتحدث عنها حينما كان يقدم برنامج القاهرة اليوم، ومرتضى منصور يقوم بالتعليق على تصرفاتها بهجوم شديد وغيرهم الكثيرون من الشخصيات العامة والشيوخ الذين قاموا بالتعليق عليها وعلى تصرفاتها.
هل ساعد الإعلام علياء المهدي على المزيد من العُري؟
رغم تعدد الكوارث والمشاكل التي كانت تحدث في مصر في الفترة التي تلت الثورة من مشاكل الثوار، وحكم جماعة الإخوان الإرهابية ومشاكل مجتمعية مثل السحابة السوداء والمشاكل الاقتصادية ومشاكل الصحة والتعليم فضلا عن المشكلة الأساسية التي أصبحت تؤرق المجتمع وهي الإرهاب إلا أن قضية علياء المهدي جائت لتشغل حيزاً من الاهتمام الإعلامي إلى جانب كل تلك المشكلات.
إذا سألنا أنفسنا ماذا استفاد المجتمع من تناول قضية كتلك، نجد أن الإجابة ستظل مجهولة،لكن السؤال الأهم الذي يجب توجيهه للوسائل الإعلامية علّها تضع في اعتبارها وأولويتها نوعية الأخبار المقدمة للمواطن قبل عدد المشاهدات:هل وصلت التفاهة وفراغ العقول وانعدام المشاكل إلى ذلك الحد؟ فبدلا من الاهتمام والانهماك في حل مئات المشكلات التي تحيط بالمجتمع في كافة الأمور، أصبحت مثل تلك القضايا هي القضايا الحيوية التي تشغل الرأي العام.
لكن الخطأ هنا لا يمكن أن نقتصره على وسائل الإعلام فقط بل المشاهد والقارئ يقع عليه جزء كبير أيضا، فمع عدول الكثيرين من القراء عن تلك الأخبار السياسية والاقتصادية –التي يرونها مملة- بدأت الاتجاهات إلى نوعية أخرى من الأخبار المثيرة التي تدفع فضول القارئ أو المشاهد لمتابعة تلك القضايا التي يتلهف على قرائتها ومتابعتها المواطن، الأمر الذي يدفع وسائل الإعلام إلى تلبية احتياجاته لتوفر للقارئ المادة التي يفضل متابعتها بعيدًا عن الأخبار السياسية والاقتصادية.