في صباح يوم ١٢ يناير ٢٠١٨ تفاجأ جمهور “فيس بوك” بتغيير في قواعد وصول المحتويات للجمهور ولاحظوا تاثرا كبيرا في تفاعلات الجمهور يظهر بشدة في قلة تفاعلهم، لنطرح السؤال المهم وهو ماذا يحدث في الفيسبوك؟
دعني أبدأ بمعلومات بسيطة، فالفيس بوك هو الموقع الأشهر في العالم بأكثر من 2.07 مليار مستخدما شهريا على الموقع وأكثر من 10 مليون معلنا على الموقع والذي تخطت إيرداته 10.3 مليار دولارا امريكيا في الربع الثالث من عام 2017.
لم يكن عام 2017 أفضل أعوام الفيس بوك في الانتشار والسمعة نظرا لما كان في هذه السنة من أحداث عالمية أثرت بشكل كبير في الشركة، أهمها الانتخابات الأمريكية وتأثير الفيسبوك في مجراها، ظهور الكثير من الإعلانات العنصرية والتي تحض على العنف والقتل عبر الفيس بوك، ظهور اتهامات بأن فيسبوك يسمح بالإعلان عن بيع البشر والأسلحة عبره بشكل غير شرعي ومتنافي مع الكثير من القواعد والقوانين المتبعة في عدد من البلدان، كذلك مشاكل المعلنين في ضعف النتائج وقلة مردودها عبر إعلانات الفيس بوك. والمشكلة الأكبر هي الأخبار الكاذبة والقدرة الكبيرة على نشرها، كذلك توجيه آراء الجمهور بالشكل الذي يضر بالأمن والسلم في العديد من البلدان.
ولهذا طوال عام 2017 كان الفيسبوك يحارب على عدة جبهات، لإعادة ثقة المستخدمين في الفيس بوك والتوسع في عدد مستخدميه، وكذالك إرضاء المعلنين من خلال تقديم إمكانيات بدقة أكثر، وبالطبع إرضاء حاملي الأسهم في البورصة وضمان تدفق الأرباح إلى الفيس بوك، ولهذا يعتبر العام الماضي من أكثر الأعوام التي تم خلالها تحديثات عديدة علي أكثر من مستوى.
دعونا نتكلم عن بعض الإجراءات التي اتخذتها إدارة فيس بوك لحل المشكلات التي واجهتها خلال 2017:
– الأخبار الكاذبة والمضللة
أعلن الفيس بوك حربه علي هذه الأخبار ومحاربته لمقدميها سواء كان ذلك بتقليل وصول المحتوى الخاص بهم وتقليل التفاعل الذي يتم من خلال الموقع لهم وصولا إلى إغلاق صفحات بعينها إضافة إلى العديد من الخصائص التي أتاحها ليعطي المستخدم علي الفيس بوك القدرة علي تقيم الأخبار وإرسال آرائه عنها بحيث يقوم الفيس بوك بتحليل هذه الأخبار ومنعها من الوصول إلى المستخدم مرة أخرى.– الزيارات على المواقع الإخبارية
شهد عام ٢٠١٧ في بدايته زيادة كبيرة في تدفق المستخدمين إلى المواقع الإخبارية، وقد ساعد الفيس بوك الناشرين بمجموعة من الأدوات التي تساعد على تقديم محتوى أفضل وبشكل أسهل، لكن الأمر لم يدم طويلا حتى لاحظ الكثيرون بحلول منتصف عام ٢٠١٧ بدء يظهر انخفاض في الزيارات والتي نفت إدارة فيس بوك حدوثها، لكن بعد عدة شهور أصبحت قلة الزيارات واضحة أكثر وأكثر وباتت المواقع تلاحظ تدهور في الزيارات وانخفاض الترافيك حتى أعلن فيس بوك مؤخرا أنه بالفعل هناك تقليل في عدد الزيارات للمواقع الإخبارية، وعلل ذالك باهتمامه بالمحتوى المقدم للمستخدمين، ولكن الأمر في حقيقته أن الفيسبوك لم يعد مجانيا كما كان لمقدمي الأخبار فاصبح ضروريا أن تنشر محتواك ويصل إلى عدد أكبر من المستخدمين من خلال استخدام إعلانات الفيس بوك، الأمر الذي يزيد من دخل الفيسبوك الذي يمثل الإعلانات فيه نسبه ٩٨٪. تلك الخطوة تعد تمهيدا لبرنامج مشاركة الأرباح الذي ينوي الفيسبوك إطلاقه في عام ٢٠١٨ ويتيح للفيس بوك تحقيق أرباح من خلال الزيارات ومشاركته مع المواقع في تقسيم هذه الأرباح.
– العلامات التجارية
بات جليا أن تحقيق العلامات التجارية لأرباح والانتشار يتطلب وجود ميزانية مقبولة لإعلانات الفيسبوك، وقد قام الفيسبوك بشراء والاستحواذ علي عدد من الشركات التي تقوم بتحليل أداء المستخدمين وتقيمه وتحسين من نتائج الإعلانات الأمر الذي يعود بفائدة على المعلن بتحقيق نتائج اعلي وعلي الفيسبوك بزياده الإعلانات وعلي المستخدم بوصول إعلانات مناسبة له ولاهتماماته، ولكن بالطبع هذا الأمر ليس بالمجان فقد شهد عام ٢٠١٧ زيادة في أسعار الإعلانات على مستوى العالم بنسبة تصل إلى ٣٥٪ ويتوقع أن تزيد أسعار إعلانات الفيسبوك هذا العام بنسبه ١٥٪ تقريبا، مع الأخذ في الاعتبار بأن هناك دول باتت مستعدة لتشريع قوانين على أساسها تقوم الدول بمشاركة الفيسبوك في دخله من خلال ضرائب تفرض عليه في كل دولو، وبالفعل أعلنت إسرائيل عن تطبيق قانون جديد تستطيع من خلال جمع ضرائب مع الفيسبوك وهناك العديد من البلدان التي لازالت تناقش الأمر كفرنسا مثلا ومن ثم فهذه الزيادة طبيعية جدا في ضل تحسن آداء الإعلانات ونة فرض ضرائب علي الفيسبوك في العديد من البلدان.– جودة المحتوى المقدم للمستخدم
بحسب آخر الدراسات ففي كل مرة تدخل على الفيسبوك هناك أكثر من ١٢٠٠ محتوى يتنافسون مع بعض من أجل الظهور لك! وهذا بالطبع رقم كبير ومن هذا الإطار قرر الفيسبوك البدء في تغير قوانين الوصول والظهور للمستخدمين، فبحسب آخر تحديث ينوي الفيسبوك تقليل وصول محتوى الصفحات بشكل كبير سواء أكانت صفحات لعلامات تجارية أو مواقع إخبارية أو حتى صفحات للترفيه، وفي المقابل ينوي الفيسبوك زيادة وصول المحتويات التي ينشرها أصدقائك علي الفيسبوك والمجموعات التي تنضم لها وزيادة وصول الفيديوهات للمعلنين تمهيدا لإطلاق برنامج الربح من خلال الفيسبوك الذي يتيح لناشر محتوى الفيديوهات من تحقيق أرباح من إعلانات الفيديوهات التي ستأتي على الفيسبوك، بالطبع تحديث هكذا مفيد جدا للمستخدم ولكنه مضر بشكل كبير للعلامات التجارية والمواقع الإخبارية وسيتسبب في مشاكل كبير خاصة للكيانات التي لا تملك مبالغ للإعلانات كبيرة يمكنها أن تستغلها في نشر محتوياتها.
هذا المقال ملخص بسيط لبعض التحديثات التي تحدث في الفيسبوك مؤخرا، وفي المقال التالي سنتحدث ونشرح أكثر عن باقي التحديثات وتاثيرها علي الفيسبوك والمستخدم بشكل مباشر.