ننتظر تجفيف منابع التكفير، فاكتشفت بعد مشاهدة أربعة أفلام مصرية أننا حققنا نجاحا منقطع النظير فى تجفيف منابع التفكير.
الأفلام هى: (عقدة الخواجة) و(رغدة متوحشة) و(جدو نحنوح) وقبلها (حليمو أسطورة الشواطئ)، الذى سبق أن تناولته فى تلك المساحة، تُشعرنى أفلامنا بالخوف أكثر على حال السينما. الاستسهال هو سيد الموقف، يتقوقع عدد من النجوم داخل أنفسهم، يقيدهم طموحهم المحدود وخيالهم الكسيح، وأكرر نجومنا، لأنه مع الأسف لم يعد للمخرج- إلا فى حالات استثنائية لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة- اليد العليا فى توجيه العمل الفنى.
دعونا نبدأ بـ(عقدة الخواجة)، التى صارت مع الزمن (عقدة حسن)، وأعنى بها خطوة «حسن» الثانية، التى لاتزال متعثرة، الذى يعوق تلك الخطوة لـ«الرداد» هو تحديدا «الرداد»، منذ أكثر من عامين وهو مشروع لنجم قادم، والمشروع لايزال فقط مشروعا، فى فيلم (زنقة الستات) كان لافتا وواعدا.. حضور على الشاشة، وقدرة على الجذب، وقدر لا يُنكر من التحرر والمرونة التى تُمكِّنه من الانتقال بسلاسة بين مختلف المواقف، إلا أنه تخبط بعدها، وينطبق عليه توصيف الشاعر الكبير كامل الشناوى: (ويضيع من قدمى الطريق)، لم يعد يعرف أين تحديدا خطوته القادمة، باع له كاتبا السيناريو هشام ماجد و«شيكو» بضاعة راكدة، «هشام» و«شيكو» كان معهما أحمد فهمى، شكلوا قبل بضع سنوات فريقا ناجحا، انفصل «فهمى»، فشاهدنا فى الحصيلة الأخيرة قدرا لا يُنكر من التعثر، هل كان «فهمى» هو القادر على ضبط (الإيفيه)؟ ربما، فى كل الأحوال ليس هذا موضوعنا، ولكن كيف وافق «الرداد» على هذه الأوراق المبعثرة دراميا ومزاجيا، التى تعانى نضوبا فى الطزاجة والابتكار؟ لا يوجد فنان مهما أضاف يستطيع أن يُحيى سيناريو وهو رميم.
المخرج بيتر ميمى من أكثر مخرجى هذا الجيل قدرة على تقديم العمل الفنى التجارى، راجعوا فيلم (القرد بيتكلم) ومسلسل (كلبش)، التجارية تعنى القدرة على قراءة شفرة التواصل المتغيرة بطبعها، التوافق مع مزاج الناس موهبة لا يمتلكها الكثيرون، بالطبع فى نهاية الأمر لا يقدم «بيتر» نفسه للوسط الفنى باعتباره يملك رؤية وعالما خاصا، فقط مخرج صنايعى، هذه المرة فقد الصنعة، كنا أمام سيناريو تلفيقى، يحاول أن يجد منطقا لمواقف بطبعها تخاصم المنطق، صراع على الحسناء سامية الطرابلسى بين ثلاثة أطراف، شقيق حسن الرداد، الذى تزوجها، وقرر ماجد المصرى أن يتزوجها، فكان ينبغى أن يطلقها، وعندما يرفض يقتله، وبعد زواجها من «ماجد» تطلب الخلع، وتتعرف على المحامى، الذى أدى دوره حسن حسنى، وتتزوجه، ونصبح بصدد انتقام ثلاثى «الرداد» و«حسنى» و«المصرى»، ومن الممكن أن تعتبره رباعيا، لأن محمد لطفى، الذراع اليمنى لـ«ماجد»، شارك فيه، وينتهى الموقف بصفعات تنهال على وجه سامية الطرابلسى الملىء و(على سنجة عشرة) بالبوتكس، وهو المشهد الوحيد الذى أجادت «سامية» تقديمه، وفى نفس الوقت شفى، ولو قليلا، غليل الجمهور.
ولأن لكل شىء نهاية، فلم يجد المخرج سوى أن يلتقى فى المشهد الأخير حسن الرداد بـ«هنا الزاهد»، التى كانت هى خيط البداية للدخول إلى بيت والدها حسن حسنى، ثم نرى صدفة سمير غانم فى الشارع، ولا ينسى «الرداد» أن يقول له: سلم لى على «دُنيا»، متجاهلا زوجته «إيمى»، ليصبح الخاسر الأكبر فى (عقدة الخواجة) هو زوج شقيقة (دُنيا)!!.