عرف بشغفه الكبير تجاه لغة الصورة والصوت؛ حيث كان ينصح تلامذته بضرورة التشبث بواجبهم تجاه وقت التصوير، لتكريس كافة حواسهم للاستمتاع بكافة اللحظات السينمائية، المتمثلة في أجواء التصوير جميعها، بدءًا من تجهيزات الإضاءة والديكورات وأماكن التصوير، وصولاً لحركات الممثلين وأدائهم، هو من كان يحثهم دومًا على الخروج خارج إطار مهام أداء الوظيفة، لمهام أداء الوظيفة الإبداعية.
نرشح لك: 6 أسباب وراء تكرار أزمات شيرين عبد الوهاب
في يوم ذكرى ميلاده، نرصد خلال السطور التالية كواليس اللقاء الأول لأبرز نجوم الفن الحاليين، بعاشق السينما المصرية، المخرج يوسف شاهين .
1- محمود حميدة والتشتت الفني في الأداء
انتقد صاحب دور الخليفة في فيلم “المصير” أداء المخرج يوسف شاهين أثناء تلقينه لكل ممثل التوجيهات الفنية لكل مشهد؛ حيث أشار الفنان محمود حميدة أثناء إحدى لقاءاته الصحفية، أن الخطأ الذي كان يقع فيه ممثلو أفلام “شاهين” ناتج عن التوجيه الخاطئ من “شاهين”، حيث كان يستحضر “شاهين” مشاعر فنانيه من خلال زرع طاقة إيجابية أو سلبية بداخلهم من وحي ذكريات تجاربهم الشخصية.
فكان يطلب منهم أن ينظروا في عينه قبل بدء التصوير، تزامنًا مع تذكر أحداث مؤلمة أو مفرحة، قد مرت عليهم مسبقًا، وحينما يشعر بتغير مشاعرهم وفقًا للمشهد الجاري تصويره، يبدأ “شاهين” التصوير، وهو الأمر الذي كان يوقع بالممثلين في فخ اصطناع الأداء والتعرض إلى الإفلاس الأدائي بعدم تقديم مشاعر الشخصية الدرامية في العمل الفني، والاستعانة بمشاعر تجارب شخصية خاصة بحياة الممثل الحقيقية، وهو الأمر الذي تصدى له “حميدة” حينما طلب منه ذلك، محليًا رفضه بدعابة قائلاً: “قال لي بص في عيني، قولت له لأ بص إنت على ودني وقولي عايز إيه وقف إنت ورا الكاميرا، وأنا هخلص تفكير في الدور وأكمل”.
2- محسن محي الدين وفن الظهور
تحددت العلاقة الفنية بين “محي الدين” و “شاهين” في إطار ودي فني؛ حيث وصف الأول علاقته بالثاني بأنها علاقة أب بابنه، مشيرًا إلى أنه كان يجيد توصيل الأفكار المختلفة والصعبة، التي يريد “شاهين” تقديمها -وفقًا للشكل الذي كان يريده- إلى الجمهور.
تعلم “محي الدين” مبادئ التمثيل في سن المراهقة على يد “شاهين”؛ فكان لشاهين دور بارز تجاه رسم ملامحه الفنية عبر شاشة السينما، بدءًا من تعليمه فن مذاكرة الأشخاص، حسبما صرح “محي الدين” في إحدى لقاءاته التليفزيونية مع الإعلامي عمرو الليثي، أن “شاهين” علمه قيمة حفظ الدور جيدًا، والذي ساعده على اتقان فن الوقوف أمام الكاميرا؛ والانشغال بمشاعر الشخصية وإظهار عواطفها للمشاهد دون الاكتراث بإشكالية تذكر نص كلامها أو نسيانه.
3- منة شلبي والأفلام المبهمة
“داهية يا أستاذ لا تكون حضرتك فاكر أفلامك الناس كلها بتفهمها، هما آه فاكرينهم بس مش فاهمنهم”، كانت تلك الجملة المازحة هي ما وجهته الفنانة منة شلبي إلى المخرج يوسف شاهين، بعدما سخر من اعترافها له بتقديرها الشديد لأفلامه دون فهمها، مما جعله يلقبها بالـ “حمارة”؛ فباغتته بأن “نعم الحقيقة أنا والسبعين مليون”.
اعترفت “شلبي” خلال إحدى لقاءاتها التليفزيونية مع الإعلامية إسعاد يونس، بأنها كانت تهاب “شاهين” جدًا؛ وهو الأمر الذي جعلها ترتجف ولا تتحدث بطبيعتها في أول لقاء يجمعهما في مكتبه الفني؛ ولكنه سرعان ما احتواها بروحه المرحة وابتسامته العفوية، التي كانت ترتسم في عينيه قبل فمه، واصفة لقاءهما: بـ “احتواني في 3 دقائق”.
4- نيللي كريم وعملية التجميل
تعرض الكثير من نجوم الفن الحاليين إلى كثير من الانتقادات من مكتشف موهبتهم الأولى المخرج يوسف شاهين؛ وهو الأمر الذي اتسمت به أغلب العلاقات الفنية التي جمعت أولئك النجوم بالمخرج الراحل، قبل بداية ولادة نجوميتهم على يديه.
ومن أبرز أولئك النجوم، كانت الفنانة نيللي كريم، حيث صرحت في إحدى لقاءاتها التليفزيونية مع الإعلامية منى الشاذلي، أن “شاهين” طلب منها أن تجري عملية تجميل في وجهها؛ متسائلا: “مش عايز تعملي عملية تجميل في مناخيرك؟”، محاولاً معرفة رغبتها تجاه ذلك الأمر وقتئذ، قبل دخولها العمل الفني الذي طلبها من أجل تأدية دوره، فردت عليه مندهشة:
“لأ لما إنت تعملها الأول أبقى أعملها”.
5- نبيلة عبيد وخلق هالة الهيبة
وصفت الفنانة نبيلة عبيد كواليس العمل الفني الذي جمعها مع المخرج يوسف شاهين بالـ “غريبة”، حيث كانوا يصورون فيلم “الاَخر” في سانت كاترين، وكان “شاهين” ينهي التصوير بوجه عابس يظهر انزعاجه تجاه أداء اليوم وتصويره، مما دفعها لسؤاله عن سبب ذلك الضيق، فكان يجيبها بجملة واحدة “أنا مش مبسوط”، ولكنها كانت تطمئنه بأن كل شيء سيكون في أفضل صورة ممكنة اليوم الذي يليه.
تكرر الموقف مرتين، مما أغضب “عبيد” وجعلها تسأله مباشرة عما إذا كانت هي وراء كل تلك المشكلة وكل ذلك الغضب، ففاجأها “شاهين” بالموافقة وأنه لا يرديها أن تكمل هذا الدور؛ فقررت “عبيد” أن تبحث عن أي حيلة تجعلها تظهر في صورة مرضية؛ ومن ثم تعتذر عن مشاركتها في التصوير وتغادر المكان برمته؛ ولكنها فوجئت أنه جاء إليها اليوم التالي بعد انتشار خبر مرضها، ليجبرها أن تعود للتصوير مرة أخرى، مصرحة بالهدف وراء كل تلك القصة الغريبة وموقفه الغريب، خلال إحدى لقاءاتها التليفزيونية، معلقة وهي تضحك: “الحكاية إن أتاري دي القطة اللي بتدبح أول التصوير، علشان يكون في هيبة من الأول، لإننا بقينا حبايب فيما بعد”.
6- يسرا وديكتاتورية “شاهين”
ميزت الفنانة يسرا أجواء التصوير عند يوسف شاهين واختلافها عن أجواء التصوير مع أي مخرج أخر؛ رغم أول لقاء بينهما الذي سخر فيه من طولها ومن شكلها “الأشقر” الذي يتسم بالشعر ذات اللون الأصفر والبشرة البيضاء، إلا أنهما انسجما فيما بعد وحققا نجاحًا ملحوظًا يشهد له.
روت “يسرا” أنه كان يميز كل عامل من طاقم عمل أفلامه، من أصغر واحد إلى أكبر شخص في مكان التصوير، معلقة: “كان بيحسسك إنك أهم واحد في الدنيا”، وهو الأمر الذي جعلهم جميعهم يعملون في جو من الشغف المستمر، بالرغم من “الديكتاتورية” التي يصفه به كل ممثلي أفلامه؛ قائلة في إحدى لقاءاتها التليفزيونية: “كان ديكتاتور آه، بس ديكتاتورية حلوة أوى”.
7- نور الشريف ورهبة اللقاء الأول
التقى الفنان الراحل نور الشريف بالمخرج الراحل يوسف شاهين، في العرض الخاص الأول للفيلم الذي أنتجه “الشريف”، “دائرة الانتقام”، في معهد السينما، حيث وصف “الشريف” حالته بالخوف الشديد الذي كان يكسوه، منتظرًا رأي “شاهين” عقب انتهاء الفيلم.
تعجب “الشريف” من إشادة “شاهين” بعد مشاهدة الفيلم، فانقلب الحال رأسًا على عقب، وبدلاً من أن يسخر من أداء الأول، صرح له الثاني برغبته في شراء الفيلم، وكانت تلك المرة هي بذرة علاقتهما الطيبة وأعمالهما الفنية المختلفة التي قدماها معًا إلى الجمهور.