إيمان مندور
قلما يتذكر المصريون أسماء كثير من المسؤولين، فضلًا عن شكلهم، لا سيما في السنوات الماضية التي تلت ثورة الخامس والعشرين من يناير، بسبب الأحداث السياسية المتعاقبة التي نتج عنها 11 حكومة شكَّلها 7 شخصيات سياسية بارزة، آخرهم المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء الحالي.
بدأت معرفة المصريين بـ”إسماعيل” عندما عُين وزيرًا للبترول في أول حكومة بعد ثورة الثلاثين من يونيه في العام 2013، ثم استمر وزيرًا لنفس الحقيبة في 3 حكومات متتالية، حتى صار رئيسًا للوزراء في مطلع سبتمبر 2015 وحتى الآن.
الموقف الشعبي تجاه “إسماعيل” مرَّ بفترات متناقضة بين قبول ورفض، كان لتأثير الأحداث السياسية والاقتصادية العامل الأكبر فيها، لكن منذ مطلع سبتمبر الماضي وتحديدًا بعد عودته من أداء فريضة الحج، أخذت الأمور منحىً مختلفًا عن الواقع السياسي في متابعة المواطنين لأخباره، نظرًا لظروفه المرضية التي بدا تأثيرها واضحًا للغاية على شكله.
نرشح لك: تيسيرات للوافدين الراغبين في تعديل موطنهم الانتخابي
الظروف الصحية التي يمر بها رئيس الوزراء ليست جديدة، بل كانت تتناولها الصحف والمواقع الإخبارية نقلًا عن الحكومة قبل أعوام، ففي يونيو 2015 أصدر المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء وقتها، قرارًا بأن يتولى المهندس هاني ضاحي، وزير النقل، إضافةً إلى عمله، القيام بأعمال “إسماعيل” (حين كان وزيرًا للبترول)، بسبب سفره في رحلة استشفاء.
شريف إسماعيل كان حريصًا على متابعة عمله، دون أن يدع مجالًا للالتفات لما يمر به من أزمات، وكان وقتها يسخر البعض بأن عديد من المصريين لا يعرفون اسم رئيس الوزراء، ولا حتى شكله، وكانت بعض البرامج تجري تقارير تليفزيونية تستطلع فيها رأي الشارع في حكومة إسماعيل، فكان يجيب البعض بأنهم لا يعرفون اسمه من الأصل، فضلًا عن شكله.
ظهور علامات المرض الشديد على رئيس الوزراء، وتحديدًا الانخفاض الحاد في وزنه وتساقط شعره بالكامل، كان النقطة الفارقة في تحوُّل علاقة المصريين به من شخص يُلقي الإعلام الضوء على جهلهم بشكله في بداية عمله، إلى شخص يعرفون جيدًا كيف كانت هيئته قبل المرض وبعده، وأسباب أزماته الصحية ويتابعون ملابساتها عن كثب الآن.
ففي أكتوبر الماضي تم تداول عدد من الشائعات تزعم استقالة إسماعيل من الحكومة بسبب مرضه، ولكنه سارع بنفي ذلك بنفسه، خلال حوار تليفزيوني له، مع الإعلامي أحمد موسى على قناة “صدى البلد”، قائلا: “أؤدي دوري على الوجه الأكمل، وأتواجد في مكتبي وأؤدي عملي، وأنا بطمن الناس إني بخير، وكل شيء بإيد ربنا سبحانه وتعالى”.
كثرت الأحاديث مرة أخرى حول مدى إمكانية استمرار “إسماعيل” في منصبه، في نوفمبر الماضي، وتحديدًا بعدما سافر إلى ألمانيا، لإجراء عملية جراحية بالجهاز الهضمي، استمرت عدة أسابيع، إلا أنه توجه قبل أيام إلى مكتبه بمقر هيئة الاستثمار لاستئناف عمله، عقب فترة النقاهة التي قضاها مؤخرًا.
ترأس شريف إسماعيل، أمس الخميس، أول اجتماع للحكومة بعد عودته من الرحلة العلاجية، وكان احتفاء الوزراء به كبيرًا، حيث قدَّم الجميع له التهنئات على عودته مرة أخرى، وكان رده عليهم هو التعبير عن شكره لكل من اطمأن عليه خلال فترة علاجه أو زاره بألمانيا.
موقف “إسماعيل” من الترحيب الشديد به كان ملفتًا، وبدا واضحًا مدى امتنانه لكل من تمنَّى له العافية، وتجلَّى ذلك في صورة انتشرت بكثافة بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، عبَّرت عن المشهد بطريقة ربما كانت أبلغ من الكلام، وكأنها لخصت قصة مغالبته للمرض بالعمل التي استمرت لسنوات.