رائد عزاز نقلا عن جريدة الفريق
اسم المستشار تركي آل الشيخ لمع في الأوساط السعودية أوائل سبتمبر الماضي، حين وقع عليه الاختيار لتولي الهيئة العامة للرياضة، بالإضافة إلى رئاسة اللجنة الأوليمبية المحلية؛ وذاع صيته بعدها بأسابيع قليلة على مستوى الشرق الأوسط عندما نال بالتزكية منصب رئيس الاتحاد العربي لكرة القدم. ومؤخرا، صار حديث الساعة داخل الشارع الرياضي المصري، عقب قيامه بتقديم دعم هائل للنادي الأهلي، جاء مصحوبا بتصريحات أثارت مخاوف الكثيرين ودفعتهم للتساؤل: هل الرجل مجرد عاشق للكيان الأحمر دون غرض مثل الأمير عبد الله الفيصل والسيد/ ناصر الخرافي، أم هو مستثمر يسعى لامتلاكه كما فعل الإماراتي منصور بن زايد مع مانشستر سيتي و القطري ناصر الخليفي مع باريس سان جيرمان؟
نرشح لك: محمد هشام عبية يكتب: 30 كتابا مصريا وعالميا ننصح باقتنائها بمعرض الكتاب – (2)
الإجابة على السؤال تبدو صعبة بسبب التضارب الملحوظ في أقوال وأفعال آل الشيخ، الذي بادر بحشد رؤوس الأموال الخليجية للإسهام في تحقيق حلم بناء مدينة الأهلي الرياضية، ودفع تكاليف استقدام أتلتيكو مدريد بكامل نجومه من أجل أداء مباراة ودية أمام الكتيبة الأهلاوية، فضلا عن تمويله معظم الصفقات الكروية الأخيرة للنادي سواء كانت شراء أو بيعا أو إعارة. لكنه في المقابل فرض سفر الفريق إلى الرياض للمشاركة في مهرجان تكريم صديقه اللاعب فؤاد أنور الذي اعتزل منذ سنوات طويلة، دون النظر لارتباط الفريق بخوض لقاء رسمي مهم في الدوري بعدها بأقل من يومين، وطالب إدارة الأهلي بالإفصاح تفصيليا عن عطاياه، كي يعرف الجميع مقدار فضله وكرمه، كما هاجم بضراوة كل من تجرأ على انتقاده، وهدد ضمنيا بالانسحاب من المشهد -مع قطع “المعونة”- إذا لم يسارع الخطيب لإسكات صوت المعارضة داخل مجلسه!!
الجميع يعلم أن الأهلاوية لم يسمحوا على مر الزمن، لوزير أو خفير، بالتدخل في أمور ناديهم؛ إلا أنهم رحبوا وعظموا كل من سانده بصدق -مثل الأمير عبد الله الفيصل الذي حرص دائما على الظهور بصورة المشجع المؤازر للكيان دون ضجة أو إعلان، حيث تنازل لصالحه عن أسهمه في مشاريع اقتصادية مربحة، كي يضمن له دخلا ثابتا محترما يغنيه عن طلب الإعانات، وتبرع ببناء الصالة المغطاة بمقر الجزيرة التي مازالت وستظل مزدانة باسمه رغم أنه كان رافضا لذلك، ونظم قصيدة رائعة في حب الأهلي (تحية وجلالا أيها النادي فأنت زين النوادي حلية الوادي)، وهي التي لحنها الموسيقار محمد الموجي وغناها عبد الحليم حافظ خلال الاحتفال بمرور 50 سنة على تأسيس القلعة الحمراء.
نرشح لك: محمد هشام عبية يكتب: 30 كتابًا مصريًا وعالميًا ننصح باقتنائها بمعرض الكتاب – (3)
على الرغم من الغموض الذي يحيط بشخصية تركي آل الشيخ، إلا أنه أبدى احتراما كبيرا لبلدنا وكتب أيضا عدة أغاني لمطربينا المشهورين؛ بالإضافة إلى حرصه الدائم على التحدث بلهجتنا العامية، مما يشير إلى أنه يسعى عمليا للتقارب معنا والتواجد بيننا. لذلك، أدعوه أن لا يكتفي فقط بعلاقاته الطيبة مع المسؤولين والإعلاميين، بل أن يجتهد أيضا لكسب ود وثقة جماهيرنا التي تحتاج إلى التأكد من أنه بالفعل “واحد مننا”. هذه المعادلة المركبة تستلزم أن يضع في حسبانه الاعتبارات التالية:
أولا: علاقة الشراكة في التجارة والرياضة تقوم أساسا على مبدأ المساواة الذي يحقق المصلحة المشتركة بين الطرفين، وبالتالي لا يجوز لأي منهم الاستعلاء على الآخر أو التغني بما قدمه إليه. أرجو أن تتذكر دوما مقولتك مع أحمد شوبير: “الاستثمار مع نادي القرن في أفريقيا فرصة بالنسبة لنا.. إحنا الكسبانين مش إنتم”.
ثانيا: كثير من أنصار القلعة الحمراء يعتقد أن المصالح السياسة والأزمات الاقتصادية قد تدفع الدولة قريبا لخصخصة أو بيع الأندية المملوكة لها -منها الأهلي-وهو الأمر الذي يرونه كارثة حقيقية وصاعقة مدوية ستزلزل المكان الذي توارثوا عشقه عبر الأجيال. لذا أطلب منك طمأنتهم بتصريحات واضحة صريحة تزيل الشكوك وتبين الحقوق.
ثالثا: لا يصح ولا يجوز إبداء تحفظات شخصية أو توجيه اتهامات علنية لبعض أعضاء مجلس الإدارة الذين اختارتهم الجمعية العمومية بأغلبية ساحقة. من الوارد حدوث اختلاف في وجهات النظر بينكم، لكنك تعلم جيدا أن مبادئ الأهلي تحتم مناقشة تلك المسائل بهدوء داخل غرف الاجتماعات المغلقة بعيدا عن وسائل الإعلام كافة.
رابعا: الرئاسة الفخرية للنادي الأهلي قيمة كبيرة لا تقل عن لقب أمير، نظرا لأنها تمنح حاملها صك الدخول إلى قائمة عظماء هذا الصرح العريق الذي يزيد عمره عن عمر كثير من دول المنطقة. الآن وقد صرت واحدا من ثلاث وعشرين رمزا نالوا هذا الشرف على مر التاريخ، عليك أن تكون أكثر من يحافظ على تقاليده ويصون كرامته.
الكرة الآن مع تركي آل الشيخ، وعليه أن يختار ما بين مواصلة اللعب بقواعد وضوابط الأهلي الراسخة، أو التوقف عند هذا الحد وكان سعيكم مشكورا.