قرأت أن خسائر القنوات الفضائية العام الماضى فقط 750 مليون جنيه !، أصدق الرقم، الإعلانات تراجعت منذ سنوات بينما تضاعف الإنفاق، يصبح السؤال الصعب: لماذا تتحمل هذه القنوات هذا الحجم الكبير من الخسائر المادية الفادحة؟ وتصبح الإجابة المنطقية الوحيدة: أن هناك أرباحا خفية تأتى من حيث تمتلك قناة تليفزيونية.
بمراجعة السنوات الماضية: ربح أكثر من امتلك قناة تليفزيونية أو أكثر، على الأقل استمر فى إدارة أعماله، بينما تلعب القناة دور عصا غليظة فى وجه من يقترب!
فى كل بلاد العالم، هناك مليارات تُدفع من تحت المائدة لكى تستمر قنوات وصحف، تدافع بالحق والباطل عن من يدفع، وقرأت فى النيوزويك الأمريكية أن الإعلام والسينما «مجالٌ خصبٌ» لغسيل الأموال!
فى مصر لا نعرف مصدر هذه التمويلات الضخمة، ولابد أن جهات سيادية وسياسية سألت بالنيابة عن الجميع وعرفت، لكن لا أحد يتكلم، يبدو الأمر غامضا يحتاج إلى أن نفهم على الأقل: من يدفع؟ لماذا يدفع؟ كم يدفع؟ متى يتوقف عن الدفع؟
فى يوم من الأيام، كان معروفا فى الوسط الصحفى والسياسى أنه لا توجد أحزاب فى مصر، إنما توجد جرائد أحزاب، مثلا: كانت جريدة الوفد يوما أقوى من حزب الوفد كله ! طبيعى وقتها أن مايحتاجه الجورنان يحرم على الحزب!
كانت جريدة الوفد يرأس تحريرها الأستاذ مصطفى شردى ويحررها من الباطن الأستاذ مصطفى أمين ويدعمها سرا الأستاذ إبراهيم سعدة، ودخلت حيز توزيع مليون نسخة كل أسبوع، وتحولت إلى قوة ضغط وورقة رابحة، على الدولة وعلى الخصوم وعلى أبناء الحزب ذاته.
حين تراجعت الصحيفة، لم يعد هناك لا صحيفة ولا حزب!
القنوات الفضائية تلعب اليوم نفس الدور، كل قناة هى حزب يحكم أو يرغب فى الحكم، وهى تقدم الوجبة البايتة المعروفة التى داستها كل وسائل الإعلام: كثير من النفاق، قليل من العنف والسخرية والمعارضة.
وصفة أو طبخة تضحك بها على الزبون.
على الحاكم، بأنك معه فى خندق واحد، مع ضرورة أن تكون هناك نفحة معارضة لإضفاء المصداقية.
على المشاهد، بأنك تحصل على وجبة مجانية من الضحك والبكاء والصراخ والدهشة والصبر والصدمة فى بروجرام واحد!
لا تفوق هذه القنوات، ترك مذيع أو أكثر لتهويش الدولة والحكومة بالصوت العالى، لكى يبقى للقناة أنياب تجعل المسئول يتراجع أو يتردد إذا ماحاول أن يغلق أو يقلب القناة!
الدنيا تغيرت، لكن الوسائل والطرق والأفكار والوصفات والطبخات لم تتغير، فاسدة ومستمرة، بايخة وقائمة.
لقد نجح ونجحت القنوات والوكالات فى تهميش وتهييس تليفزيون الدولة، لكى ينفردوا باللعبة، تليفزيون الدولة هو الوحيد الذى تنفق عليه الدولة من مصدر معلوم هو ميزانية الدولة ذاتها، لكى يعمل معها فى إدارة الدولة واستثمار البشر وتوصيل الأفكار، إعلام لا يهدف إلى الربح المباشر أو المصالح الخاصة، إنما يهدف إلى جعل كل مشروعات الدولة تربح.
لم يعد هذا موجودا، وأضيف أنه: غائب عن عقل العاملين فى إعلام الدولة، فمن ضمن البيض الفاسد الذى تركته القنوات التليفزيونية الخاصة أنها علمت تليفزيون الدولة أن يبحث هو أيضا عن المصالح الخاصة وعن الضجيج بلا طحن!
الملف طويل ومُعقَّد، ولنا عودة إن شاء الله.
نقلًا عن “جورنال مصر”
اقـرأ ايضـا :
الضرائب تعلن مستحقات ليلي علوي ومصطفي شعبان
جابر القرموطي: الشارع الصحفي مليان “خوازيق”
علي جمعة يبيح استخدام “الوشم الظاهري”
“البيت بيتك” يناقش تجديد الخطاب الديني
جوجل يحتفل بأشهر فنان تشكيلي مصري
هالة فاخر: “لما تبقى مغموم.. افتكر خطابات مرسي”
سعد الصغير ودينا ضيفا “خمسة أموواه”