نقلا عن المصري اليوم
بعد هزيمة 67 سألوا الموسيقار محمود الشريف عن أسبابها، قال لهم الحشيش وأم كلثوم، وهكذا فى سطر واحد صارت المخدرات والست وجهين لعملة واحدة. ما الذى منح محمود الشريف كل هذه الجرأة، مع الأخذ فى الاعتبار أننا كنا نعيش فى زمن عبدالناصر، العاشق الأكبر والمتيم الأول بصوت أم كلثوم، الكل كان يعلم أن للشريف مكانة استثنائية، وصفحة خاصة جدا فى كتاب أم كلثوم، وهى فى المقابل حريصة على ألا يستعيد الناس تلك الصفحة، وبالمناسبة لا أوافق طبعا على هذا التماثل بين أعظم صوت سكن وجداننا والمخدرات وويلات الهزيمة، نعم هُزمنا لأننا رددنا قبل النوم أكاذيب مثل صواريخ أطلقنا عليها «الظافر» و«القاهر»، اعتقد المصريون أنها قادرة على محو الكيان الإسرائيلى فى لحظات، ولم ندرك أنها مجرد لعبة «فشنك» للزينة. الموسيقار الكبير محمود الشريف يُقدر إبداعه كبار الموسيقيين، فلقد كان هو أصدق نغمة عرفتها الأذن الشرقية بعد سيد درويش، الشريف حالة خاصة جدا فى مشوار أم كلثوم، وثقت عنهما كتابا أطلقت عليه «أنا والعذاب وأم كلثوم»، مستعينا بالأحاديث التى خصنى بها، الخطوبة التى ارتبطا بها أعلنت عام 1946، لم تدم سوى بضعة أيام، أما الزواج السرى غير المعلن قبلها فلقد تجاوز عامين. سألت الشريف: هل أنت نادم أنك لم تلحن لأم كلثوم بينما تلاحق على صوتها كبار الملحنين حتى من أجيال جاءت بعدك مثل الموجى والطويل وبليغ؟ أجابنى: لم يكن هدفى أن تُغنى ألحانى، بقدر ما هو الجديد الذى أضيفه إليها، المسرح الغنائى هو حلمى الأثير،
نرشح لك – شاهد: أبناء عمرو دياب يتحدثون عن ذكريات الطفولة
أحيا سيد درويش المسرح، بينما تلميذ سيد درويش وصديقى العزيز محمد عبدالوهاب، شيعه إلى مثواه الأخير، اتفقنا أنا وأم كلثوم أن نعيد إحياء المسرح، وبالفعل أطلقت عليه مسرح «ثومة» ورسمت على الورق ملامحه، ولم يكن يعنينى أن أنفرد بالتلحين، بالضرورة سنضع ألحاناً لكل من زكريا أحمد ومحمد القصبجى ورياض السنباطى، كان حلما مشتركا، جاء الانفصال ليوقف كل شىء، حتى أغنية «شمس الأصيل»، التى كان قد أجرى مع أم كلثوم أكثر من بروفة لها على العود، ألقى بالشريط من شرفة منزله بالدور التاسع شقة 4 عمارة «استراند» باب اللوق، واحتفظ فقط بكلمات الأغنية بخط يد أم كلثوم، سألته عن رأيه فى اللحن بعد أن أسندته أم كلثوم لرياض السنباطى؟ أجابنى: قطعا رائع. هل كانت أم كلثوم زعيمة فى حياتها الشخصية؟.. قال الشريف إطلاقا، امرأة عادية جدا، وعندما سألها مصطفى أمين فى الحوار، الذى نشره على صفحات أخبار اليوم بعد إعلان الخطوبة عن استمراها فى الغناء، أجابت «الأمر لمحمود وما يريد»، هذه الكلمات العفوية من أم كلثوم لم تمر ببساطة، أثارت غضب الرأى العام، الذى اكتشف فجأة أن صوت أم كلثوم ليس ملكية عامة، بل هناك رجل واحد من الممكن أن يقول لها توقفى فتتوقف، ودفع الشريف الثمن. ظلت أم كلثوم مشروعه وحلمه المجهض أراد لها أن تُصبح صوتا على خريطة أنغامه يقتحم به مجال المسرح الغنائى، لا أن يُصبح هو مجرد لحن على خريطتها. كان الشريف يعيش حتى وهو مع أم كلثوم قصة حب أخرى لسيدة تدعى «فردوس»، تعيش فى المنصورة، ولم تكن وقتها صور الملحنين معروفة، ولهذا كان أهل الحى عندما يرونه قادما إليها يطلقون عليه «مجنون فردوس»، وتلك تستحق مساحة قادمة!!.