“مفارقة عجيبة، لا أعلم السبب أو حكمة ربنا فيها، إني أمثّل دور في مسلسل” أوبرا عايدة” سنة ٢٠٠٠ كمريض بالشلل الرعاش، لأصاب به بالفعل وفي الحقيقة بعد ١٣ سنة من المسلسل. أعرف أن هذا المرض مرتبط ارتباطاً كلياً بالأعصاب، لكني لم أتخيل يوما أن يحدث لي ذلك”..
هكذا بدأ الفنان الكبير يوسف فوزي حواره مع إعلام دوت أورج من داخل منزله، في لقاء يعتبر من لقاءاته الصحفية النادرة بعد قرار اعتزاله التمثيل في ٢٠١٥
نرشح لك: يوسف فوزي.. الفنان الذي جسد مشهدًا تحول لحقيقة
فيما يلي تصريحات يوسف فوزي لإعلام دوت أورج
1. دائماً ما كنت عاشقاً للسينما، وكان كل مليم في جيبي أصرفه أنا ومجموعة أصدقائي فترة شبابنا في الستينات على الذهاب للسينما ومشاهدة الأفلام، خاصة الأجنبية، وقليلاً ما كنت أشاهد الأفلام المصرية. لكني أذكر في إحدى المرات أثناء دراستي في كلية التجارة وتحديدا سنة البكالوريوس سنة ٦٩ – ٧٠، أن سمعنا عن فيلم مُعين قيل إن مساحة الحرية فيه وفي حواراته غير مسبوقة، وأن أنور السادات – رئيس مجلس الأمة وقتها- قد أقنع الرئيس جمال عبد الناصر بضرورة السماح بعرض الفيلم كنوع من المتنفّس للشعب المصري. هذا الفيلم بقدر ما كنا غير مصدقين للكلام المُقال فيه، أصرينا على دخوله مرتين في نفس اليوم؛ حفلتي ٦ و٩. كان ذلك الفيلم هو “ميرامار”.
2. والدي كان مهندس صوتيات في أستوديو مصر فترة الأربعينات، وكان رافضاً تماماً عملي بالفن والسينما قبل حصولي على الشهادة الجامعية، وأصر على أن أنزلها من جامعة القاهرة وليس جامعة الأسكندرية ليضمن التزامي وعدم لهوي.
3. الممثل المصري الذي اعتبرته في فترة شبابي أيقونة بمعنى الكلمة هو “عادل أدهم”، فبصرف النظر عن معرفتي الشخصية به من خلال نادي الجزيرة، إلاّ أنه تم اكتشافه بالشكل اللائق بعد معاناة كبيرة وطويلة في المجال. كان يمتلك قدرة رهيبة على التحكم في قدراته؛ فيستطيع أن يؤدي دور الشرير بشكل مخيف وكذلك الكوميدي بشكل رهيب وغير متوقع، كذلك الفنان محمود مرسي. وعلى المستوى الأجنبي أعشق جيمس مايسون وألبرت فين وكلاهما إنجليز.
4. بالرغم من أنني لا أستمع للأغاني كثيراً لأنها تشعرني بالحسرة على أيام الشباب “ليت الشباب يعود يوما”، إلاّ أنني أحب الاستماع لشيرين عبد الوهاب، فصوتها مميز بشكل عجيب، وأحب أيضاً الأغاني القديمة لأم كلثوم كـ “الأولة في الغرام”، كما أحب فايزة أحمد وفايدة كامل بصوتها الحماسي في الأغاني الوطنية.أما أغاني المهرجانات فلا أستمع إليها، فنحن الجيل القديم لا نريد الاعتراف بالجيل الجديد.
5. أحب متابعة الفنان أمير كرارة وكنت قد التقيته في بداياته أثناء تصويره أحد الأعمال وقلت له”إنت عندك مستقبل رهيب لكن اصبر”، وأتابع أيضاً يوسف الشريف، أحمد السعدني وياسر جلال؛ فهذا الجيل يتمتع بتلقائية شديدة عكس أجيالنا التي يظهر في أدائها التمثيل أكثر. ومن الفنانات الشابات أتابع منى زكي، منة شلبي، هند صبري وحورية فرغلي.
6. الزمن الحالي للسينما يعتبر نقلة مختلفة تماماً؛ زمان كنا بنقدم شيء مُغلف للشعب المصري وللثقافة المصرية عكس الزمن الحالي الذي انتشرت فيه السرقات والتحرش والاختطاف، أشياء كنا نسمع عنها في أمريكا فقط. وزمان في السينما كانت الموضوعات اجتماعية جداً وكنا بنجد نفسنا في الفيلم المصري. كان معظمنا تقريباً إيقاعا واحدا وفلسفة واحدة في الإخراج والتمثيل، أما الجيل الجديد مع السنوات المفتوحة زادت خبراته وقدراته على متابعة الثقافة الإنجليزية والفرنسية والإيطالية، وازدادت بالتالي درجة تطلعاتهم لهذه النماذج.
7. مسلسل “لحظات حرجة” المأخوذ عن المسلسل الأمريكي الشهير “ER”، قمت فيه بدور مدير مستشفى، وأذكر أنني قابلت المخرج والمنتج للمسلسل الأمريكي وسألته عن رأيه في المسلسل المصري من ضمن ٩ فورمات قُدمت به في كذا دولة، فأبدى إعجابه الشديد بالنسخة المصرية من حيث التمثيل والتصوير والإخراج.
8. تم تكريمي من المركز الكاثوليكي للسينما عام ٢٠١٣ وقام بزيارتي الأب بطرس دانيال في ٢٠١٦، وكنت سعيدا بهذا التكريم لأنه قائم على استفتاء أكثر منه تحكيم؛ ومن الجهات التي تمنيت أن أكرم منها وحدث بالفعل هي “دير جيست” في ٢٠١١، وهي جائزة نتيجة أيضاً لاستفتاء شعبي وسعدت بها كثيراً، وكنت قاب قوسين أو أدنى من حصولي على جائزة أفضل ممثل دور ثان في المسرح القومي عن مسرحية “إسكافي الملكة”، لكن عضوة التحكيم الكندية اعترضت لأن المسرحية حازت بالفعل على أفضل عرض وأفضل ممثل دور أول فلا داعي لجائزة الدور الثاني.
9. أكثر شيء مفتقده في الفن بعد اعتزالي هي الفلوس؛ “الأُجرة وحشاني” لكن الحمد لله أنا اكتفيت، كذلك أفتقد الجماهير، وزياراتي للمركز الكاثوليكي للسينما فقط، لعدم نزولي تقريباً نهائيا من البيت.
10. الفنان بيومي فؤاد دائم السؤال عني، واتصل بي مؤخرا لرغبته في زيارتي، كذلك الأصدقاء علي كمال ومحمد رضوان. وبالنسبة ليّ أفتقد جداً مجموعة الممثلين زملائي في المسرح القومي “إسكافي الملكة”، و في مسرحية “الناس بتحب كده” التي عرضت على المسرح العائم وشارك فيها إيمان البحر درويش وهالة فاخر.
الفنان يوسف فوزي يطالب بإلغاء الإنتخابات الرئاسية
الفنان يوسف فوزي يطالب بإلغاء الإنتخابات الرئاسيةحوار وتصوير : أمنية الغنام #صوت_الميديا#السيسي
Posted by إعلام دوت أورج – e3lam.org on Tuesday, February 6, 2018
11. أحب القراءة كثيرا وإن كانت ظروفي الصحية لا تساعد على ذلك سوى مدة قصيرة وقت الفجر لقراءة القرآن الكريم، وليس لي تعامل من أي نوع مع السوشيال ميديا، فأنا “أمّيّ” بالنسبة للغة العصر الجديدة، ولو كنت رئيس جمهورية لألغيت الفيسبوك لكثرة الهجوم الموجود على صفحاته.
12. شهادات أعتز بها كانت عبارة عن كلمات للصحفي الكبير بالأخبار نبيل عصمت، حين كتب عني قائلاً “هذا الممثل القدير”، وكان متحمساً لي بشدة وكنت في بداياتي؛ ولقائي بالمذيع مفيد فوزي في افتتاح أحد الأفلام حين وصفني بالفنان الصادق مع النفس والخالي من “الشّلليّة”.
13. كَسليِ وراء عدم سعيى للحصول على دور أول في الأفلام، بالإضافة لضرورة توسيع دائرة العلاقات والزيارات للمخرجين والمنتجين وإنك “تجري وراء مصلحتك”، وأنا ماليش في القصة دي خالص، ويكفيني فخراً إن الأعمال كانت تأتيني بالتليفون.
14. هوجمت من أحد النقّاد على دوري في فيلم “٢٤ ساعة في إسرائيل”، وكنت أقوم بشخصية يهودي ومعي الفنان الكبير السيد راضي كيهودي أيضاً، ويبدو أننا بالغنا في نظرات الشر بالعيون والجفون على حد تعبير الناقد، لكننا استقبلنا ذلك بالضحك.
15. رفضت أداء دور شرير يؤذي الأطفال إلى حد القتل، في أحد الأفلام، لأنها مسألة مبدأ مهما كان العائد المادي، كذلك رفضت أداء الشذوذ الجنسي، لأن الناس لا تنسى، وأذكر الفنان خالد الصاوي بعد فيلمه “عمارة يعقوبيان” اضطر لتعلم الملاكمة للدفاع عن نفسه في الشارع؛ كما رفضت دور “نائب رئيس المخابرات العراقية” أثناء حرب الكويت والعراق من أجل جملة لابد أن أقولها في الفيلم وهي “يا معفنة يا مصرية”.
16. مازالت تُعرض عليّ بعض الأعمال منذ اعتزالي في رمضان ٢٠١٥ بعد مسلسل “أستاذ ورئيس قسم”؛ آخر هذه العروض كان منذ حوالي أسبوع لمسلسل درامي لرمضان القادم، لكني رفضت وأعلن صراحة قرار اعتزالي حتى لا أكون عائقاً في أي عمل وحتى لا يتعاطف معي الجمهور نتيجة لمرض أو ظرف صحي، فأنا أخذت نصيبي وكفايتي تماماً من السينما والفن طيلة ٣٣ سنة.
17. كنت مقلاً في أدواري المسرحية لأنني اعتبره نوعا من الروتين، حيث نفس التوقيت، نفس المكان، نفس الكلام والممثلين، ولكن الجمهور يختلف يومياً وبالتالي ردود الأفعال، ومن هنا شعرت أن المسرح له قدسية كالمحراب وأنه أبو الفنون. وأذكر إن لم تخني الذاكرة، أنه في ٢٠٠٧ عرض عليّ المخرج خالد جلال دورا في عمل مسرحي وترددت كثيراً لكنه طمأنني بأن الأمر فيه بروفات كثيرة.
18. أنا أرى أن المرأة هي الحياة. والدتي إنجليزية، درست التمثيل في معهد “رادا” في إنجلترا (فنون مسرحية)، وجالت جميع محافظات إنجلترا بفرقتها المسرحية، وكانت توصف بالأعصاب القوية، وفي مصر عملت كمذيعة في ٢٤ شارع الشريفين، وعندما جاءت مبنى التليفزيون سنة ٦٠ رآها المخرج يحيى العلمي وطلب منها تمثيل مونولوج كحوار من جانب واحد في مسرح الأدب الروسي، ولما كنت أعبر لها عن رغبتي في التمثيل أمامها كان ردها يتمثل في احتياجي للتمرين أكثر، وكانت لها عبارة “عايز تدوس على خشب المسرح أكتر”.
19. لي ابنتان وابن واحد؛ منيرة وسارة متزوجتان ومقيمتان في تورونتو بكندا، وكنت في زيارة لهما قريباً ومكثت معهما شهرين، وعُمر ٢١ سنة ويدرس المونتاج ويرغب في تكملة دراسته أيضاً بكنداً لكني أتمنى أن يكون بين البلدين فينال راحة مصر وتقدم كندا. زوجتي مصرية تركية من عائلة راتب وهي قريبة الفنان جميل راتب؛ وجودها وتنسيقها للمنزل كأحسن مهندسة ديكور، كأنه بالنسبة لي جَنّة.
20. -كان في فكرتين نفسي تتقدم كعمل سينمائي. الأولى عن كابتن السباحة العالمي عبد اللطيف أبو هيف وكان صديقاً لي ونتمرن سويا في نادي الجزيرة وكنت حاصلاً على المركز الثاني في بطولات القاهرة. الفكرة بالفعل عرضها عليّ الوزير الأسبق صفوت الشريف رغبة في توثيق سيرة حياة أبو هيف على أن أقوم أنا بدوره في الكبر لكن للأسف لم يكتمل المشروع. الفكرة الثانية عن أب مصري بملامح أجنبية ينجب أبناء بعضهم بملامح مصرية والبعض الآخر بالملامح الأجنبية، ويبدأ العمل الفني في استعراض موضة التفكير القديمة -أصحاب الملامح المصرية- ومتبني الفكر الحديث والعصر المفتوح – الملامح الأجنبية؛ والهدف هو أن كل شيء أصبح أحسن وأفضل حتى في الفن، لكن ليس بهوية مصرية خالصة.
21. عندما تمثل أمام الفنان أحمد زكي فإنه يرفعك تلقائيا لمستواه -وإن كان متفرداً في مستواه. كثيراً ما كان ينصحني، وتشعر أن “قلبه عليك”. أذكر أيام تصوير فيلم “النمر الأسود”، طلب مني مرافقته إلى سيارته لأخذ فترة الراحة، وقال لي “أنا متوقع منك الكثير وأتوقعلك إنك تكون رشدي أباظة بعد ٣ سنين”.
22. العصر الذهبي بالنسبة لي هو فترة أفلامي مع الفنانة نادية الجندي ومجموعة العمل المنتج محمد مختار ونادر جلال وبشير الديك. كنا بنعمل فيلم واحد في السنة وكان إنتاجهم سخي جداً سواء في السفر أو الطيران أو الملابس أو الإعلانات، وكانوا يهتمون بدراسة جميع تفاصيل الفيلم، فينعزل مثلاً بشير الديك تماماً في غرفة في أحد الفنادق ليتفرغ للكتابة مدة ٧ أسابيع، ونادر جلال هو “عجينة سينما”.
23. أنا إنسان “بيتوتي” طول عمري لم أكن أحب الخروج من المنزل كثيرا أو حتى حضور الحفلات؛وفي ظروفي الحالية أنا سعيد جداً لأنني امتلكت بيتي هذا في مكان هادئ منذ ٧ سنوات، وأتمتع فيه بالخضرة والتأمل، خاصة أن الانتماء للدين والتقرب لله يزيد مع التقدم في العمر ومع الحاجة يزيد التقدير للدنيا مع كل يوم الصبح، وأنا بدعي وأقول “سبحان الذي أحيانا وإليه النشور”.