أحمد بسيوني يكتب: هل أنت من فقراء الفيسبوك أم من أغنياء الصين؟

لا يخفى على الكثيرين مصطلح ظهر في العالم منذ سنوات وهو الـBig data، وهو علم تجميع وتخزين وتحليل وتقييم المعلومات والبيانات، والقدرة على تطويع هذه المعلومات لخدمة أهداف كثيرة وتوقع أحداث مستقبلية لأشخاص ومؤسسات بناء على هذه المعلومات التي تم جمعها.

ما علاقة هذا المصطلح بالفيسبوك والصين؟ حسنا.. دعني أخبرك أنه بحسب جريدة الـ Dailymail، فقد استطاع الفيسبوك الحصول على براءة اختراع تتيح له التعرف على طبقتك الاجتماعية، سواء أكنت أنت من الطبقات الغنية، المتوسطة، أو من الطبقات الدنيا! ولكن كيف يستطيع الفيسبوك التعرف على هذه المعلومات الدقيقة؟

نرشح لك: أحمد بسيوني يكتب: ماذا يريد الفيسبوك؟

الإجابة هي: مرحبا بك في عصر الـ Big data.. الفيسبوك يستطيع ذلك من خلال كل المعلومات المتاحة لديه منذ سنوات، عنك وعن تاريخك البحثي على الفيسبوك وكل الكومنتات التي كتبتها وكل الفيديوهات التي قمت بنشرها وكل الآراء التي تحدثت بها مع أصدقائك على الفيسبوك؛ يستطيع من جمع هذه المعلومات وتحليلها والقدرة على معرفة نوع تعليمك والمكان الذي تعيش فيه وما هي ممتلكاتك وسفرياتك وتتبع الأماكن التي تذهب إليها وعدد الأجهزة التي تستخدمها في الدخول على الفيسبوك وأنواعها ومعرفة تاريخك الشرائي وغيرها آلاف من المعلومات التي يملكها. وعلى هذا الأساس سيقوم الفيسبوك بتحديد ما هو وضعك الاقتصادي والاجتماعي حاليا، ليقوم بإظهار أنواع محتويات متناسبة معك ونوعية إعلانات متناسبة مع شريحتك. الجدير بالذكر أن هذه الفكرة ليست بالجديدة فالفيسبوك بدأ في التفكير في هذه الخطوة منذ عام ٢٠١٦.

ولكن ما هي علاقة هذا ببراءة الاختراع بالصين؟

العملاق الصيني يعمل حاليا على مشروع باستخدام الـ Big data ليقوم بوضع نظام Social Credit System أو تقييم مجتمعي لك، بمعنى أن الصين كدولة تملك ١,٣ مليار مستخدم وكدولة مركزية تستطيع أن تجمع عددا مهولا من المعلومات عنك وعن حياتك مثل وضعك الاقتصادي وما هي الملكيات التي لديك من سيارات ومنازل ورصيد بنكي وغيرها، إلى جانب إذا كان لديك أي سجل إجرامي أو أحداث حدثت لك في الماضي وتسببت في مشاكل لك أو لغيرك -كقضايا معينة تم اتهامك بها وغيرها- وكذالك معلومات عن نظامك التعليمي ودرجاتك وبالطبع خبراتك العملية والحياتية التي على أساسها يتم تقييم الأشخاص وإعطاء درجات متناسبة مع وضعك الاجتماعي هذا.

هذا النظام جاري العمل به حاليا ليتم إطلاقه سنة ٢٠٢٠ وتعميمه على جميع الصينيين؛ فمن يملك معدلا عاليا من هذا النظام الاجتماعي الصيني سيتم إعطاؤه مجموعة كبيرة من المميزات، منها إنترنت أسرع، قدرة على الالتحاق بوظائف أفضل، تسهيلات أفضل في الحصول على قروض، تسهيل عمليات السفر لك، إلى جانب مجموعة كبيرة جدا من المميزات. أما من يحصل على تقييم سيئ، فسيتم عكس كل ما سبق؛ إنترنت أبطأ، وصعوبة في الحصول على الوظائف والقروض والسفر. وليس هذا فحسب، بل حتى في الزواج سيتم الأخذ بعين الاعتبار تقييمك، وعلى أساسه سيتم المفاضلة بين المتقدمين للفتيات. هذا ليس كل ما في النظام، بل إن النظام يستطيع مراقبتك ومراقبة نشاطاتك على الإنترنت وآرائك وآراء أصدقائك القريبين منك، وعلى أساسهم سيتم إضافة وتقليل نقاطك لأن كما تعلمون إن “المرء علي دين خليله”.

والنظام الجديد الذي سيتم تطبيقه سيكون به العديد من التقديرات والجوائز، والكثير من الخصم في النقاط كمثال:

شخص يشتري الحليب لأبنائه من الممكن أن يأخذ نقاطا إضافية لأنه شخص مسؤول ومحب لأسرته؛

شخص يلعب الألعاب لعشر ساعات سيتم حذف نقاط منه لأنه شخص غير مهتم بالوقت والإنتاج.

بالطبع بعد الصين، توجد العديد من الدول التي تفكر في تطبيق هذا النظام. وبالطبع إن نجح هذا النظام -وهو المتوقع- سيتم نشره بشكل كبير وسيكون بمثابة جواز السفر الخاص بكل مستخدم على الكرة الأرضية.

كل هذا نقطة في بحر المستقبل القريب الذي ستختلف به الحياة وطريقة معيشتنا وأسلوب حياتنا، مع ظهور وانتشار الـ Big data.