طارق الشناوي نقلًا عن المصري اليوم
اشتعلت (الميديا) بخبر ترحيل الراقصة الروسية جوهرة بقرار من جهاز سيادى، بحجة حفظ الأمن القومى، على اعتبار أن هناك تهديدا مباشرا من وجودها، كلما أمعنت (جوهرة) فى الهز، ازدادت معدلات الخطر أكثر وأكثر، وصارت الحالة (جيم).
نرشح لك: أحمد فرغلي رضوان يكتب: معارضة ليلة الامتحان!
هذا القرار يعيد لنا حكاية عمرها أربعون عاما، عندما أصدر هذا الجهاز الحساس قرارا مماثلا فى نهاية السبعينيات بترحيل المطربة السورية ميادة الحناوى خارج مصر، وظل القرار ساريا، نحو عشرين عاما، ولم تفلح محاولات محمد الموجى وبليغ حمدى فى عودة ميادة لمصر، ولهذا كانوا يسافرون إلى أثينا لتسجيل أغانيها.
هذه المرة جاء إلغاء القرار خلال 24 ساعة فقط، بعد أن امتلأ (النت) بمشاهد لأكثر من راقصة مصرية تؤدى مشاهد تتجاوز جوهرة فى الجرأة، مما دفع البعض للاعتقاد أن الأمر وراءه صراع آخر بين الراقصات المحليات ضد انتشار المستورد، خاصة من الكتلة الشرقية، كما كانت تسمى فى الماضى، فلقد لاقت أيضا صوفينار (الأرمنية) الأصل ولا تزال ضربات مماثلة، حتى فى الرقص هناك خيار وفاقوس.
قرار الترحيل عندما يمتزج بالأمن القومى يحمل دلالات جسيمة تتعلق بحماية الوطن من أى احتمال لغزو خارجى، إلا أن الأمر كان أبسط بكثير مما تخيلنا أنه صراع بين الأجهزة، وأن ميادة تعمل لحساب المخابرات السورية. ما اكتشفناه بعدها وموثق، فى قضية ترحيل ميادة أكد أن الأمر لم يتجاوز الغيرة النسائية، فلقد كان الموسيقار محمد عبدالوهاب مولعا بصوت ميادة وكانت وقتها دون العشرين من عمرها، ثم وجه لها الدعوة للقاهرة وبدأ فى إعداد لحن (فى يوم وليلة). اعتراف «عبد الوهاب» بالمطرب دائماً ما يأتى متأخراً، فهو لا يُقدم أول لحن، يتركه فى البداية للآخرين، ومن أجل ميادة قرر أن يتحمل مباشرة لأول وآخر مرة مسؤولية تقديم صوتها، كان عبدالوهاب يقترب من الثمانين. موسيقار الأجيال له مقولة شهيرة (لا شىء يقف أمام الأجمل)، تستطيع أن تجد تفسيرا لتلك العبارة لو كنا نتحدث عن الأجمل فى الموسيقى وفى النساء أيضا، وهكذا كان عبدالوهاب يرى ميادة وميضا سحريا صوتا وصورة يرشق فى القلب. انفلتت بعض الكلمات من الأستاذ أثناء البروفات على العود، كان يمطر ميادة بكلمات يسكنها الهيام واللوعة، الشريط ينتشر فى الوسط الفنى، عبارات الغزل وصلت إلى مسامع نهلة القدسى، زوجة الموسيقار الكبير التى رحلت قبل نحو عامين، اعتبرت الزوجة المجروحة فى كرامتها، أن ما حدث جريمة لا تغتفر، فكان لابد من العقاب القاسى، حيث مُنعت ميادة بقرار رسمى من دخول البلاد، بناء على أوامر من «نهلة». ذهب «عبدالوهاب» إلى مكتب وزير الداخلية الأسبق «النبوى إسماعيل» وأصدر الوزير أمراً بترحيلها فور وصولها إلى مطار القاهرة وأصبح لحن «فى يوم وليلة» من نصيب «وردة»، وهذا ما دفع الصحافة وقتها لأن تشير بأصابع الاتهام إلى وردة بأنها دبرت كل ذلك من أجل الاستحواذ على لحن الأستاذ.
اعترف بذلك النبوى إسماعيل فى حوار له مع الإعلامى والكاتب الصحفى وائل الإبراشي، قبل 17 عاما نشره على صفحات مجلة (روزاليوسف) وقال وزير الداخلية الأسبق «أمن بيت عبدالوهاب العاطفى هو أيضا أمن قومى»، لهذا وبضمير مستريح منعها من دخول البلاد، إلا أنه لم يذكر أن عبدالوهاب بعدها وبناء على رغبة نهلة قدم لحنا لزوجته المطربة فايدة كامل. الأمن القومى لا يهزه صوت مطربة ولا هزة راقصة!.