مينا عادل جيد يكتب: رأي أفلاطون في «SNL بالعربي»

قرر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وقف برنامج «SNL بالعربي» الذي يبث على قناة «ON.E»، وذلك لأن البرنامج دأب على استخدام الألفاظ والعبارات والإيحاءات الجنسية التي لا تليق بالعرض على المشاهدين وتخالف المعايير الأخلاقية والمهنية.

في رأيي الشخصي أنه لا يجب وضع أي قيود على أي نوع من أنواع الفنون ولا أؤيد قرارات حبس الفنانين أو الراقصات أو وقف أي برنامج أو إعلامي إلا فقط في حالة التحريض على العنف والكراهية، وعندما علمت بخبر وقف برنامج «SNL بالعربي» سخرت منه على صفحتي على الفيس بوك وقولت: “طب أعضاء المجلس الأعلى للإعلام كانوا بيضحوا زمان على برنامج ساعة لقلبك في الراديو هنجيب لهم الكوميديا دي منين دلوقت؟!”.

في الحقيقة أنا لا تعجبني أو تضحكني كوميديا «SNL بالعربي»، ولكني أعرف أن  أفرق جيدا بين إعجابي بمضمون إبداع، ومناداتي بحرية هذا الإبداع حتى لو لم يكن يعجبني، وأعرف أيضا أنني لا أملك الحقيقة كاملة في كل شيء فقد أكون على صواب أحيانا وقد أكون على خطأ أحيانا أكثر، ومن الأمانة أن أعرض عليكم رأيا آخرا حتى لو كان متناقضا مع رأيي المتواضع في الضحك، وربما يوضح لنا موقف المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام من  «SNL بالعربي» ، وهو رأي الفيلسوف أفلاطون الذي يعد هو الأب الحقيقي للدراسات والتأملات المرتبطة بالضحك والتأمل فيه.

يرى أفلاطون في كتابه الهام «الجمهورية»،  أن الضحك المسرف أو المبالغ فيه، كثيرا ما يؤدي إلى تحول الإنسان العادي أو المواطن الصالح إلى واحد من أقل الشخصيات جاذبية وأكثرها للسخرية والاستهجان في المجتمع، ألا وهي شخصية المهرج، حيث يظهر هذا المهرج أسوء أنواع السلوك على تقويض أسس المشاعر والعلاقات الرصينة في المجتمع.

كما يرى أفلاطون أنه في لحظة واحدة ينطلق هذا الضحك غير المهذب، مع ما يصاحبه من سخرية أو سباب، أو تجاوز في الألفاظ، فيهتز الوقار والاحترام، وقد تحول هذا التحذير من التطرف أو الإفراط لدى أفلاطون إلى تحذير من تحول المرء إلى شخص عامي أو مبتذل في سلوكه، أو إلى أن يسلك في الشارع مثل السوقة أو الدهماء. هكذا، فإنه ينبغي على حراس «الجمهورية»  أن يواجهوا كل اندفاعات العامة، وأن يراقبوهم ويضبطوا سلوكهم.

الخلاصة والحقيقة، برنامج «SNL بالعربي» برنامج بلا قضية وبلا موضوع ولذلك تجد الإيحاءات الجنسية والألفاظ الخارجة فيه مبتذلة دون داع أو ضرورة، موجودة فقط لمجرد انتزاع الضحك من الجمهور الذي يضحك بطبيعته على أي لفظ خارج، على عكس برنامج «الأبلة فاهيتا» التي تتبنى قضية وتسخر منها بالإيحاءات وبعض الألفاظ والإشارات ومع ذلك فلا تغضب أحد، لدرجة ربات البيوت أنفسهن يحبون فاهيتا والجميع يغفر لها خطاياها لا لشيء غير أنها تنتقم من الجميع وللجميع من المجتمع.

ومع ذلك فأنا أيضا مازلت ضد وقف «SNL بالعربي» وأتمنى إذا عاد البرنامج مرة آخرى أن يعود بقضية لأننا في حاجة ضرورية للكوميديا في عملية تغيير الواقع القبيح.