يجلس عبد الملك بن مروان زاهدًا خاشعًا يقرأ فى كتاب الله، يأتيه خبر توليه الخلافة، يطبق المصحف قائلا: «هذا آخر عهدنا بك».. ببساطة، يعرف أنه بعد اليوم لن يكون هذا العابد المستكين الذى ينصح الناس بالحسنى فيستمعون إليه بما عرفوه عنه من التجرد، وإنما صار خليفة، سيفه أقرب إلى أعدائه من حواره، ويقلّب الله القلوب كيف يشاء.
تخيَّل أن هذا المشهد كان هذه الأيام.. يجلس المرشح المتدين المتجرد المحسوب على مؤسسات الدولة والمدعوم من الإعلام كله هائمًا فى ملكوت الله يقرأ القرآن، وفجأة تَبلغه رغبة الناس فى أن يكون هو الخليفة المنتظَر، يطبق المصحف ويقول أمام كل شاشات التليفزيون: «هذا آخر عهدنا بك».. دقائق وتمتلئ الشاشات بتحليلات لهذا المشهد. سيقول خبير استراتيجى: إنه يقصد أنه فى تلك اللحظة بالذات أتم حفظ القرآن فلم يعد بحاجة إلى المصحف لأنه فى القلب، ويقول آخَر: إنه يقصد أن هذا آخر عهده بهذا المصحف بالذات لأنه سيقرأ من المصحف اللى ف دار الخلافة، ويقول ثالث: إنه يقصد أنه لن يقرأ بعد ذلك بقراءة «حفص»، وسيقرأ بقراءة «ورش»، وسيُعرض فيلم تسجيلى عن المرشح الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، من مولده وطاقة النور التى خرمت سطح البيت لمهده، إلى تواضعه الحالى رغم مركزه الرفيع لدرجة أنه -ويا سبحان الله!- يأكل ويشرب ويدخل الحمام مثل العوامّ!
أصبح الإعلام بالفعل قميئا، تجاوز مرحلة التحيز وعدم المهنية إلى مرحلة صناعة الآلهة والطواف حول مقامات السادة، فإذا كنا قد طالبنا الإعلام الدينى سابقًا بأن ينحّى الدين عن السياسة، وأن يبتعد عن الوعظ السياسى فالناس قد آمنوا، فإننى أطالب إعلام اليوم بالرحمة، فالناس قد كفروا!
نقلُا عن “جريدة التحرير”
اقرأ أيضًا:
أبو حفيظة قلبه دق.. والسبب صافيناز
الليثي لـ”المحافظين”:”بتلفوا قدام الكاميرات ليل نهار”
الأزهري: أسلوب البحيري “داعشي”
الحصري لإسلام بحيري: بكرة مش يعني السنة الجاية
خالد الجندي: طلبت مناظرة إسلام بحيري ورفض
تساؤلات عن تهرب اسلام البحيري من مناظرة شيخ أزهري
برنامج إسلام البحيري.. 6 معلومات + 6 اقتراحات
تقليص “الحياة اليوم” وأزمة مالية في البرنامج
القرموطي لـ”بهجت”: لو أبويا اختصم الدولة هقف ضده
برنامج إسلام البحيري.. 6 معلومات + 6 اقتراحات