إسلام وهبان
من الشائع أن يقدم كل كاتب أو مفكر أو سياسي سيرته الذاتية، يذكر خلالها رحلة حياته وأهم التجارب التي مر بها، لكن الإعلامية نشوى الحوفي آثرت ألا تقدم كتابا عن سيرتها الذاتية بشكل عام لكن عن تواريخ بعينها رأت فيها من التجارب والمواقف ما يمكن أن يحمل رسالة للقارئ ويساعد كثيرين في فهم ما يحدث، وذلك من خلال كتابها الجديد “روزنامة.. تاريخ عشته وعايشته”، والصادر عن دار “نهضة مصر” للنشر والتوزيع.
نرشح لك: أنتيخريستوس.. صراع الإنس والجن في رحاب الصهيونية
إعلام دوت أورج، أجرى حوارا خاصا مع الإعلامية والكاتبة نشوى الحوفي للتعرف على تفاصيل أكثر عن كتابها الجديد، وكواليس تركها للصحافة، وذلك فيما يلي:
– لماذا اخترتي “روزنامة” كعنوان لكتابك؟ وهل من الممكن اعتباره سيرة ذاتية لنشوى الحوفي؟
“روزنامة” هي كلمة فارسية تعني الأجندة أو النتيجة، واخترتها كعنوان لكتابي بناء على اقتراح من صديقي الكاتب باسم صلاح الدين، حينما كان يحفزني على نشر الكتاب والذي بدأت في كتابته عام 2014، ولكن دوما كنت أتراجع عن قرار النشر.
الكتاب عبارة عن مواقف بتواريخ غير مرتبة، لكنني أراها قادرة على أن تعطي رسائل مختلفة، أو تؤرخ وتوثق لموقف عشته أو عايشت كواليسه، لذا كان العنوان الفرعي للكتاب “تاريخ عشته وعايشته”، ولا يمكن أن نعتبر “روزنامة” سيرة ذاتية، فحياتي الشخصية لم أتناولها إلا في موقفين، الأول كان في مقالة بتاريخ 1970، تحدثت فيها عن ولادتي العسرة والتي تعلمت منها الكثير، فأنا أرى أن هناك علاقة بيني وبين النملة، فأنا دائما ما أعافر وأحاول الوصول لهدفي مهما وجدت من معوقات، والموقف الثاني كان بعنوان “أنا والحمار.. حكاية شعب”، وحكيت فيه عن موقف حدث لي في سن الرابعة، حين عجزت عن اللحاق بأتوبيس الحضانة وهرولت وراءه مسرعة ليأتي حمار ويقف أمام الأتوبيس فيتوقف وأتمكن من ركوبه، هذه القصة علمتني أنه مهما حدث لي من صعاب أو فاتني من شيء ما دمت أعافر فسيرسل الله ما ينقذني أو يغير الواقع.
– هل الكتاب سرد لقصص وحكايات مررتي بها في الماضي أم هناك كواليس لبعض المقالات والحلقات التي قدمتيها من قبل؟
الكتاب يضم بعض المقالات التي نشرتها سابقا بالإضافة إلى كواليس كتابتها والمواقف التي كتبت فيها، “عشان ما حدش يقولك دي جاية تتكلم النهاردة”، كما يتناول العديد من المواقف التي عايشتها مثل موضوع “إلعب بعيد يا شاطر”، والكلمات التي وجهتها لخيرت الشاطر وجماعة الإخوان المسلمين، على الهواء عام 2013، كذلك قضية التمكين التي بدأ البعض في نسيانها.
https://youtu.be/ufz3ffYA23w
– ذكرتي في كتابك أن حوار ثروة الخرباوي كان من أهم أسباب قرارك بترك الصحافة، نريد أن نعرف أكثر عن كواليس هذا القرار؟
مهمة الصحافة هي تقديم المعلومة بصورة كاملة للمواطن، وتقدم الرأي والرأي الآخر.. فمن حقي كصحفية أن أحاور أي شخص وأسأله أي سؤال، لكن ليس من حقي أن أملي عليك وجهة نظر أو توجه بعينه. لم يكن حواري بجريدة المصري اليوم، مع ثروت الخرباوي، العضو السابق بجماعة الإخوان المسلمين، هو السبب الرئيسي لتركي للصحافة؛ فالحكاية بدأت قبل ذلك بفترة حينما سافرت إلى جينيف، في مايو 2011، للمشاركة بمؤتمر للحد من الكوارث، وكانت مانشيتات أغلب الصحف المصرية تتحدث عن مباحثات بين الجنة السويسرية والمسئولين بمصر حول كيفية رد أموال مبارك المهربة بالخارج، ولكن بسؤالي هناك في جنيف تبين أن هذه اللجنة ليست لرد الأموال لكنها لتدريبنا على كيفية تتبع الأموال في الحسابات السرية، وأنهم أرسلوها لمصر دون مقابل في المرة الأولى ولكن ذلك لن يحدث في المرات المقبلة، وقمت وقتها بإرسال الخبر للمصري اليوم “وأنا فاكرة إني جبت الديب من ديله”، لأفاجأ بعدها بنشر الخبر في آخر فقرة ضمن تقرير نشر عن اللجنة بعنوان “اللجنة السويسرية تواصل عملها لبحث كيفية رد الأموال المهربة”، هذا اليوم كان فاصلا بالنسبة لي وكنت أتساءل وقتها: “هو انت هتقدري تكملي بالشكل ده؟!”، ليأتي قرار الاستقالة بعد عدة أشهر مع حوار “الخرباوي”، ونشره في حلقة واحدة واقتطاع أجزاء كبير ومهمة منه. وقد ذكرت كل هذه التفاصيل بالكتاب.
نرشح لك: الكتب الأكثر مبيعا بـ 27 دار نشر بمعرض الكتاب 2018
– لماذا قررتي دخول مجال الإعلام؟ وهل تناول الكتاب تجربتك مع قناة الناس؟
في إبريل 2013، تقابلت مع أسامة الشيخ، رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون الأسبق، وكان مسئولا وقتها عن قناة “دريم”، وطلب مني تقديم برنامج تلفزيوني، فعرضت عليه فكرة برنامج ديني يتحدث عن القيم والمعاملات لمواجهة الفكر المتطرف للإخوان، واتفقنا على أن يكون 30 حلقة في شهر رمضان بعنوان “خلاصة الكلام”، وكان هذا هو أول برنامج تلفزيوني لي، بعدها قدمت “كبر دماغك” في يناير 2014، على شاشة “ON TV”، وكان من بين أهم الضيوف الذين استضفتهم أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، لكن لم تستمر لأكثر من 4 أشهر.
https://youtu.be/Et-b8fDlnag
وفي نهاية العام نفسه تلقيت عرضا من الإعلامي عماد ربيع، قبيل انطلاق قناة الناس بشكلها الجديد، لتقديم برنامج اجتماعي ديني، وكان ردي وقتها أني لست مع القنوات الدينية سواء الإسلامية أو المسيحية لأنها منية على التمييز وأنا أحب القنوات المواطنة، لكنه أقنعني بأن مشاهدي هذه القنوات يحتاجون لفكر مختلف عما تابعوه من قبل، وأعطى لي مطلق الحرية في المحتوى المقدم، وبالفعل تم بثه في إبريل 2015 بعنوان “تحياتي”. وبالفعل وجدت حرية كاملة فيما أقوله حتى وإن كان مخالفا لما يقوله بعض المشايخ أو المسئولين عن البرامج الدينية بها، ومنها حلقة عن عمرو خالد وانتقادي الشديد له. هذا بالإضافة إلى برنامج “هنا مصر”، والذي أقدمه منذ عام 2015 عبر أثير إذاعة البرنامج العام، وأتشرف بعمليه فيه حتى الآن دون مقابل.
https://youtu.be/FV170LTwstA
– كيف تناول الكتاب دخولك عالم النشر والعمل كمسئول للنشر “بنهضة مصر”؟ وما هو أول كتاب اتخذتي قرار بنشره؟
تجمعني علاقة صداقة برئيس مجلس إدارة نهضة مصر، داليا إبراهيم، منذ 2007، وقد عرضت علي تولي إدارة النشر بالمؤسسة خلال عملي بالصحافة، لكني رفضت وقتها، وكانت حجتي أني أحب العمل الصحفي وليس لي دراية كافية بصناعة الكتب، لكن بعد تركي للصحافة، وجدتها تعرض علي الفكرة مرة أخرى، وتؤكد حاجة الدار لي وأنني سأتعلم بسرعة كل ما ينقصني، وبالفعل بدأت عملي في يوليو 2012 وكان أول كتاب أتولى نشره هو “سر المعبد” لثروت الخرباوي، والذي حقق الأكثر مبيعا في الوطن العربي وقتها، وصدر في حكم الإخوان.
– هل قرار تحويل “سر المعبد” من حوار إلى كتاب كان تحديا لكي؟
لا، لم أعتبره تحد بقدر إحساسي بأنه كان رسالة، وحينما أتيحت لي فرصة نشر هذه الرسالة، كما أنني شعرت أنها “طبطبة من ربنا عليا”، فالحوار الذي تركت المصري اليوم بسببه، قد تحول لكتاب ناجح ليس في مصر فقط، بل في الوطن العربي كله، فضلا عن حصوله جائزة أفضل كتاب بمعرض القاهرة الدولي للكتاب عام 2013.
– ألم يكن لديك تخوف من رد الفعل على قرارك بنشر كتاب “شهادتي” لأحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، خاصة وأنه كان محسوبا وقتها على نظام مبارك؟
في أغسطس 2012، تلقيت اتصالا هاتفيا من داليا إبراهيم تسألني عن كتاب أحمد أبو الغيط، وزير الخارجية في عهد مبارك، وهل سنقوم بنشره أم لا، خاصة أن البعض رأى أنه لأحد رجال مبارك وقد يكون لذلك تأثيرا سلبيا عند نشره، بعدها قرأت الكتاب وما به من معلومات، ووجدت أن رسالتي هي توصيل هذه المعلومات للناس، فقررت نشره بعنوان “شهادتي”، وطلب مني الكاتب الصحفي مجدي الجلاد، نشر قراءة للكتاب على 7 حلقات بجريدة الوطن، وأخبرني أن مبيعات الوطن خلال نشر الحلقات، وهذا ما حفزني لطبع 5000 نسخة كطبعة أولى، ونفذت بالفعل في أقل من أسبوع. فالعبرة عندي دائما هو قيمة ما يقدم وأهميته للناس.
– ما هي معايير “نهضة مصر” في نشر الكتب؟
هناك معايير لاختيار أي عمل، أهمها أن يقدم قيمة ولا يتصف محتواه بالإسفاف، حتى وإن كان سيحقق مبيعات مرتفعة، كما أن لدينا لجنة مميزة لقراءة الأعمال وتقييمها، فضلا عن دكتور مدحت عيسى، رئيس مركز المخطوطات بمكتبة الإسكندرية، والذي نلجأ إليه في حالة وجود وثائق أو أحداث تاريخية بالعمل.
– متى تقررين رفض النشر بشكل قاطع؟
حينما أرى أن العمل المقدم سيخالف الرسالة العامة للدار أرفض نشره بالتأكيد، وقد حدثت واقعة مؤخرة عندما عرض علي أحد الكتب الشهيرة- قبل أن تقوم إحدى دور النشر بطبعه- والذي يقدم تجربة إنسانية عظيمة، ويعطي الأمل للغير، لكن كان لي تحفظين لهذا الكتاب، أولها الإساءة لمؤسسة خدمية ووطنية، والثاني هو عدم تقديم الأمل لمن يعاني من نفس المشكلة بالداخل، وقد قدمت ملاحظاتي لمؤلف الكتاب، لكنه لم يأخذ بها.
– ما هي أبرز الأزمات التي تواجه النشر بمصر؟
هناك عدد من الأزمات التي تمر بها دور النشر، أولها القدرة الشرائية، وثانيها القدرة القرائية في الوطن العربي الذي غاب عنه سلوك القراءة، وكل النسبة العالمية تؤكد ذلك، فضلا عن عدم الاهتمام بكتب الأطفال، وليست المشكلة في أسعار الكتب، فنحن ننفق على فواتير الموبايل أضعاف وأضعاف تكلفة الكتب.