إعلام دوت أورج _ الفجيرة
شهدت الندوة التطبيقية للمسرحية التونسية “سمها ما شئت” للكاتب والمخرج وليد دغسني، والممثلة أماني بلعج، احتفاءً كبيرًا بالعرض، خلال فعاليات مهرجان الفجيرة الدولي للفنون في دورته الثانية.
العرض عَدَهُ البعض إحياءً لفن المونودراما وعرضًا يستحق الاحتفاء نظرًا لكمال أركانه، وشارك الجمهور وحشد من المهتمين والنقاد في النقاش الذي دار بحضور البطلة ممثلة العرض أماني بلعج والكاتب والمخرج وليد دغسني وإدارة فراس المصري.
أولى المشاركات كانت مع الناقد المسرحي يوسف الحمدان الذي رأى أن من دخل لمشاهدة العرض، هو بحاجة لمشاهدته، “فنحن نقف أمام اشتغال بحثي، واشتغال استقصائي على لغة الجسد، وحوى الكثير من تشظيات هذه اللغة، وبطريقة غير اعتيادية”.
نرشح لك – 10 مشاهد من حفل نصير شمة في مهرجان الفجيرة
وأخرج الحمدان دهشته النقدية باستفسارات تعجبية، واستفهامات لفك خيوط العرض، إذ تساءل عن كيفية الاشتغال على الطاقة السحرية الداخلية للنص، وكيف تتشظى جسوم العرض، وكيف تتحدث عن الآخر. والأهم كيف اشتغلت الممثلة على تحويل حياتها لعدة حيوات، وكيف حولت أنفاسها لأنفاس أخرى، وكيف تعاملت مع العرض السحري بأبعاد متعددة، وكيف انتقلت بين الشخوص بشكل سلسل وسريع.
تابع أن كل قطعة على خشبة المسرح، تنتمي لأماني الممثلة ووليد المخرج، فالعرض الذي لم يتجاوز الساعة، ضج بكافة تضاربات ومشكلات المجتمع.
وعدَّ الحمدان هذه المرأة المتعبة، حالة دلالية وسميائية، من حالات الاسترخاء إلى حالات أخرى، وكيف تحول الكرسي من معناه المعروف، إلى أكثر من معنى، والجسد كيف تحول إلى المكان، وكيف تحولت كل القطع على خشبة المسرح، إلى حوار مع هذا الجسد.
وأنهى الحمدان حديثه بقوله: “عشنا لحظات سعيدة، فكان أمامنا اشتعال حي، إذ نجد أن استراحة الممثل هي لحظات مدروسة، وكل لحظة هي حالة مدروسة، ونرى الممثلة عبارة عن ممثلات واشتغالات غير اعتيادية، فالعرض يستحق أن نتحدث به كثيراً”.
أما الممثل والمخرج محمد غوباشي فاعتبر أن هذه الليلة هي البداية الحقيقية لمهرجان المونورداما، إذ رأى أن الممثلة تتحرك بشكل ثلاثي، وكأنها تحمل في يدها اليمين مخرج العمل وفي يدها الثانية تقنيات العمل.
وأسهب غوباشي بالشرح إذ قال “إن العرض يحوي ثلاث من المستويات: المستوى الأول هو للمشاهد العادي، يفهمه ويدرك قصصه، حتى وإن لم يصل لدواخله العميقة، فيما المستوى الثاني هو الفكرة، ورأينا الفكرة والحكايات شاهدناها بأكثر من عرض، لكن هذه الليلة شاهدناها الحكايات بشكل أخر، أما المستوى الثالث هو المستوى النخبوي”.
فيما لفت الكاتب المسرحي الدكتور عبد الكريم رشيد إلى أن العرض هو مونودراما حقيقية، ومسرحية حقيقية قائمة على التعدد، وفيها الكتابة المسرحية الجميلة، ذات الحمولة الفكرية والإبداعية، قائلًا: “استطاعت الممثلة أن تكون أكثر من إمراة، وبها رأيت مجتمعاً نسائياً، ما يؤكد أننا أمام فيض من الحالات المتناقضة، فهناك كيمياء الحالات التي لا يستطيع أن يصل إليها إلا الصوفيون الذين يعيشون ثقافة الرحيل”.
أما الممثلة نادرة عمران فأشارت إلى أن العرض كان مسرحياً بامتياز، وله خاصية هي أن “المخرج استطاع أن يُشعرنا بوجوده، ولم نره على خشبة المسرح، وأعطى المخرج الدور لممثلة متمكنة ولديها الكثير من التجانس الإيقاعي، والفن الجسدي، وهذا ما يفتقده الكثير من الممثلين على خشبة المسرح”، منوهةً إلى تعدد الأفكار بالعرض، مؤكدة أنه رغم ذلك “لم نر أي نشاذ أو قفز وإنما تسلسل ممتع”.
وبالنهاية عقبت الممثلة أماني بلعج على ما سبق بأن العمل المسرحي المقدم “سمها ما شئت” هو جهد سبع سنوات، وعمل تراكمي في حياتها، وخلال الأعمال السابقة، تطور العمل، وعمل به عدد كبير من الأشخاص ليكون على ما كان.
أما المخرج وليد دغسني فشكر القائمين على المهرجان، لإفساح الفرصة لهذا العمل كي يرى النور على أرض الإمارات، وأتاح فرصة لتقديم العمل أمام الجمهور العربي، ما يعطي دفعة نحو تطور العمل المسرحي.
ولفت دغسني إلى أنه غير محترف للمسرح، وإنما عاشق ويعمل به، وهو العمل السادس له مع ذات الفريق، ما كان سبباً رئيسياً للنجاح، مشيراً إلى أنه لا يتبع مدرسة مسرحية، وإنما معرفة مسرحية، “وإلى أي مدى أنت موجود وتمارس المسرح، وقادر من خلال ذكائك وفطنتك أن تلتقط متناقضات الحياة، واكتشاف الأشياء”.