إعلام دوت أورج _ الفجيرة
شهدت فاعليات مهرجان الفجيرة الدولي للفنون في دورته الثانية، عرض المسرحية الكويتية “غلطان بالنمرة” ضمن عروض المونودراما المقامة في بيت المونودراما بدبا الفجيرة.
العرض من بطولة وإخراج الفنان الكويتي ناصر كرماني، والذي قدم العديد من الأعمال المسرحية في الكويت، ولكنه يقدم هذه المرة عملا مونودراميا يتناول أزمة الوحدة بعد سن التقاعد “المعاش”.
“غلطان بالنمرة” يمكن تسميته بالعرض المفاجىء بالنسبة لكثيرين، خاصة المطلعين على تجربة “كرماني” الذي قدم سابقاً الكثير من الأعمال الجيدة، لكن هذه المرة وقعت له بعض العثرات الفنية خلال العرض مما أثار انتقادات كثيرة.
نرشح لك.. 10 مشاهد من حفل نصير شمة في مهرجان الفجيرة
يبدأ المشهد الأول من مونودراما “غلطان بالنمرة” ضمن مقاعد الجمهور٬ حيث ينزل المخرج الكويتي ناصر كرماني وهو منهمك بالحديث موجّهاً أسئلته للجمهور الذي ربما تفاجأ لأن الفنان ألح عليه في الإجابة، ولأن صوت الممثل كان ضعيفاً ولم يتمكن الكثيرون من سماعه بالشكل الكافي، فاحتجّ الجمهور وطالب بمعالجة الصوت، ولم يكن من خيار إلا عبر رفع حدته من قبل كرماني.
إنسان يصنع عالماً موازياً افتراضياً كي يشغل نفسه وقد بلغ سن التقاعد واليأس والوحدة، فيدّعي أمام الجمهور أنه مصلح كهرباء ويوهم الجميع أنه يدخل منزلاً يتبين أنه مهجور، وهناك الكثير من الأغطية التي جللت المقاعد والكنبات حرصاً عليها من الغبار، لكن المفاجأة تحدث عندما ينزع الغطاء عن شماعة الثياب التي تتوسط الخشبة حيث يظهر هيكل امرأة على شكل دمية يبدأ كرماني بالتعامل معها على أنها امرأة من لحم ودم، وبينما يشرح لها طبيعة الإصلاحات التي أجراها في البيت والسعر الذي يطلبه لقاء ذلك، يرد عليها بافتراض أنها تحدثت واحتجت على الأجرة التي طلبها بأنها مرتفعة.
يصر كرماني على نيل مستحقاته لقاء إصلاح الكهرباء فيفتح صندوقاً صغيراً بجانب المرأة فيجد فيه مجوهرات مزيفة فيبدأ بمخاطبة المرأة بأنها هي الأخرى مزيفة وأن كل شيء في البيت مزيف، لكنه يجد ساعة في الصندوق يقرر أن يأخذها لقاء أتعابه، لكن المرأة المزيفة تظهر وكأنها ترفض التخلي عن ساعتها بسبب ذكرى عزيزة على قلبها، يصر على أخذ الساعة لكنه يتراجع ويبدأ بالتقرب من المرأة حيث تنشأ بينهما علاقة من الود والصداقة، يشكو إليها همومه ويقوم بالرقص معها.
كل هذا يجري بلا انفعالات حقيقية للجسد وفي ظل غياب عنصر الإدهاش في الأداء، وغياب الانفعالات وردود الفعل والحركات المدروسة على المنصة، وكل هذا جعل الأداء بارداً رغم جمالية الفكرة المطروحة فيما لو أنها عولجت بشكل صحيح وسليم.
في النهاية يكتشف الجمهور أن البطل يدخل إلى بيته الشخصي ويحاول اختراع قصة بشخصيات مزيفة كي يصنع عالماً يتفاعل معه حتى لو كان عبارة عن امرأة دمية لا حراك فيها ولا حياة.
يغرق بطل الحكاية بالحنين، فيستحضر قصص الماضي الجميلة ويحاول سردها للمرأة المزيفة عساها تقدم له شيئاً، لكن الجمادات في هذه الحالة تبقى غير قادرة على العطاء حتى عندما يفترض أنها تطلب منه المكوث وحجم الرحيل، بل إن الحوار يأخذ منحى من السرد العادي غير المختلف حتى في حدة الكلام وطبقاته وأسلوب نبرته.
أما بالنسبة لحركات الجسد فغابت تماماً ولم يكن هناك أية تبدلات أو نبضات في حركات الأذرع أو تقاطيع الوجه أو الخطوات بما يوحي بحرارة المشاهد والحوارات الافتراضية التي كانت تنشأ مع المرأة المزيفة.
كل هذا رمى بعبء كبير على الإخراج الذي كان يفترض به أن يتلافى هذه النقاط لكن جمع الفنان كرماني بين بطولة التمثيل وبين الإخراج، أثر على هذه القضايا وجعل الثغرات أكبر من أن تعالج بالشكل الكافي.
المدة الزمنية القصيرة التي استغرقها العمل جعله لا ينتظر الممثل حتى يمتلك الأدوات ويشحذها كي يشد انتباه الجمهور، ولو أن كرماني تدارك هذه النقطة وكان يمتلك الزمن الكافي لتنفيذ ذلك، لكان أنقذ العمل من كثير من المطبات.
نقطة هامة لا بد من ذكرها هي الخاتمة المرتبطة بالعنوان، حيث يرن جهاز الهاتف بينما يهمّ كرماني بالخروج من المنزل، فيرفع السماعة ليستمع إلى صوت يطلب منه التعريف عن نفسه وعما يفعله في هذا المكان، فيقول له هذا منزلي وأنت تتصل بالنمرة الغلط!. فالقفلة خفيفة من حيث الجدية الفكرية وعمقها بالشكل العام إلى درجة يمكن القول فيها إن العمل كان عبارة عن فكرة عميقة وهامة لكن التنفيذ كان متواضعاً وهو ما تسبب للفنان كرماني بالكثير من الانتقاد عقب العرض في ندوة نقدية.