كانت هيئة الأمم المتحدة قد أعلنت عام 1979 السنة الدولية للطفل، وتزامن الحدث وقتها مع احتفال دولة الإمارات العربية المتحدة، بمرور ما يقرب من ثماني سنوات على قيام دولة الاتحاد، على يد القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والذي كانت لديه قناعة راسخة منذ تأسيس اتحاد الإمارات العربية المتحدة، أن أفضل وأهم استثمار هو الإنسان، وأن الدولة قوية البنيان أساسها المواطن الصالح الذي يتسلح بالعلم والمعرفة، وينظر إلى المستقبل بثقة وطموح أساسه العمل الجاد والدؤوب، وعندما نتحدث عن بناء الإنسان، فإن اللبنة الأولى توضع في الطفل، رجل المستقبل وثروته الحقيقية، وكان أن وجه الشيخ زايد بإطلاق مشروع إعلامي وطني عربي شامل يدعم رؤيته هذه، فجاءت مجلة الأطفال ماجد كأحد روافد هذا المشروع الملهم.
هكذا جاء مضمون افتتاحية عدد الأربعاء الماضي من مجلة ماجد، والذي تحتفل فيه بمرور 40 سنة من عمرها، فقد صدر العدد الأول منها مع إشراقة شمس يوم الأربعاء 28 فبراير من عام 1979، ولم تكن ماجد طوال أعوامها الأربعين إلا مجلة عربية قلباً وقالباً، وموسوعة معرفية ترفيهية هادفة، عرفت طريقها بسرعة إلى قلوب وعقول الصغار ومعهم الكبار أيضاً، فاكتسبت احترام وثقة الآباء والأمهات والمعلمين والقائمين على ثقافة الأطفال والمهتمين بها.
ولم أجد نفسي إلا متحمساً حماسة الأطفال المندفعة البريئة، نحو الاحتفال بعيد ميلاد ماجد الأربعين، فأنا من جيل ماجد، وأعلم أن كثيرين منكم من هذا الجيل، ولي معها ذكريات وحكايات تجمعنا بها، كواحدة من أهم مصادر تشكيل الوعي والوجدان المحظوظين بها في طفولتنا، ورغم أنها صدرت لمخاطبة الأطفال بين سن السابعة والرابعة عشرة، إلا أننا ارتبطنا بها ارتباطاً شغوفاً وثيقاً حتى سن الشباب وما بعده أيضاً، حتى حرصنا على أن تتفتح عيون أولادنا عليها، انضم ماجد إلى مناوبة ميكي وسمير لحماية وحراسة طفولتنا على مدار الأسبوع، فكنا ننام ونصحو ونلتقي على قصص وحكايات شخصيات ماجد الأسبوعية المتجددة، ونبحث بينها جميعاً ونحن نقرأ صفحات كل عدد على (فضولي)، الشخصية المتطفلة الذي تحصل على الجائزة حين تخاطب المجلة برقم الصفحة المتطفل عليها، في واحدة من أشهر مسابقاتها.
أحمد عمر هو أول رئيس تحرير للمجلة، وكان يظهر بها باسم الشخصية الرئيسية ماجد، وأجاد إلى حد التألق في تشكيل خلطة سحرية متنوعة وثرية ومبهجة، وجدنا فيها أنفسنا ومثلت أساساً راسخاً يحمل بنيانها القوي المتماسك على مدار أربعة عقود، ولم يكن مفتاح هذه الخلطة إلا التواصل والتفاعل مع القراء، فقد شجعت ماجد الأطفال منذ صدورها ولا تزال، على المساهمة في تحريرها، فأصبح عدد كبير من قرائها من كتاب المجلة الدائمين، كبرت وكبروا معاها، ولم تفقد ماجد طوال أعوامها الأربعين بوصلة التواصل مع لغة أي وكل عصر بكل مفرداته، فجرت برمجة موقع إلكتروني جديد واحترافي للمجلة عام 2009 بلغة الـPHP المتقدمة، والتي ساهمت بقوة في دعم وسهولة التواصل والتفاعل بين المجلة وقرائها، وفي نقلة أخرى مواكبة، دشنت المجلة قناتها التليفزيونية الفضائية الخاصة باسم ماجد عام 2015.
ورغم هذا وقد يكون بسببه، وفي تحدٍ يحفظ للصحافة المطبوعة مقامها العالي في مواجهة تطبيقاتها الرقمية، لا يزال توزيع المجلة يسجل أرقاماً قياسية في تاريخ الصحافة الموجهة للأطفال، تصل إلى 176500 نسخة في الأسبوع على امتداد الوطن العربي الكبير، وفقاً لتقرير مؤسسة التحقق من الانتشار الدولية، فهي بحق سفيرة الإمارات للعرب، وحين تطلع على استبيان أجرته المجلة في الآونة الأخيرة، تجد أن متوسط عدد قراء العدد الواحد من المجلة 4 أفراد، وهو ما يعني أن عدد قرائها أسبوعياً حوالي 600 ألف قاريء، 20% منهم أعمارهم أكبر من 18 سنة، وفقاً لما أظهره نفس الاستبيان، وتحرص ماجد على المشاركة الفعالة في المعارض والمؤتمرات والمهرجانات الدولية، فكان أن حصلت على جائزة الصحافة العربية مرتين متتاليتين، وهي أرفع جائزة صحفية في الوطن العربي، وكان ذلك عامي 2002 و2003.
فاطمة سيف رئيس تحرير ماجد وفريق العمل بها، عائلة ماجد الحبيبة، الكبار كسلان جداً وفريق البحث الجنائي وموزة الحبوبة وأخوها رشود ومظلوم وأمونة المزيونة وفضولي، والجيل الجديد زكية الذكية وكريم ديجيتال وكراملة ومدرسة البنات وحنتوفة ورونالدينيو، وفي صحبتكم بقية العائلة المصونة في الوجدان والذاكرة على مدار أربعة عقود، دمتم حضوراً عطراً لذكرى زايد الخير، صاحب البصمات الإنسانية التي لا تمحى، كل عام وأنتم جميعاً بخير، وعيد ميلاد سعيد يا ماجد.