محمد حسن الصيفي
أنت تعرفه من على بُعد، وتشتم رائحته مثل الطعام الطيب الناضج، تعرف بصمته مهما اختلف الإطار، كلمات أغنية، مقال ساخر، كتاب ينتهي في جلسة واحدة، حنين جارف للماضي، مذيع بسيط، مصري أصلي، كبير صنايعية جيله … كلها كلمات لو افترضنا أنك ستُدخلها كبيانات لعقلك كمحرك بحث لابد وأن يعطيك الإسم سريعًا دون شُبهة “عطلة” أو تفكير .. إنه عُمر طاهر .
نرشح لك: الكتب الأكثر مبيعًا في7 مكتبات خلال فبراير 2018
وعُمر طاهر وحده يملك الخلطة السحرية التي تجعلك تتعقب مسيرته، وأفكاره عبر مناطق الكتابة المختلفة لأسباب قد تحتار فيها لكثرتها لكن أظن أن أهمها البساطة، هو أحد ملوك البساطة والوصول سريعًا لعقل وقلب القارئ.
والكاتب هنا يعود بـ “وصفولي الصبر” ويطل من خلاله كمذيع، وشاهد منغمس، ومنهمك ومهموم بصنعة الكتابة، لكن بالطريقة ذاتها المحببة والقريبة من الجميع وذلك بلقاء مع كاتب وروائي يتحدث اللغة التي نتحدثها دون أن يُحرّك نظارته الطبية للأمام ويأتي بكلمات يعجز عن فهمها المشاهد.
“صنعة الكاتب الونس والعملة اللي بيقبض بيها المحبة” كنت بدور على حد من مساكين المحبة دول علشان اتونس بيه، بدور على كاتب يجاوبني على أسئلة في شغلنتي، يديني حصة، درس خصوصي …
هكذا بدأ عمر طاهر الحلقة الأولى مع الكاتب والروائي الكبير، صُنع الله إبراهيم ، متحدثًا عن أهم الأسئلة التي تشغل الكثير من المهتمين بالكتابة وتقنياتها ومشاكلها، وهذا أبرز ما جاء في الحوار:
1. أكتب كل يوم “مفيش حاجة اسمها الإلهام والوحي” هذه أكذوبة، لكن هناك عشق للمهنة نفسها أو لموضوع معين، وطبيعي لازم يكون في انظباط ونظام في الكتابة
2. الحذف … مسألة تحتاج لدرجة عالية من الإنضباط الداخلي، فـ “همنجواي” مثلاً كان ملتزمًا بعد الانتهاء من الرواية بقرار أخذه مسبقًا بحذف مائة صفحة منها ويقرأها مرة أُخرى فقط لهذا الهدف، وهذا الأمر عموما يأتي بالتدريب والنضج، فمع الوقت والنجاح يُخلق داخل الكاتب شيئًا من التواضع للتعامل مع هذا الأمر ببساطة وواقعية.
3. قفلة الكاتب .. أنا بيجيلي حاجة تانية غير القفلة بيجيلي “اكتئاب متكرر منذ المراهقة” انتظر حتى ينتهي وأعود لاستئناف عملي بالكتابة مرة أخرى.
4. فترة الحمل في الفكرة .. العمل هو اللي بيحل مشاكله، الكتابة نفسها هي اللي بتحل المشاكل اللي من نوعية “ابدأ منين وأكمل ازاي” وليس الانتظار حتى تنضج وتكتمل الفكرة، أعرف البعض انتظر أربعين عامًا يؤجل الكتابة حتى يتمكن من أدواته وهذا ليس صحيح فأنت تتمكن من الكتابة بممارستها وليس بالابتعاد عنها.
5. تقييم النص .. يكون عن طريق الإنصات لصوتك الداخلي بمرور الوقت واتساع الخبرة، فليس من الممكن أن يساعدك شخص آخر يقرأ خلال نصف ساعة ما بذلته أنت خلال شهور أو أعوام.
6. البحث عن الأسلوب الخاص .. بص جواك واسأل نفسك أنت تحب تعمل إيه .. تسخر، تتريق … تقارن الماضي بالحاضر، استخدم أنت غرامك في الحاجة اللي بتحبها.
7. خطة الكتابة … اكتشفت بعد فترة من الشغل إني كنت بتعمد أعمل مشكلة مع مراتي وبنتي وبالتالي مليش دعوة بأي حاجة بتحصل … “يضحك الإثنان” …في الفترة دي كنت بخلص العمل، حتى بنتي كانت كاتبة يافطة على باب أوضتي باسم “حجرة الغضب” يكمل .. أنت بتعيش حياتك عادي بس تركز عشان تنهي عمل مهم وأنت مستمتع بيه.
8. مشكلة الهمزة .. عندي عيب إني عندي عداء مع الهمزة لحد دلوقتي بسبب مدرس في ابتدائي كان بيضربنا على إيدينا ولذلك هي مستمرة معايا حتى الآن.
9. طقوس الكتابة .. في المراحل الأولى كنت استمع لبعض السيمفونيات أثناء الكتابة أما الآن لا شئ سوى الصمت لا طقوس أمارسها أثناء الكتابة، حتى التدخين ابتعد عنه أثناء الكتابة ليبقى ذهني حاضرًا.
10. يقول عن تدفق الكتابة وصعوبتها أحيانًا أنه أعاد كتابة فصل داخل رواية نجمة أغسطس 13 مرة وذلك في السبعينات وأخذت خلالها فترة طويلة حتى أرضى عن المحصلة النهائية.
11. والنهاية كانت مع السؤال الكلاسيكي من ألفا الجيل، لماذا تكتب؟ لإني مبعرفش أعمل حاجة تانية ولا أحقق نفسي في حاجة تانية.