أحمد ثابت
قبل أيام قليلة بدأ عرض برنامج الاستاند أب كوميدي “لايف من بيروت” للفنان اللبناني عادل كرم، عبر الموقع الأمريكي الرائد عالميًا في مجال الترفيه عبر الإنترنت “نتفليكس Netflix”، حيث يُعد البرنامج هو الإنتاج العربي الأول للشركة بالتعاون مع وكالة كريتيف أراب تالنت.
على مدى ثمانية وخمسين دقيقة، تناول عادل كرم بطريقة ساخرة عدة موضوعات من واقع الحياة اليومية، مثل أعراف التقبيل عند اللبنانين، والفرق الشاسع بين معاملة المستشفيات للمرضى أصحاب الدخول العالية ونظرائهم أصحاب الدخول المحدودة، بالإضافة إلى الأفراح والمآتم وما يحدث فيهما من مبالغات، كما تحدث الفنان اللبنانى عن رحلة مثيرة قام بها إلى قارة أفريقيا.
نرشح لك – رسالة عادل كرم لـ جمهوره بعد انتهاء حفل الأوسكار
ورغم كثرة الموضوعات التى طرحها عادل كرم؛ إلا أنه استطاع أن ينتقل بكل سهولة وببراعة شديدة بين تلك الموضوعات المختلفة، معتمدًا في ذلك على خلق رابط بين كل موضوع والموضوع الذي يليه.
الذهن الحاضر وموهبة الارتجال هما سمتان أساسيتان يجب توافرهما في أي ممثل يقف على خشبة المسرح، ويمكن ملاحظتهما بكل سهولة في عرض عادل كرم، فالأخير كان يتجاوب مع الجمهور بسرعة وبخفة ظل شديدة، ولم يصب بأي ارتباك حينما يتحدث أحد الحاضرين بشكل عارض؛ بل يرد عليه بشكل سريع مستخدما كلمات قليلة تجعل الجمهور يصاب بهستيريا من الضحك.
أداء “كرم” كان متميزًا بشكل لافت للدرجة التى أقنعنى فيها أن القصص التى يحكيها عن نفسه خلال العرض،هي قصص حقيقية وحدثت معه بالفعل، رغم علمي التام بأن الأمر أولا وأخيرًا يتم في إطار تمثيلي، وأن هناك ورشة كتابة هي المسئولة عن كتابة النص، ومن الوارد أن يحتوي هذا النص على بعض الأحداث التي وقعت بالفعل وآخرى من خيال المؤلف.
على الجانب الآخر، هناك مشكلة رئيسية تواجهنا كمصريين عند مشاهدة أعمال مثل الاستاند أب كوميدي لعادل كرم، وهى أن هذا العرض هو عمل لبنانى خالص من حيث اللهجة والمضمون. فاللهجة اللبنانية من الصعب فهمها من المرة الأولى لشخص لم يعتاد على الاستماع إليها، فالعالم العربي يعرف اللهجة المصرية ويفهم معظم كلماتها نتيجة لانتشار الافلام والأغنيات المصرية، واعتقد أن منا قلة قليلة فقط هي من تسعى لفهم اللهجات والثقافات المختلفة للبلاد العربية الشقيقة.
أما في جانب المضمون، فالعرض الذي قدمه عادل كرم يحتوى على سيل من الإفيهات والكلمات الجنسية الصريحة، والتي لن تشعر تجاهها بالدهشة إذا كنت متابعا جيدا للفضائيات اللبنانية، وهو أمر يمكن تفهمه “وليس قبوله” في إطار حالة الانفتاح التي يعيشها لبنان، والتى جعلت منه نسخة أقرب للمجتمعات الغربية، أما في مصر فمن الصعب جدًا أن يتم السماح بعرض أي عمل يحتوى هذا الكم الهائل من التلميحات والألفاظ الصريحة، في مجتمع يقبل أفراده الحديث بتلك الطريقة الجريئة في سرية مع الأصدقاء المقريين، وأحيانًا بشكل عام أمام الناس في الشارع، ولكن لا يتسامح هذا المجتمع مع استخدام النساء ووسائل الإعلام لنفس الألفاظ في إطار علنى. وحينما تنظر إلى التصنيف العمري الذي وضعته نتفليكس لعرض عادل كرم ستجده +13، في حين أن برامج أخرى أقل حدة من حيث الألفاظ كان تصنيفها في الفضائيات المصرية +18.
سواء اتفقنا أو اختلفنا حول جودة الإستاند أب كوميدي المقدم من عادل كرم، لكن لا يمكن أن نختلف حول أهمية وصول عادل كرم إلى منصة نتفليكس، وأنها ستفتح نافذة جديدة لكثير من الفنانين والمؤلفين العرب ليقدموا أعمالهم عبر منصة عالمية سيكون لها ولنظرائها من منصات بث الأفلام عبر الإنترنت الغلبة والسيادة، على حساب القنوات التلفزيونية التقليدية في المستقبل القريب.