أحمد ثابت
في الولايات المتحدة الأمريكية، أطلق كل من محرك البحث الشهير جوجل وموقع يوتيوب نسختين مخصصتين للأطفال هما “كيدل” و”يوتيوب كيدز”، وعلى نفس النسق خصص موقع نتفليكس حساب خاص بالطفل داخل الموقع لتلافي مشاهدة المحتوى العمرى غير المناسب للأطفال.
نرشح لك –أحدث أجيال الإعلاميين في “فارولاند”
اهتمام لافت بالأطفال وحرص بالغ على عرض المحتوى المناسب لفئة عمرية تحتاج إلى الرقابة، وبخاصة بعد أن بات من السهل لها الدخول على شبكة الإنترنت في أي وقت ودون الحاجة إلى مساعدة الآخرين.
في جانب آخر من الكوكب وتحديدًا في منطقة الشرق الأوسط، يوجد قنوات تلفزيونية مخصصة للأطفال إلى جانب عدد ضئيل جدًا من مواقع الإنترنت المخصصة للأطفال والتى لا تحظى بنفس شهرة وشعبية قنوات الأطفال. ففي عام 2008 من الأردن انطلقت قناة “طيور الجنة” والتى حققت نجاحًا ساحقًا وتعلق بها الأطفال في كافة ربوع الوطن العربي وحفظوا أغانيها التى تبث بشكل متكرر خلال الأربع وعشرين ساعة.
https://www.youtube.com/watch?v=oxPK23FthSo
قناة آخرى انطلقت قبل طيور الجنة بأربع سنوات، هي قناة MBC 3 التابعة لمجموعة MBC السعودية. ركزت القناة السعودية على مسلسلات وأفلام الكرتون لتنافس بقوة قناة سبيستون التى انطلقت في عام 2000 وساهمت بشكل بالغ في تشكيل عقول الأطفال في تلك الفترة -وأنا واحد منهم -من خلال مسلسلات الكرتون المدبلجة إلى اللهجة اللغة العربية الفصحى، التى تنمى قيم الحب والإخاء والوفاء في نفوس الأطفال.
https://www.youtube.com/watch?v=E_AjSELJQR0
الاهتمام بالمحتوى المقدم للأطفال لم يغب عن بال شبكة الجزيرة والتى أطلقت قناة الجزيرة للأطفال في عام 2005، والتى لم تحظ بنجاح وشهرة وتأثير القنوات العربية السالف ذكرها.
مصر هي الآخرى كان لها اهتمام واضح بالمحتوى المقدم للأطفال، لكن هذا المحتوى لم يرتق إلى الدرجة التي تخصص فيها قناة للأطفال مثل ما حدث في السعودية والبحرين والأردن وقطر. أنتجت العديد من البرامج ومسلسلات الكارتون للأطفال مثل عالم سمسم وبكار، وكان التلفزيون المصرى يحرص على تخصيص جزء للأطفال من الفترة الصباحية للبث وذلك بعد انتهاء برنامج “صباح الخير يا مصر” في العاشرة صباحا، وهو الوقت الذي يتواجد فيه الأطفال في المدارس، أما “عالم سمسم” فكان موعده مناسبا لأنه كان يأتى في الرابعة مساء.
كان رمضان هو الشهر المثالى لبرامج ومسلسلات الأطفال في مصر، أما بقية العام فتشهد حالات استثنائية من عرض مسلسل أو برنامج جديد للأطفال. قناة مصرية ضمن شبكة قنوات النيل المتخصصة أطلق عليها قناة “الأسرة والطفل” ثم تم تغيير الاسم لاحقا إلى “قناة العائلة”، والتى لا تزال تعرض برامج ومسلسلات للأطفال.. كنت أشاهدها حينما كنت طفلا !
في الوقت الذي يولي فيه العالم اهتماما بالغا بالمحتوى المقدم للأطفال، لا نزال في مصر نفتقد وجود قناة مصرية مخصصة للأطفال. ربما يكون السبب الرئيس هو خوف المستثمرين من خسارة أموالهم في تجربة هي الأولى من نوعها في مصر، وإذا كان ذلك هو العائق حاليًا أمام اطلاق قناة مصرية للأطفال، فالأمر يحتاج من المستثمرين ورجال الأعمال نظرة فاحصة إلى قنوات الأطفال العاملة حاليا، وكم الأرباح الهائلة التى تحققها تلك القنوات. الأمر لم يتوقف عند حد نسبة مشاهدة مرتفعة أو كم هائل من الإعلانات، بل تطور إلى وجود فاعليات وحفلات لنجوم تلك القنوات من الأطفال وحتى المذيعين والشخصيات التى تظهر في المسلسلات والأمثلة في ذلك جلية ويعرفها الأطفال الذين يتابعون طيور الجنة وmbc 3.
نرشح لك – عمرو قورة يكشف كواليس إنتاج “عالم سمسم”
لدينا في مصر كتَّاب متميزين في مجال محتوى الطفل وكذلك مخرجين والأفكار موجودة، فقط تحتاج إلى من يطلق اشارة البدء ويعلن استعداده لخوض تلك المغامرة التى قياسًا للتجارب السابقة ستحقق أرباحًا هائلة إذا ما تم التحضير لها جيدًا.
نريد أن يشاهد أطفالنا برامجهم باللهجة المصرية التى نتحدث بها، لا أن يتحدثوا بلهجات عربية آخرى بسبب عدم وجود قناة أطفال مصرية. أطفال المغتربين المصريين في الخليج لا يتحدثون باللهجة المصرية وإنما يتحدثون باللهجة التى يتحدث بها أبطال الكارتون المعروض في القنوات العربية. الأمر أقرب ما يكون لهدف قومي لكن في نفس الوقت سيحقق عوائد مادية هائلة وهي ما يبحث عنه أي مستثمر. لا أستطيع أن أقول أن تلك مسؤولية الدولة وحدها بل هي مسئولية مجتمع بأكمله أن يخرج جيلا من الأطفال متشبعا بثقافة وحضارة بلده وفي نفس الوقت على دراية ووعي وإيمان بكل القيم الإنسانية التى تعززها ثقافات وحضارات العالم.
سننتظر ذلك اليوم الذي يعلن فيه إنشاء قناة مصرية للأطفال، وسيكون أشبه بالعيد، لأنه سيبنى جيلًا جديدًا سيغير واقع ومستقبل هذا الوطن إلى الأفضل.