كثير من الجمهور غضب من عدم منح جائزة أفضل فيلم وأفضل سيناريو لفيلم three billboards outside ebbing missour الفيلم بالطبع من الأفلام المميزة جدا خاصة في عنصر التمثيل الذي استحوذت بطلته “فرانسيس ماكدورماند” على أهم جوائز التمثيل في العالم “جولدن جلوب والبافتا وأخيرا الأوسكار” عن دورها بالفيلم ومعها الممثل “سام روكويل” “اوسكار أفضل ممثل دور ثان” وبالفعل يستحقان عن جدارة، الفيلم من أفضل أفلام العام ونجح في حصد 4 جوائز “جولدن جلوب” و5 جوائز “بافاتا” وجائزتين “أوسكار”، كان عنصر التمثيل هو المشترك في جميع تلك الجوائز وبالطبع ممكن أن نقول أن الأداء التمثيلي للأبطال كثيرا ما يكون سبب في نجاح أفلام عن غيرها ويبدو هنا بشكل لافت أن المخرج والكاتب “مارتن ماكدونا” أهتم كثيرا بالممثلين.
نرشح لك: أحمد فرغلي رضوان يكتب: Phantom thread.. يليق باعتزال “السير”
يكشف الفيلم العنصرية والكراهية لدى بعض رجال الشرطة الأمريكية بجرأة واضحة، فكرة الفيلم تقوم على فساد الشرطة وغياب تحقيق العدالة في حياة قاسية وعنصرية من خلال قصة حقيقية “مؤلمة” لأم فقدت ابنتها بعدما تم اغتصابها وقتلها! وتقاعست الشرطة عن ايجاد المجرم فأستخدمت البطلة فكرة وحيلة ذكية لتذكير المارة على الطريق بمآساتها بمقتل إبنتها وكأنه بمثابة “نصب تذكاري” لما حدث في نفس المكان! حيث أستأجرت ثلاث لوحات إعلانية وكتبت عليهم ثلاث جمل أختصرت فيهم ما في نفسها “اغتُصبت وهي تحتضر” و”لم يتم القبض على أحد”، “كيف ذلك أيها القائد ويلبي؟”، ويلبي هو قائد شرطة المدينة لتبدأ مواجهة مباشرة بينها وبين شرطة البلدة! في فيلم يكشف التمييز والعنصرية وغياب العدالة ربما يعبر عن أمريكا “ترامب” الأن! حيث قال المخرج ماكدوناه “فيلمنا هذا يتحدث عن الأمل بطرق مختلفة إلا أنه فيلم غاضب كذلك، مضيفا كما لاحظنا خلال الفترة الأخيرة أن الغضب أحيانا هو السبيل الوحيد لجعل الناس يصغون إلينا ولنحقق التغيير”.
نجح المخرج في رسم سيناريو مشوق جدا مليء بالمفاجأت في علاقات الشخصيات الثلاثة الرئيسية للعمل وأحداث يصعب توقعها وصورة رائعة ومعبره عن الحوار القوي بالفيلم، وهناك وسط هذه الدراما المؤلمة مشاهد كوميدية أيضا، مثل مشهد العشاء بين ميلدريد وصديقها “القزم”! هكذا هو دائما “ماكدوناه” يقدم الكوميديا السوداء والعنيفة في معظم أفلامه.
دروس في التمثيل
من خلال طاقة عاطفية “هائلة” ظهرت في أداء فرانسيس ماكدورماند شاهدنا الأم ومشاعر حزنها تجاه إبنتها الضحية وكيف تبحث عن حقها ونجحت بجدارة في تجسيد مشاعر التحدي والغضب وأحيانا الحزن الدفين لدى المرأة بشكل مؤثر جدا تصدقها أنها تلك المرأة التي تبحث حق ابنتها بأداء تمثيلي معبر بكل حركات الجسد والوجه، هو درس في التمثيل قدمته فرانسيس في هذا الفيلم ولذلك كنت تفتقدها عندما لا تظهر في أحد مشاهد الفيلم بعدما استحوذت على الكاميرا، ولم تنس خلال إستلامها للأوسكار الثاني في مشوارها بعدما حصلت عليه عام 1997 ورشحت له خمس مرات، أن تتحدث عن زميلاتها في ظل الغضب المتصاعد منهن في هوليوود بعد كشف الفضائح والانتهاكات الجنسية ضدهن فبعد أن طلبت منهن الوقوف قالت ” لابد وأن يضع وكيل أعمال الفنان مبدأ المساواة بين الجنسين فيما يتعلق بالأجر والمساواة العرقية، ويشرفني أن تكون معي كل هؤلاء المرشحات في جميع الفئات في هذه القاعة الليلة، انظروا حولكم أيتها السيدات والسادة، لأننا جميعا لدينا قصص لنرويها ومشاريع نحتاج لتمويلها”.
أما سام روكويل الحائز على أوسكار أفضل ممثل دور ثان، فجسد بجدارة شخصية الشرطي المتهور العنصري والذي يحمل بداخله كراهية كبيرة، وكان مثل فرانسيس يستحوذ على المشهد بحضور وأداء لافت جدا.. ووصل لقمة الأداء في مشهد إقتحامه لشركة الإعلانات وضربه لمديرها وهو من أقوى المشاهد إخراجيا one shot وكان المشهد الرئيسي له بالفيلم.