ليس من السهل خلق عوالم موازية للعالم الذى نعيش فيه، بينما استطاع أحمد عمار فى كتابه “يوميات أبو العلا”، الصادر عن دار “دلتا” أن يخلق عالما موازيا كالمدينة الفاضلة التى أسسها أفلاطون، أعتقد أن عالم “أبو العلا” أيضًا كذلك عند أستاذ الأدب العربي الحديث بآداب القاهرة.
تمر به الأزمات ولا يدرك حلها، فتأخذه نفسه إلى نافذة “أبو العلا”، التي يطل منها على عالمه الخاص، وليس عالم عمار، فعالم عمار هو أبو العلا، بينما عالم أبو العلا، الذى يطل عليه من نافذته، لا يعرف أحد عنه أى شىء، سوى أنه عالم جميل، يقول عمار “ووجدت بابك مفتوحًا، وهل يغلق الباب حين يغزو القلب الألم؟! هكذا عهدته دومًا يا أبو العلا ويقول أيضا “بعد طول غياب ذهبت إليه.. وقفت على الباب.. كنت أقدم رجلا وأؤخر أخرى.. لم أكن أعرف ما الذي يمكنني أن أقوله.. لم أجد إلا أن أقول: لم يعد لي إلاك.. أنت وحدك يا أبو العلا ودائمًا حين يذهب إلى أبو العلا تنفرج أزماته”.
نرشح لك: وليد طاهر يفوز بجائزة “محمود كحيل” لفئة “رسوم كتب الأطفال”
ودائمًا ينظر عمار فى عيون “أبو العلا” ذات اللون الأخضر، فتمحو تلك النظرة كل ما يسبب له الإزعاج والضيق وتفيض عليه بالبراح والانطلاق، ويرى الورد مزدهرًا فى شوك حياته الذي سبب له الألم والجرح، فتعالجه النظرة وتشفيه من سقم الروح، فيقول عمار، وتذكرت قوله: “إن السعادة في أن ترضى.. عندك المدد دوما يا أبو العلا”.
واختار عمار عنوان كتابه ليكون “يوميات أبو العلا.. حكايات النور والظل” فالنور هو ذلك الوميض المنبعث من نافذة أبو العلا وعيونه، والظل هو السعادة التي يخيم بها على زائره الدائم أحمد عمار.
لكل منا دائمًا شخص يلوذ به في أزماته وحياته اليومية، ومشاكلها التي يمر بها، وأبو العلا هو الملاذ الآمن لأحمد عمار، الذي عندما تضيق به الدنيا يذهب إليه ليطمئن قلبه ويذهب عنه الخوف، فهنيئا لأحمد عمار بـ”أبو العلا” وهنيئا لنا ـ معشر القراء ـ بتلك الرحلة التي دونها الرحالة أحمد عمار.