عزيزتي “دوسة”..
أود أن أتحدث معكِ برهة، لن أعرقل مسارك ولا أشغلك عما كنتِ تبثينه فور إذاعتك، أعلم أنك لستِ الشاهدة الوحيدة على مشروعية طلبي، ولكنك كنتِ كالـ “بسبوسة”، التي حملتيها من قبل، وسط أقرانك بخفة، وكنتِ بمثابة الانطلاقة الأولى لصوت صاحبة أرق وأجمل صوتًا مصريًا في الوطن العربي، حينما شدت بكِ وقالت ” بت يا دوسة يا دوسة شايلة البسبوسة، والله أحلويتِ وكبرتِ وبقيتِ عروسة”.
نرشح لك: أبرز ما جاء في آخر حلقات مرحلة “الصوت وبس” من The Voice
شكلتِ مشهدًا موسيقيًا شرقيًا بديعًا على مر الأزمنة المختلفة، وكأنك انطلقتِ من بين يدي الشاعر حسين السيد، لتُعزف تحركاتك على ألحان محمد عبد الوهاب، وتأخذين دورك بالتبعية في رسم ملامح صوت كل مغنِ أو مغنية مصرية، تشدو بكِ لتبرهن على شرقية وعذوبة صوتها، وخفة طلته.
https://www.youtube.com/watch?v=pLcaTe9z2aI
سمعت عن طرح الألبوم الأخير الجديد لواحدة من محبيكِ، الذين حملوا اسمك وشدوا به، لا أكذب عليكِ وأقول أنك الوحيدة التي فرقت معي سماعها من صوتها، فتأقلمت على سماع صوتها ما بين كل عشية وضحاها، أبتسم معها وهى تشدو “عمري معاك” وأتأثر بشجنها في “أكتبلك تعهد” ثم توقظ بي عشق السينما بـ “سينما يعني مراية بنشوف فيها روحنا” وغيره الكثير.
دعيني أقول لكِ يا “دوسة” أن نجاح الصوت أو فشله يرتبط بقوة وجاذبية ذلك الصوت، فبحسب سمات كل صوت وجاذبيته، تتسع قلوب الناس له وتحبه ويُثبت نجاح المطرب من عدمه، فكما قال كمال النجمي في كتابه “الغناء المصري”، “إن الأصوات معادن، وكل معدن منها له رنين خاص، بل إن له في السمع والعين لونًا خاصًا، فهذا صوت براق كالذهب، وهذا صوت أحمر كالورد، وهذا صوت أبيض كالقطن، وهذا صوت أسود كالفحم”.
لن أبالغ يا “دوسة” حينما أقول أن الست “أنغام” قد كسرت كل القواعد، وأبدعت في شتى الألحان والكلمات الغنائية، وأدت بالصوت البراق والوردي وبكل نبرات الصوت، التي قد ترسلك إلى حفلة غنائية على شط ساحل غرامي، ثم تعود لتشكو ألمك من قلب صحراء الغربة والشوق.
وعلى ذِكر السينما والفنون، اشتركت “أنغام” يا “دوسة” في إحياء حفل ختام مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ 39، بأغنية “سينما” والتي غنتها باللغتين العربية والإنجليزية، ومن ثمً قدمت أغنية بلهجة عربية، في حفل افتتاح مهرجان الفجيرة للفنون في دورته الثانية، بالإمارات العربية المتحدة.
فهذا هو التوازن المطلوب، ولكنني سمعت مؤخرًا، أغنية خليجية تنطلق بصوت مصري، تأملتها وهى تقول “راح تذكرني اذا شانت سنينك”، انتبهت حينما جرد عقلي الصوت ودندنة النغمة وأرجعه لصاحبته، لأكتشف أنها أغنية خليجية جديدة، لمطربة مصرية، ذات تراث غنائي مصري وموسيقي عريق.
لم أكترث بمعنى الأغنية، الذي لم أشعر به ولا أتلمسه، ولكنني ابتسمت لأنني أدرك جيدًا أن هذا في صالح رفقة اسمها بالتراث الفني الغنائي أو الموسيقي الخليجي، انتظرت لسماع بقية الأغنية دون أدنى شعور بالانسجام، نظرًا لغرابتها عن اللهجة المصرية المُعتادة، التي اعتدت على سماع الأغاني بها.
قولي لي يا “دوسة” كيف أجد كنزًا غنائيًا جديدًا بعذوبة صوت وجمال مشاعر “أنغام”، ومن ثمّ أعزف عن سماعه، وتُفنى رغبتي في استكماله، أصبحت مثل الطفل الصغير، الذي يمتلك قطعة “بسبوسة” بالبندق، ولكنه لم يتذوق سوى الـ “سادة”، فلا أصبح قادرًا على استطعماها، ولا التخلص منها نهائيًا، ليبقى الحال
بـأنه “فتافيت السكر ما بقتش تحلي البسبوسة”.
استمر ضيقي حينما وجدتها قدمت “وين تروح”، و”يوجعونك”، و”لا تهجى”، في ألبومها الجديد “راح تذكرني” بالخليجي، عن شركة “روتانا” للصوتيات، وغيرهم على نغمة ودندنة خليجي، على أن يجمع الألبوم 12 أغنية خليجية متنوعة.
وبت أسأل نفسي سؤالاً صغيرًا، لماذا لم تُطرح أنغام ألبومًا متوازنًا معه بالـ “مصري”؟ أو تقاسمه نصف خليجي ونصف مصري، على أن يكون ألبومًا مصريًا عربيًا شاملاً، لماذا لم تقدم ما ترغب في تقديمه للشعب الخليجي بجانب الشعب المصري؟
أو ليش أنغام تغني خليجي؟