شيماء خميس
“أنا أحبك وأريد منك أن تحبيني، ولكني لا أريد منك أن تفنى كيانك في كياني ولا في كيان أي إنسان، ولا أريد لكِ أن تستمدى ثقتك في نفسك وفي الحياة منى أو من أي إنسان، فانطلقي يا حبيبتى.. افتحي الباب عريضا على مصراعيه واتركيه مفتوحاً، وفي الطريق المفتوح ستجدينني يا حبيبتي، أنتظرك لأني أثق بك، وأثق في قدرتك على الانطلاق، ولأني لا أملك سوى الانتظار.. انتظارك”
هذه الكلمات كتبها حسين إلى حبيبته “ليلى” بطلة رواية “الباب المفتوح” التي خطتها الكاتبة لطيفة الزيات بعذوبة منذ عشرات السنين ليُحث “حسين” حبيبته “ليلى” على التحرر من القيود والبحث عن ذاتها، وقد قدمها المخرج “هنري بركات” عام 1963 كفيلم يحمل نفس الاسم وأصبح من أيقونات الرومانسية والدعوة للحرية وحقوق المرأة في السينما المصرية حتى يومنا هذا.
نرشح لك: 7 تصريحات لـ مصطفى فتحي عن كواليس كتابته لـ”هوم دليفري”
وبعد مرور ستين عاما من كتابة الرواية نقرأ سطور جديدة كتبها “حسين” هذا العصر أو “شريف عمار” لمحبوبته “ليلى” في كتابه الأول “عزيزتي ليلى”، بينما “ليلى” حبيبة “شريف” ليست الفتاة التي يحبها ويتمناها زوجة.
تواصل إعلام دوت أورج مع دكتور شريف عمار المقيم حاليا بنيوزيلاندا للتعرف على حبيبته ليلى وفيما يلي أبرز ملامح تجربته الأولى في الكتابة وما بعد “ليلى”:
الدراسة ونقطة التحول:
– شريف عمار مدرس مساعد بكلية العلوم والهندسة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ويدرس حاليا لنيل الدكتوراة من جامعة أوتاجو في نيوزيلاندا برفقة زوجته التي آمنت بحلم “عمار” في دراسة الطب وذهبت معه إلى حيث قررا سويا تحقيق الحلم.
– يحكي “شريف” أن أفكاره لم تكن على مثل هذا النحو وكان متأثرا بالثقافة الشرقية والذكورية التي تَشبع بها من خلال المجتمع والتي وصلت في أحد مراحل حياته إلى حد خصام أخته حينما قررت أن تصبح غير محجبة، إلا أن القراءة والبحث وإعمال العقل جعلوا منه شخصا آخر يرفض احتقار المرأة والتقليل منها ويرفض الأفكار الخاطئة التي توراثتها الأجيال، الأمر الذي جعله يدخل في صدام أثناء عمله بالسعودية وتقديم أحد زملائه شكوى ضده تسببت في إنهاء عمله ورجوعه إلى مصر بعد فترة عصيبة، عاش خلالها أسوء أيام حياته، معلقا: “لم أعرف قيمة هذه الأيام التعيسة إلا الآن، فأنا أعيش سعيدا هانئا مع زوجتي التي أدين لها بكل هذه السعادة التي أحياها معها ومع ابنتي في نيوزيلاندا”، لولا الأزمة ديه كان زماني لسه بشتغل في السعودية ومكنتش عشت كل السعادة اللي عايشها دلوقتي”.
الكتابة ورسائل ليلى:
– عشق “شريف” الكتابة منذ الصغر ولم يفكر يوما بتحويل هذا الهوى إلى عمل أدبي وظل يكتب رسائل إلي حبيبته “ليلى” منذ سنوات، لكن ليلى التي يهيم قلبه بها ليست كـ “ليلى” حبيبة “حسين” بطل الرواية إنما هي ابنته التي تمنى أن ينجبها يوما ويهديها هذا الإسم تأثرا بفيلم “الباب المفتوح”، وناداها “عزيزتي” تيمنا برسائل “حسين” لـ “ليلي” في فيلم “الباب المفتوح” الذي كان يبدأها دوما بـ “عزيزتي ليلى”.
– ظل يكتب إليها رسائله التي بلورت تطور فكره وشخصيته وأفكاره، إلى أن تعرف على زوجته “آمنة” الفتاة التونسية التي أحبها كقصص الحب التي تُحكى في الحواديت.
“عزيزتي ليلى”.. مهر عروسته:
– “آمنة” الفتاة التونسية التي أحبها هي من طلبت منه البدء في كتابة “عزيزتي ليلى” وأخبرته أن هذا هو مهرها للزواج منه، وظل “عمار” يجمع رسائل ابنتهما طوال شهور حمل زوجته وانتهى بالفعل من الكتاب قبل مولدها، وولدت بعد بضعة أيام من صدوره عن دار “الرواق للنشر” خلال معرض الكتاب 2018.
– اختار غلاف الكتاب على هذا النحو لأنه الوحيد الذي شعر أنه يعبر عن مضمون رسائله، فالأب هو سند ابنته وهي تخطو أولى خطواتها على طريق الحياة، وقد صممه الكاتب “أحمد مراد” بدقة والذي أوضح شريف أنه من أكثر الداعمين لصدور هذا الكتاب.
– “عمار” أكد أنه سيستمر في كتابة رسائل ليلي طوال سنوات عمره وربما يضيف الرسائل مستقبلا في الطبعات الجديدة الصادرة للكتاب، وعندما تصبح “ليلى” في عمر الطفلة التي تتصدر صورتها غلاف الكتاب سيبدأ بقراءة بعض رسائل الكتاب بما يتناسب مع عمرها وعقلها.
– قدم “شريف” رسائله إلى ابنته كـ “دستور” للحياة إلا أنه أقر في سطوره وأكدها في حديثه أنه لن يلزمها بتنفيذ نصوصه إنما قدمها ليساعدها في تخطي مصاعب الحياة وتعقيداتها وسيترك لها حرية الاختيار لا الإجبار، يوصيها لا يُرغمها.
– “رسائل ليلي” ليست رسائل موجهة لابنته فقط بل لكل “ليلى” فقد أكد رغبته أن يُهدي سطوره إلى كل ليلات الشرق اللاتي قدُر لهن أن يولدن في مجتمعات تحكمها موروثات بالية.
– الكتاب يحتوي على عدة فصول مقسمة بالترتيب العددي إلى رسائل الحب ورسائل الحياة وأخرى للمرأة ثم رسائل للإيمان، وأكد “عمار” أنه تعمد أن تحظى رسائل الحب والحياة بالنصيب الأكبر لرسائله لابنته ليخبرها ناصحا “عليكي أن تُحبِ كي تستطيعي الحياة كـ إمرأة تعي حقيقة الإيمان”.
– وجه “شريف” 6 رسائل إلى زوجته لتقرأهم ليلى يوما ما وتعرف أنه اختار لها أما عظيمة وهبته السعادة قبل أن تهبها الحياة، وهي رسائل شكر وامتنان لحبيبته وزوجته وإلى كل حبيبة وزوجة تستحق من الحياة كل التقدير.
– أنهى فصول كتابه بخمسة حكايات سيقُصها على ابنته قبل النوم حسب ما يناسب عمرها واستيعابها واختار هذه الحكايات بعناية لعلها تصبح سراج ينير لها طريق الحياة.
– ذكر “شريف” إنه لن يحزن إذا تعجبت ابنته يوما من هذه الرسائل واعتبرت كتابتها دربا من الجنون وأن محتواها هو الفطرة الإنسانية الطبيعية وبديهيات غير قابلة للطرح والمناقشة وأنه لم يكن بحاجة إلى كتابتها وسطرها في كتاب، وأن فرحته يومها لن يعادلها شئ لأنه حينها سيدرك نجاحه في الإستثمار الأهم بمشوار عمره وأنه قدم للإنسانية فتاة مثقفة ناضجة فطرتها الإنسانية غير ملوثة نشأت على قيد الابتسامة والجمال والقوة، لا كما يحدث في مجتمعاتنا المتسلطة.
ما بعد “رسائل ليلى”:
– ينشغل “عمار” حاليا بدراسته في جامعة أوتاجو لينهي رسالة الدكتوراة ويعود إلى عمله بالتدريس الجامعي الذي يحبه ولن يتركه، وعندما ينتهي من دراسته سيبدأ في عمله الأدبي القادم وهو رواية طويلة ستبدأ بجملة على لسان شريف عمار توضح الأفكاره البالية التي ورثها من مجتمع متسلط قبل أن ينجح في التخلص منها.