من الواضح أن موضوع “عبد الله السعيد” حصل على أكبر مما يستحق من الجدل والمتابعة -مثل موضوعات أخرى كثيرة ولكنها عادتنا في بر مصر في السنوات الأخيرة-، ومن المؤكد أن الموضوع ربما يدخل طي النسيان بعد أيام قليلة مفسحاً المجال أمام موضوع جديد أكثر إثارة وسخونة.
نرشح لك: الأهلي يُعلن أسباب عرض عبد الله السعيد للبيع
وتباينت ردود الأفعال بين جماهير القطبين فيما يتعلق بالموضوع ولكن الغالبية اعتبرت أن الأهلى وجه صفعة قوية لنادى الزمالك ورئيسه المستشار “مرتضى منصور”، لدرجة أنهم اعتبروها صفعة القرن وليس صفقة القرن، وصحيح أن إدارة الأهلى وجهت لإدارة الزمالك صفعة قوية بعد تمديد عقد “السعيد” ثم عرضه للبيع والإعارة، ولكنها صفعة على طريقة عصابات المافيا لا تليق بأندية رياضية محترمة، والأسوء أن تلك الصفعة تحولت إلى صفعات لما تبقى من أخلاقيات ومبادئ القلعة الحمراء التي طالما تشدق بها جمهور الفريق وإداراته المتعاقبة، تلك الصفعة كلفت إدارة الأهلى العديد من التنازلات عن الكثير من المبادئ التي طالما بدت شامخة سنوات طويلة وأسقطت ورقة التوت عن آخر عورات الرياضة المصرية بشكل عام.
ونعود لبداية القصة عندما تم منذ عدة سنوات إغراء لاعب صغير من نجوم الدراويش الشباب بالمال وبريق الشهرة فترك ناديه وتوجه للقلعة الحمراء، وللحق كان مخلصاً ومتفانياً مع ناديه الجديد لدرجة إنه صار بالفعل واحداً من ابناؤه وساهم في كثير من إنجازاته وبطولاته، ولكن يبقى لدي جماهير الدراويش أزمة أنه ترك ناديه صاحب الفضل عليه بحثاً عن مزيد من المال والنجومية، ولكنه حق أصيل لأي إنسان وليس لاعب كره قدم وهو أن يبحث عن تأمين مستقبله المادى من خلال مهنته خاصة إذا كانت مهنته قصيرة العمر الافتراضى مثل ممارسة كرة القدم، وظهرت الأزمة الأخيرة مع اقتراب اللاعب من سنوات النهاية الكروية ورغبته في تأمين سنوات ما بعد الاعتزال، وظهر واضحاً وعلى لسان رئيس لجنة التعاقدات بالنادي الأهلي المهندس “عدلي القيعي” أن الفارق كبير بين ما يطلبه اللاعب وما يعرضه النادي، وهنا ظهرت الفجوة بين اللاعب وجماهير النادى التي هتفت ضده في مباراة الأهلي في ذهاب دور 32 لدورى رابطة أبطال إفريقيا أمام مونانا الجابوني عندما هتفت ضده ومعه زميله “أحمد فتحي”، ولا أحد يعرف على وجه الدقة متى ظهر الزمالك في القصة وهل كان له دوراً في تمرد اللاعب على ناديه أم أن المستشار “مرتضى” استغل فقط فرصة الخلاف وعرض على نجم منتخب مصر ما يريده من أموال.
نرشح لك: تامر أمين لـ”عبد الله السعيد”: بالسلامة والقلب داعيلك
ربما الحدث الأهم في تلك الحدوتة هو المكالمة التاريخية بين المهندس “عدلي القيعي” والإعلامي “مدحت شلبى” والتي أكد فيها أن الأهلي يرفض بشدة أن يعطي “السعيد” ما يريد من أموال (نضع مجموعة من الخطوط تحت مفهوم الرفض القاطع)، وذكر أنه مسئول عن فريقاً كاملاً وليس لاعباً واحداً، مشيراً إلى أن التجديد لصانع العاب الفريق بالمبلغ الذي يريده قد يفتح أبواب جهنم أمام إدارة النادى من اعتراضات باقي اللاعبين ورفع قيمة الصفقات والتجديدات التالية (وذلك بدا يومها بعداً تربوياً يحترم)، وذكر بطريقة تبدو فيها نوع من السخرية والإستهزاء أنه بمبلغ 2 مليون دولار يستطيع أن يشترى افضل صانع العاب فى أفريقيا وهنا انتفض المحلل المشارك فى الحلقة “على ماهر” قائلاً “عبد الله السعيد” هو أيضا أحسن صانع ألعاب في أفريقيا (وهذه حقيقة لا يختلف عليها أحد خاصة في بطولة أفريقيا الاخيرة)، بالإضافة إلى أن “القيعي” لم يستطع تبرير تضخم قيمة صفقة لاعب الفريق الجديد “صلاح محسن” والتى تخطت حاجز 35 مليون جنيه، وبذلك يتضح أن الأهلى عندما جدد أو مدد عقد “السعيد” بالقيمة التى يريدها اللاعب فانه ضرب عرض الحائط بكل المبادئ والقيم التربوية التي احترمناها وتحدث عنها بفخر “القيعى” ومعه الكثير من أعضاء إدارة الأهلى، وبدا الامر واضحاً وأن المشكلة كانت مسألة تمويل فقط وحينما توافر التمويل (اياً كان مصدره !!) حصل اللاعب على كل ما يريد !!
نرشح لك: متحدث الأهلي يكشف سبب أزمة عبد الله السعيد
وكانت السقطة الكبرى هى Hسلوب المكايدة بعد تمديد أو تجديد العقد حينما عرضت إدارة الأهلي اللاعب للبيع أو الإعارة، ولا أحد يستطيع أن يجزم هل كانت النية مبيتة لذلك أم أن إدارة النادى اصطدمت بالهجوم على التجديد وفقا لرغبات اللاعب، واضطرت لامتصاص ثورات جماهيرية محتملة بل وثورة داخل صفوف الفريق ايضاً، وهنا يبرز التساؤل الأكثر أهمية طالما أن النادي أسقط “السعيد” كلاعب من حساباته، فلماذا كان التجديد من الأساس ؟! هل المشكلة تفاقمت بعد علم إدارة الأهلي بتوقيعه للزمالك وبالتالي أصرت على التجديد له، وهنا يتضح أن الغرض الأساسي هو تفويت الصفقة على الزمالك ولا يهم أن يذهب اللاعب الى الجحيم طالما لن يذهب للقلعة البيضاء، وهنا يظهر سوء تقدير إدارة الأهلي للأمور لأن الأهلى أفضل بكثير فنياً من الزمالك هذا الموسم وصفقة واحدة (مهما كانت) لا تستطيع أن تغير كثيراً من ذلك الأمر الواقع، وطالما فاز الزمالك بصفقات قبل انتقالها بلحظات للجزيرة ولكنها ايضاً لم تخرج الزمالك من كبواته المزمنة، وكثيراً من الصفقات المتبادلة بين الناديين لم تنجح اساساً بل لا نبالغ إذا ذكرنا أن القاعدة هى فشل اللاعبين الذين انتقلوا بين الناديين، ولم تنجح إلا صفقات تعد على أصابع اليد الواحدة، حتى صفقة القرن الماضي “رضا عبد العال” الذي صاحب انتقاله للأهلي ضجيجاً مدوياً لم يحقق أي فارق مع الأهلي بعد انتقاله.
نرشح لك: خالد الغندور: 50 مليون جنيه لـ عبد الله السعيد سنويًا
ولكن الخاسر الأعظم من تلك المهازل هو منتخب مصر الذي ربما يخسر جهود صانع ألعابه الكبير للإيقاف أو التشتت قبيل شهور قليلة من بداية المونديال، الذي يحلم جميع المصريين بالتواجد المشرف فيه بعد سنوات طوال من الغياب، والمؤكد أن الكل فضل مصلحته الشخصية الضيقة على حساب المنتخب الوطنى سواء الإعلام أو إدارة الاهلي أو إدارة الزمالك أو حتى “عبد الله السعيد” نفسه !!