أمنية الغنام
أن تتواجد داخل مكتب رسّام كاريكاتير ، تغطي جدرانه رسومات بالأبيض والأسود فيها من السخرية والنقد خفيف الظل ما فيها عن كل ما يدور من حولك فأنت تشعر قطعاً بالمتعة…. وأن تحاوره عن فن الكاريكاتير وأحواله فتلك متعة أخرى.
نرشح لك.. لا تذبحوا طالبة الثانوي بسبب نشيد “قالوا إيه”
داخل مكتبه بجريدة أخبار اليوم ، كان حوار إعلام دوت أورج ولمدة ساعة مع رسّام الكاريكاتير هاني شمس .
وتلك كانت أبرز تصريحاته:
حقنة طوغان
-بدأت الرسم منذ سن صغيرة جداً، كان عمري وقتها ٤ سنوات، زاد تعلقي بالرسم وجودي في مدرستي بالإسماعيلية حيث كان الاهتمام غير طبيعي بالفنون والموسيقى، وكان شعوري كعضو جماعة الرسم هو شعور بالتميز ودائماً ما كان يقدر المدرسون من عنده موهبة ولطبيعة الطفل بداخلي والمُحبة للإشادات بدء شغفي أكثر بالرسم عامةً.
بدأ حبي لرسم الكاريكاتير مع حرص والدي الدائم لشراء جريدة الأخبار ذات الطابع الخفيف ومطالتعي لرسومات الكاريكاتير فيها ، إلا أن أول مرة استوقفني فيها هذا العالم كان من خلال رسومات الفنان طوغان في “مجلة كاريكاتير”. كنت أرى في خطوطه رشاقة وبراعة، وكان يكتب موضوعات بعنوان “جمهورية ديموقراطيستان” يقدم فيها نموذج للزعيم الأفريقي بنياشين كثيرة ويحكي عن مغامراته بشكل ساخر وكان طوغان “كتّيب” بيكتب الموضوع بشكل جيد جداً ويستكمله بالرسم، وكانت له رسمة كان الزعيم فيها مريضاً و الطبيب يجري من ورائه وممسكاً في يده الحقنة فكان المشهد بالنسبة لي عبقري ومليء بالحركة وحاولت تقليد الرسمة وهذه اعتبرها البداية لممارسة الكاريكاتير بشكل جدّي.
أنا و روزا
في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات كان المناخ العام يعتبر فن الكاريكاتير فن “مزعج” لأنه يمكن أن يسبب مشكلة للإصدارات الصحفية،فهو فن غالباً ليس به أي نوع من أنواع الدبلوماسية، يصيب الهدف مباشرة وسهل تداوله جداً. في هذه الفترة التي عملت بها في روزاليوسف -٩٨،٩٧،٩٦-لم يكن مرحباً برسّامي الكاريكاتير ، وبالرغم من قلة الإصدارات الصحفية حتى الخاصة منها، كانت هناك مجلات كاملة تصدر ليس لها علاقة بالكاريكاتير.لم يكن في روزاليوسف في ذلك الوقت عندما بدأت فيها سوى صديق عمري الرسام عمرو سليم وكانت رسوماته التي تنشر وقتها صغيرة وبسيطة حيث كان الاحتفاء وقتها أكثر بالصورة الفوتوغرافية.
ثنائية أحمد رجب ومصطفى حسين
هي استكمال لمدرسة أسس لها العبقري والعاشق لفن الكاريكاتير الصحفي مصطفى أمين، معتمداً فيها على منهج “التفكير الجماعي” في عقد الجلسات الشهيرة التي جمعت كبار الكتاب الساخرين مع رسامي الكاريكاتير لطرح الأفكار وطريقة تناول كتابتها ، وكيفية تنفيذها وتحويلها لرسمة، حيث كانت قناعاته (التي اتفق معه فيها) على أن الكاريكاتير لا يمثل رأي الرسام فقط بل رأي المؤسسة ككل أي أخبار اليوم.
كانت بداية الثنائية بعد خروج مصطفى أمين من السجن سنة٧٤ وكان قد دخله سنة٦٥ وسافر وقتها أخوه علي أمين للندن، بعد خروجه لم يجد حال الصحافة والكاريكاتير كما كان لكن هذا لم يمنع شغفه وولعه بالكاريكاتير أن يبحث عن الرسامين الجدد الموجودين في المجال وبالفعل أشار عليه البعض بالاستعانة بمصطفى حسين وكان يرسم وقتها في الإعلانات وكانت مربحة جداً ، ولأن أحمد رجب في الأساس يعتبر بمثابة الإبن لمصطفى وعلي أمين كان الجمع بين رجب وحسين سهلاً، واستغرق الإثنان بعد ذلك حوالي سنة كاملة ليخرج للنور أول إنتاج لهما في ١٩٧٦.
تلك الثنائية كانت تجربة فريدة من نوعها وإعادة إحياؤها مرة أخرى في هذا الزمن أمر صعب. خاصة أن فترة السبعينات شهدت تحولات على كافة الأصعدة ساعدت على خلق الشخصيات التي اشتهر بها الثنائي ك”كمبورة” الشخص الانتهازي وواحداً من أغنياء الحرب الذي يريد أن”يغسل” سمعته بالانضمام لمجلس الشعب.
تجربتي مع الدستور..”مافيش حرية مطلقة”
استغرب البعض عملي في فترة من الفترات في جريدة الدستور وأخبار اليوم في نفس الوقت، فكان ردي أن ما أرسمه هنا هو ما أرسمه هناك وكلها عن قناعاتي، الفكرة أن كل مكان فيهما يتقاطع مع تلك القناعات في أجزاء معينة هي التي أعبر عنها بالرسم، وهذا لا يعني الإزدواجية في الرأي وأذكر هنا أولى جلسات العمل في الدستور وهو جورنال معارض بالدرجة الأولى ومختلف تماماً من حيث الشكل والمضمون، أن اجتمعت وصديقي عمرو سليم مع الصحفي العبقري إبراهيم عيسى أن توجهنا له بسؤال عن مساحة الحرية المتاحة فجاء رده” إحنا مالناش سقف ، خبّط زي ما إنت عايز”، وفعلاً تحققت المقولة فيما كان يخص الرئيس حسني مبارك وما يتعلّق بابنه جمال، أما ما يخص الإخوان وأمريكا كان هناك ” سقف” ورفضت لي رسومات عنهم ولم تُنشر، وهنا استشعرت خطأً ما تأكد وجوده لي عندما كانت تأتيني مقالات سعد الدين إبراهيم ولا يعجبني ما فيها فأقوم برسم عكس ما يعبر عنه المقال،فيتم رفض الرسمة ولا تنشر أو تنشر بعد خلاف.
الأمر في أخبار اليوم كان أكثر وضوحاً مثلاً شخصيات معينة لا يتم تناولها ” حسني مبارك، أحمد عز، رشيد محمد رشيد…. وهكذا ، وهذا يؤكد في كل الأحوال أن فكرة الحرية المطلقة غير موجودة.
رؤية عن الكاريكاتير
-يغلب على فن الكاريكاتير الطابع الاجتماعي والسياسي حيث يميل أكثر للسخرية والنقد للسلبيات عن الإيجابيات، وبعض الأفكار يمكن التعبير عنها بالرسم فقط وهنا تكون الفكرة أقرب للعالمية ويمكن فهمها من خلال الرموز المستخدمة في الرسمة والبعض الأخر نعبر عنها بالرسم وكتابة التعليقات معاً مثلاً بطاقة التموين وهي موضوع محلي.
-ميزة الكاريكاتير المصري أنه لاذع جداً وأفكاره دائماً تحتاج من القاريء أن يُعمل عقله ،عكس الكاريكاتير الأمريكي أو الأوروبي
-تراجع فن الكاريكاتير بشكل ملحوظ نظراً لعدم وجود مساحات كبيرة لنشره في الإصدارات أو حتى وجود ما هو متخصص منها في الكاريكاتير فقط،بالإضافة أنه غير مربح ومظلوم من الناحية المادية.
-لابد لرسّام الكاريكاتير أن يقوم على تطوير ذاته ، أفكاره وأدواته بشكل مستمر وأن يحرص على حضور ورش عمل ولقاءات مع رسامين أجانب من مختلف الدول، وأن تهتم نقابة الصحفيين في إطار تطوير المهنة بتنظيم الدورات التدريبية.