نقلا عن المصري اليوم
عاشت الدكتورة لوتس عبد الكريم تعرف محمد عبدالوهاب، ويوسف إدريس، ومصطفى محمود، وإحسان عبدالقدوس، ويوسف وهبي، وأحمد بهاء الدين، وعبد الحليم محمود، ولويس عوض، والملكة فريدة، وسوزان طه حسين، وحسين بيكار، ويوسف السباعي، وفاروق حسني، ومؤنس طه حسين، ومفيد شهاب، وبطرس غالى، وأخيراً محمد حسن الزيات، الذى فاز بالحسنيين، فكان وزيراً لخارجية السادات فى أثناء حرب أكتوبر، وكان زوجاً لأمينة طه حسين!.
ولولا ضيق المساحة، لكانت القائمة قد وصلت إلى آخر هذه الصفحة، بأسماء من ذات الوزن، وعلى نفس هذا المستوى العالي!.
نرشح لك: عبد اللطيف المناوي يكتب: صلاح.. الفرعون الذي نجح في إدارة نفسه
وهي لم تعرفهم معرفة عابرة، ولا هى قد مرت فى حياة كل كيان منهم بالصدفة، ولكنها جلست إلى كل اسم، وحاورت صاحبه، ودخلت بيته، وأطلعها على أسراره، وأضحكته، وأضحكها، وتبادلا الحديث الطويل في شتى الشؤون والشجون!.
ثم إنها لم تشأ أن تستحوذ على هذا الكنز الغالي لنفسها، فأتاحته أمام كل قارئ، فى كتابها الجديد: سيرتي.. وأسرارهم!.
الكتاب صادر عن الدار المصرية اللبنانية، وهو شوط آخر إلى جوار سيرتها الذاتية الأم، التي صدرت قبل عام فى مجلد ضخم تحت هذا العنوان: رحلة البحث عني!.
وفي الكتاب راحت تطارد القيمة الباقية في كل قامة من هذه القامات، التي نعرف مصر بهم، ونعرفهم بمصر، وتبدو القائمة كلها وكأنها عنوان لهذا البلد وطريق إليه!.
وسوف تكون متعة القارئ مؤكدة، في كل حالة، وفى حالة سوزان طه حسين بالذات، وهي تأخذ صاحبة الكتاب إلى جولة فى بيت الهرم، بعد أن رحل عنه عميد الأدب العربي، الذي كان قد أطلق على البيت هذا الاسم الأشهر الرنان: رامتان!.
ففي رامتان عاش سنواته الأخيرة، بعد بيت الزمالك، وكان إلى جواره في فراشه راديو صغير لا يتحول عن إذاعة القرآن الكريم، وكان يحلو له أن يُنصت إلى كتاب الله مرتلاً منها، وكان يشرح بعض آياته للمرأة التى فضلته زوجاً على كل الفرنسيين، وكانت معانى الآيات تعجبها جداً، وكان صوت «طه» فى الإلقاء، وفى الشرح، وفى الكلام، يجعل الإعجاب بمعاني الآيات مُضاعفاً!.
وعندما غادر «طه» فى أكتوبر 73، ظل الراديو الصغير فى مكانه، وراحت سوزان طه حسين تسمع هي القرآن، وتزداد إعجاباً، وتتذكر ما كان ذات يوم بينها وبين «العميد»!.
وكانت قد روت في كتابها عنه من قبل أنه كان يسمع القرآن فى غرفته، وكانت هى تؤدى صلاتها، كمسيحية، في الغرفة المجاورة.. وكان المعنى أن هذه هى مصر!.
كتاب الدكتورة «لوتس» لوحة مرسومة بالكلمات، أكثر منه صفحات بين غلافين، لا لشىء، إلا لأن صاحبته تكتب كهاوية، وتقرأ باحتراف!.. وهي لا تقرأ الحروف، وفقط، ولكنها تقرأ الوجوه، قبل العبارات، وبقلمها تحوّل كل اسم فى القائمة إلى كتاب منشور