لم يعد موقع فيسبوك قاصرًا على تداول المعلومات الترفيهية فحسب، بل بات يلعب دورًا كبيرًا في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، في مصر وفي أي من دول العالم، سواء بتوفيره لمستخدميه التواصل مع المواقع الإخبارية ونقل الأخبار أولاً بأول، أو عن طريق وجود المشاهير والـ ”influencers” به، والذين يتابعهم عدد لا بأس به من المتابعين، ما جعله نافذة من نوافذ صنع القرار وتشكيل الرأي العام بمختلف المجتمعات حول العالم.
تعرضت شركة فيسبوك مؤخرًا لأزمة قد تشير إلى قرب نهايته، ربما تُنهتى تلك الأزمة بفرض غرامات مالية كبيرة على الشركة، كتعويض عن الأضرار التي تسببت فيها لمستخدميها، وربما قد تتفاقم الأمور في القضية وتؤدي إلى غلق الموقع.
نرشح لك: مؤسس واتس أب يدعو لحذف فيسبوك
جميعها أقاويل قد ترددت مؤخرًا بعد أزمة فيسبوك الشهيرة مع شركة Cambridge Analytica أو “كامبريدج أناليتيكا”، وهي شركة تعمل في مجال تحليل البيانات، وكُشف في كثير من الصحف الأجنبية والعربية، عن ملابسات تلك الأزمة، حيث إن “أناليتيكا” استطاعت أن تجمع بيانات 50 مليون مستخدم لفيسبوك من الولايات المتحدة، ليتم استغلالها عن طريق دراسة سيكولوجية المستخدمين، لمعرفة ميول الناخبين في الانتخابات الرئاسية الأمريكية والتحكم فيها، وهو الأمر الذي تجرى التحقيقات فيه حاليًا من جانب لجنة التجارة الاتحادية الأمريكية، فضلاً عن اعتراف “مارك زوكربيرج” مؤسس فيسبوك والرئيس التنفيذي للشركة، بخطأه خلال لقاء أُجريَ معه في CNN، ذلك إلى جانب ما كتبه مارك في بيان على فيسبوك، في يوم الـ 21 من شهر مارس الجاري.
شُنت حملة خلال الأيام القليلة الماضية، باسم “#DeleteFacebook” والتي انتشرت ضمن صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، ظهر خلالها مَن يطالب مستخدمين فيسبوك بحسم الموقف ومسح حساباتهم الشخصية على الفور، إلى جانب اَخرين ممن يطالبون بإعطاء مارك زوكربرج، الرئيس التنفيذي لشركة “فيسبوك”، فرصة من جديد، خصوصًا وأنه قد أعلن رسميًا محاولاته للتعامل مع تلك الأزمة، عن طريق زيادة الوسائل التأمينية لبيانات مستخدمي الفيسبوك.
كان من بين مَن كتب على هذا الهاشتاج هو بريان أكتون، وهو الشريك المؤسس لتطبيق WhatsApp الذي أشترته شركة فيسبوك مقابل 19 مليار دولار عام2014، واستمر للعمل في شركته المملوكة لفيسبوك حتى أواخر عام 2017، وهو الأمر الذي أثار تساؤلات عديدة نحو ما دفع “أكتون” لكتابة هذا القرار ودعوة الاَخرين بمسح حساباتهم على الفور، بعد مسح حسابه الخاص على “الفيسبوك”.
It is time. #deletefacebook
— Brian Acton (@brianacton) March 20, 2018
فيما يلي يوضح “إعلام دوت أورج” أبرز المواقع الاجتماعية التي ربما يلجأ إليها المستخدمين كبديل لموقع “الفيسبوك”؛ نظرًا لعدة عوامل تتبعها تلك المواقع مع مستخدميها:
1- موقع Signal
لم يكتفِ بريان أكتون بدعوة مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” بحذف حسابتهم، بل دعي أولئك المستخدمين، للاشتراك في موقعه ” Signal-سيجنال” والذي أسسه في فبراير الماضي؛ موضحًا في تغريدة نشرها عَبر حسابه الشخصي بموقع “تويتر” أنه سيعد أكثر أمانًا على بيانات مستخدميه من أي موقع اَخر، مشيرًا إلى ذلك بالإشارة لرمز “الأمان”، في الكلمات الافتتاحية الخاصة به في الصفحة الأولى من رابط موقع “سيجنال”، لتقع عيونك على جملة “سريع، بسيط، اَمن”، بمجرد زيارتك له.
كما أن في الكلمات التعريفية لمؤسسة “سيجنال”، يُشار إلى أنها مؤسسة غير هادفة للربح، وتسعى لحماية المعلومات و تداولها بشكل آمن، وأسسها كلاً من موكسي مارلينسبايك، مدير أمن معلومات “تويتر” السابق، و بريان أكتون.
Announcing the Signal Foundation:https://t.co/szLvFFl0xc
— Brian Acton (@brianacton) February 22, 2018
2-موقع Twitter
هناك منافسة قوية بين موقعي التواصل الاجتماعي: “فيسبوك” و”تويتر”، حتى من قبل تفاقم الأزمة الأخيرة، فكلا منهما كان يصارع الاَخر من أجل كسب مساحة أكبر في حياة مستخدميه، وثقة أكبر من قبل رواده، وكان يعمل كلا منهما على زيادة مميزاته عن الاَخر، فكان أقربها حينما تم إنشاء خاصية الـ Follow من خلال “فيسبوك” لتتيح إمكانيات زائدة عما قٌدم به منذ أن أطلق بخاصية إضافة الأصدقاء فقط، وكان ذلك للتغلب على إشكالية قائمة الأصدقاء والتي لا تتجاوز الـ 5000 صديق.
كان أيضًا “تويتر” يحاول منافسة الاَخر ومواكبته، حيث إنه قام مؤخرًا بتعديل عدد الكلمات المسموح بكتابتها إلى 280 حرفًا بدلاً من 140 حرفًا فقط، إلى جانب تفعيله لبعض الخواص الأمنة لمستخدميه، على ألا يشارك بعض المستخدمين بتغريدات أقرانهم بالموقع، إذا طلب المستخدم ذلك، إلى جانب توفيره لإمكانية وصول كل تغريدة يكتبها المستخدم لكافة المتابعين له، على عكس “فيسبوك”، والذي بات مؤخرًا يتحكم في سياسة عرض الأخبار الخاصة بكل مستخدم، لبعض الأصدقاء الذي يتواصل معهم بشكل متكرر يوميًا، وليس لكل الأصدقاء والمتابعين، ومن المتوقع أن يحل كبديل للفيسبوك إن غاب الأخير عن الساحة.
3-موقع Google plus
الاستخدام الأكثر تداولاً لـ google كمحرك بحث، لم ينفِ وجود الاستخدام الاَخر لـه من خلال “Google Plus” كشبكة تواصل اجتماعية، على الرغم من عدم توفير “Google Plus جوجل بلس”، في شكل جذاب مقارنة بخواص “فيسبوك” المتعددة والكثيرة، إلى أنه به العديد من المميزات المشابهة له، فيمكنك كتابة منشور خاص بك على حسابك بـ “جوجل بلس”، به كلمات أو صور أو فيديو، كما يمكنك مشاركة بعض الأخبار من المواقع الإخبارية عبر صفحاته.
كما أن “جوجل بلس” يتيح إمكانية الـ “فيديو شات Video Chat”، من خلال خدمة Hangouts، ويمكن أن يدور النقاش بين 10 أشخاص باستخدام تلك التقنية، وهو يعد بمثابة أمر جيد للغاية خصوصًا إذ تم النظر له من منظور عملي أو تجاري.
4-وسائل جديدة للتواصل
بدأ ظهور أشكال جديدة لوسائل التواصل الاجتماعي، مثل نشر منشور مصور أو مسجل من خلال موقع Allmuze، والذي يتيح لرواده حرية استخدامه على مدار اليوم، فنجدهم مثلاً ينشرون تسجيلات صوتية فنية أو كوميدية أو رياضية أو تعليمية وغيرها من المواضيع المتنوعة، فيقدم الموقع هاشتاج خاص بكل نوع، وهو الأمر الذي يساعد مستخدميه على التواصل سريعًا مع بعضهم البعض.
ونجد أيضًا وسيلة جديدة لتواصل المستخدمين عبر الهوايات المشتركة ما بينهم من خلال موقع Meet up، وهو الذي يقدم خدمة هامة لتقديم الأخبار عن كل الأحداث المقبلة وأماكن تنظيمها، سواء من حفلات أو ندوات أو دورات تدريبية، في مختلف المجالات والفنون.
جميعها وسائل جديدة قد تشير إلى تقبل مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي لأشكال جديدة من وسائل التواصل، خارج إطار الكتابة النصية فقط، ونستطيع أن نقول من تلك الصورة أن الـ “فيسبوك” كان الأكثر اكتساحًا في استخدامه، نظرًا للخدمات المتنوعة والكثيرة التي كان يقدمها ومواكبته لكل ما هو جديد، بل من خلال تلك الصورة أيضًا يتضح استخدام مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي لبعض التطبيقات أو المواقع التي قد تعد بديلا لفيسبوك إذا تم غلقه.
ووفقًا لما تم الإعلان عنه مؤخرًا، فسيتم التحقيق مع “مارك زوكربيرج” في البرلمان البريطاني و الكونجرس الأمريكي، إلى جانب عزم وزيرة العدل الألمانية على استجوابه إن تم ثبات وجود مواطنين ألمان ضمن الـ 50 مليون الذين تعرضوا لتلك الأزمة.
هل سيستمر “فيسبوك” أم تغلبه تلك الأزمة وتحل مكانه تلك البدائل الإلكترونية؟ تساؤلات عديدة ستحسم أمرها خلال الأيام القليلة المقبلة.