طارق الشناوي
نقلا عن المصري اليوم
قبل نحو 45 عاماً تلقى الأستاذ الكاتب الكبير «لويس جريس» اتصالاً هاتفياً من زوجته الفنانة القديرة شاعرة فن التمثيل فى الوطن العربى سناء جميل ، قالت له وهى فى ليبيا، ألو لويس إحنا مش ممكن نعيش مع بعض، ازاى يا «سناء»؟! ردت: أنا أشهرت إسلامى، «لويس»: كيف حدث ذلك؟ «سناء»: وأنا أصور فيلم «الرسالة» إخراج «مصطفى العقاد»، وألعب دور سمية بنت خياط ،أول شهيدة فى الإسلام، قلت أمام الكاميرا «أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله». كان الفنان الكبير «حمدى غيث» يشاركها البطولة قد نبهها لتبعات نطق الشهادتين- ربما أراد مداعبتها- حيث قال لها: أنت الآن صرت مسلمة ولا يجوز أن تتزوجى شرعا من قبطى، «لويس»: اهدأى يا سناء سأجد حلا. بعد يومين اتصل بها لويس ولا يهمك أنا كمان أشهرت إسلامى، وحكى لها أنه كان فى سهرة مع الكاتبين الكبيرين «مصطفى محمود» و«أحمد هاشم الشريف» نطق الشهادتين، فداعبه «مصطفى محمود» قائلاً اطلع من دول يا خلبوص تلاقيك عايز تتجوز بنت حلوة صغيرة، وبعد ذلك تأكد الأستاذ «لويس» ومدام «سناء» أن نطق الشهادتين فى التمثيل لا يعنى إشهار الإسلام.
نرشح لك: وليد رشاد يكتب: أستاذي العزيز.. “لويس جريس”
من اقترب من الأستاذ «لويس» يكتشف أنه لا يعنيه سوى الإنسان، عندما قرر الزواج من سناء جميل، كانت لديه قناعة أنها غالبا مسلمة، لأنهما أثناء الحوار كثيرا ما كانت تقول كعادة المصريين (والنبى هعمل كذا أو ما تنساس والنبى تكلم فلان) هو لم يسألها عن ديانتها، فقط قرر أن يتزوجها لأنه أحبها.
أفضاله على الكثير من الصحفيين وبينهم كاتب هذه السطور لا تُنسى، متمثلاً كما قال لى الحديث الشريف (خير الناس أنفعهم للناس)، وهكذا مثلاً فى «روز اليوسف» قبل نحو 30 عاماً لم نستطع الاستمرار فى الكتابة على صفحات المجلة لأسباب ليس الآن مجال ذكرها، كنا ثلاثة، الكاتبان الكبيران «عادل حمودة» و«كرم جبر» وكاتب هذه السطور، فما كان من «لويس جريس» والذى كان يشغل موقع رئيس تحرير مجلة «صباح الخير» فى عز مجدها، سوى أن فتح لنا صفحات المجلة، نكتب ما نشاء، عشرات من المواقف لا أنساها من أفضال الأستاذ، كلما التقيت مع زملاء سواء يعملون فى الصحافة أو الفضائيات داخل وخارج مصر، اكتشفت أن الأستاذ هو الذى منحهم الفرصة ووقف إلى جانبهم، ودفعهم للمقدمة، الأهم من كل ذلك أننى عندما أروى له بعض مما قاله لى الزملاء، أكتشف أن الأستاذ لكثرة ما قدم من خدمات ربما لا يتذكر حتى الاسم، ولا ما الذى فعله معه بالضبط.
روى لى الكثير من كواليس الصحافة والسياسة، عندما كنا نتواصل تليفونياً، وأستأذنه بالطبع فى النشر، كان يقول لك مطلق الحرية فى اختيار التوقيت.
السلام والرضا والمحبة للجميع قيم تتجسد فى لويس جريس، الذى يرقد الآن فى سلام، تحوطه الملائكة وترفعه إلى عليين، مع الشهداء والقديسين، تصاحبه دعوات وصلوات العشرات من تلاميذه ومحبيه، فهو مثل سناء جميل التى طلبت منه أن يكتب فى نعيها (قريبة ونسيبة كل المصريين)، وداعا قريبى ونسيبى وأستاذى ومعلمى وحبيبى، سوف يتخلص الأستاذ لويس من العصا التى رافقته بعد سناء، حيث قال له الطبيب كنت فى الحياة تتوكأ نفسيا على سناء وبعد رحيلها صرت بحاجة عمليا إلى عصا، ما يطمنى عنك أنك عُدت تتوكأ على سناء جميل، فهى كانت تنتظرك فى الجنة!!