عمرو قورة يكتب: رسالة للرئيس في بداية ولايته الثانية

عزيزي الرئيس السيسي.. ألف مبروك فوزك بفترة رئاسة ثانية باكتساح… ومع إن هذا الأمر كان متوقعًا ولكن وجبت التهنئة في كل الأحوال… و كون أن أكثر من ٢٠ مليون مصري نزلوا يدلوا بأصواتهم لك وهما عارفين إن تصويتهم لن يؤثر على النتيجة.. لهو دليل على مكانتك عند المصريين ورسالة شكر يقدمها لك أفراد شعبك.. ورسالة من نوع آخر موجهة لباقي العالم أن الشعب المصري يقف ورائك ولو كره الكارهون.

وبما إن فترة الرئاسة الثانية لأي رئيس في العالم هي فرصة لتنفيذ رؤيته بدون ضغوط إعادة الانتخاب و أيضًا بعد فهم كيف تعمل مفاصل الدولة و كيف يمكن تجنيب كل من يعطل مسيرة التقدم و وإعادة ترتيب البيت من الداخل بطريقة أفضل وعلى نار هادية… ولو كان لي كمواطن مصري من محبيك أن أقدم لسيادتكم عشر خواطر تدور في داخلي و في داخل نفوس العديد من المصريين… عسى أن يساعد رأي فيهم قرارًا تريد اتخاذه أو استراتيجية تريد تطبيقها… وعسى أيضًا أن تكون الفترة الثانية فترة بناء وازدهار ناجحة جدًا وأنجح حتى من الفترة الأولى.

نرشح لك: 16 تصريحًا لعمرو قورة عن حال الإعلام لـ”المصري أفندي”

١ – احذر المنافقين يا سيادة الرئيس… فهم إخوان للشياطين… و ما أكثرهم في مصرنا الحبيبة… وحتى لو لم يصل صوتهم إليك فهو يصل إلى المحيطين بك والذين يتأثرون بالأكاذيب لقلة خبرتهم في التعامل مع المدنيين… فالقوات المسلحة لا تسمح بتغلغل المنافقين في شئون القيادة… لكن في الحياة المدنية فإن المنافقين يعرفون جيدًا كيف يتسللون و يخترقون ويدمرون… هم معروفين للجميع فلا داعي لذكر الأسماء… لكن تخلص منهم على أية حال.

٢– هناك هوة سحيقة بين جيل المسؤولين وبين ثلثي أفراد الشعب وهم الشباب… و كطبيعة الشباب فهو غاضب مشتعل مليء بالحماسة… فبدلاً من تجنيبهم جانبًا والاعتماد على جيل الستينات… يجب التواصل معهم و توظيف قوتهم و عقولهم في خدمة تنمية البلاد… وصدقني عندما أقول لسيادتك أن هناك شباب في الثلاثينيات من عمره يتفوق معلوماتيًا وخبرة بالحياة المعاصرة على كل الوزراء والمسؤولين… فتوجه إليهم و واحتضنهم… بعضهم حاليًا من معارضيك و لكن من الممكن تحويلهم لأكبر مسانديك.

٣– لا تترك الفرصة للغرب لاستغلال القبض على بعض النشطاء ويصفوننا بالدولة القمعية والديكتاتورية وما شابه… القبض على شخص لا قيمة له فعليًا… إلا في أوساط معينة… يعطى الفرصة للمراسلين الأجانب لنسج قصص خيالية عن القبض على طالبي الحرية وإن دولتنا قمعية الخ الخ… وحتى لو أخطأ أحدهم وأساء إلى الجيش والشرطة… فتجنيده في أحد معسكرات الصاعقة لمدة سنة سيأتي بتأثيرٍ أفضل بكثيرٍ من السجن… وسيصنع منه رجلاً فوق هذا كله… ويخرس الألسنة التي تنتظر مثل هذه التعديات على حرية المواطن حسب وصفهم.

٤– الإعلام هو أهم أدوات تثقيف وإلهام للشعوب وبالذات قليلة التعليم والثقافة… فلا يجب تركه في يد من لا يعلم ولا يستطيع… يجب إعادة النظر في المنظومة الإعلامية برمتها والنظر بكثير من الاهتمام للإعلام الرقمي الجديد… ففي نهاية فترتك الثانية سيكون عدد مشاهدي التلفزيون ١٠٪ من الشعب بالكثير وكلهم فوق الستين… وأرجو ألا تلجأ لنفس الوجوه التي ساهمت بقدر كبير في تدمير الإعلام المصري ومازلنا نلجأ لهم من أجل التطوير… هم لا يصلحون في هذا العصر الإعلامي الجديد… ابحث عن العقول الشابة المستنيرة والمثقفة… وإلا سنظل ندور في دائرة الخسائر والعزوف عن المشاهدة… أو أسوأ… تشويه العقل الجمعي المصري بالأحادية في نقل الأخبار والمؤامرات غير العاقلة التي يحاول بعض الإعلاميين تصديرها لكم وللشعب… حان الوقت للتغيير… أما تواصلنا مع العالم الخارجي فتلك قصة أخرى تستحق مجلدات… لكن ألم يحن الوقت لأن يكون لنا ذراعًا إعلاميًا في الخارج بنفس فعالية وسائل إعلام أعدائنا في الخارج؟ ابحث عن الشخص المناسب واعطه صلاحيات بدلًا من فشل الأجهزة الإعلامية الحالية الذريع…

٥– لقد طالبت سيادتك من ثلاث سنوات بتغيير الخطاب الديني… ولا حياة لمن تنادي… لأن سيادتك طلبت من المؤسسة الدينية أن تقوم هي بالتغيير… وهذا لن يحدث… فالمؤسسة الدينية سر قوتها و سيطرتها على الشعوب هو الخطاب الديني القديم المليء بالتخويف و الترهيب و الترغيب والذي يتعامل مع المرأة و كأنها كائن درجة ثالثة مع أنك شخصيًا لم تفوت فرصة إلا و كرمت المرأة خير تكريم… فأرجو إعادة النظر في من يكون مسؤولاً عن تجديد الخطاب الديني و سانده بكل قوة لأن الحرب ستشن عليه من جميع الجهات.

٦– نقل الإنجازات التي قمت بها خلال ٤ سنوات يفقد تأثيره لأن الناس لا تثق في وسائل الإعلام المصرية مطلقًا… سواء تلفزيون أو إذاعة أو صحف… فالرسالة تتصادم مع حائط عدم الثقة ولا تصل إلى الشعب… يجب إعادة دراسة طريقة التواصل مع الشعب بتفعيل دور السفير بسام راضي المتحدث الرسمي باسم الرئاسة ويكون له مصداقية ولا يكذب ولا يبالغ… وفي نفس الوقت يعلن عن الأشياء السلبية إن وجدت… قبل الإيجابية.. فهكذا يكسب المتلقي الثقة فيمن يوجه له الرسالة… ويمنع أفراد الشعب في البحث عن أي معلومة حتى لو كانت خاطئة أو مغرضة على القنوات الأجنبية أو في وسائل التواصل.

٧– الإهتمام الفعلي بالتعليم… و إزاحة خلايا الإخوان المتواجدة داخل وزارة التعليم والذين يقفون ضد أي تطوير وأي محاولة للخروج من الأسلوب القديم للحفظ بدلُا من الفهم… كما يجب تنقية المناهج من أي آيات وأحاديث و تفسيرات تدعو إلى العنف و القتل والسبايا وبول الإبل… فتلك المناهج موجودة في مدارسنا و جامعاتنا… مع الإهتمام بتطوير وتدريب المدرسين وإزاحة كل صاحب فكر متشدد من التواصل مع الطلبة… وإعادة الرياضة إلى المدارس والجامعات أملًا في إيجاد العشرات من أمثال محمد صلاح أفضل سفير لمصر في الخارج منذ أيام الرئيس الراحل أنور السادات.

٨– الاهتمام بالقطاع الصحي لأن صحة الإنسان هي أغلى ما يملك… وأنت أدرى بحال المستشفيات والممرضين والأطباء وطوابير المرضى وغلاء الأدوية…. أعلم أنك اطلقت حملة للتأمين الصحي الشامل… لكن المبدأ يتم تدميره عندما يذهب هذا المواطن الذى أمن صحيًا إلى المستشفيات… فيعاملوا كأنهم أسرى حرب لأنهم غلابة ومش حايدفعوا كاش…

٩– الاهتمام بالفنون والسينما والدراما و بناء سينمات في جميع المحافظات وإعادة النشاطات الفنية للجامعات و رصد مكافئات كبيرة للمبدعين… فالفنون هي حائط الصد الأول ضد التطرف و التشدد… مصدر قوتنا الناعمة التي أعطتنا زعامة المنطقة في الخمسين سنة الماضية… ولا شك أنك على علم بخطط المملكة العربية السعودية للإزدهار الفني و سيسبقوننا… ومع هذا فالنقطة المضيئة هي تعيين محمد حفظي رئيسًا لمهرجان السينما… فذلك يدل على اتجاه جريء للدولة للإستغناء عن الحرس القديم الجاثم على صدورنا منذ الستينات واستبداله بجيل مثقف و متطور… وأرجو أن يتكرر نموذج حفظي في جميع المجالات.

١٠– وأخيرًا أرجو من سيادتك الاهتمام بقطاع السياحة اهتمامًا خاصًا لأن هناك ملايين العائلات التي تعيش من ورائه… ومصر هي أكثر بلد في العالم يصلح لاجتذاب السياحة ولكن للأسف الثقافة الشعبية أضرت به من اعتبار السياحة حرام إلى إعتبار السياح غنيمة حلال علينا سرقتها و تجريدها من آدميتها… يجب تشكيل مجلس أعلى للسياحة بعيدًا عن بيروقراطية الوزارات وموظفي السبوبة…

وقبل أن أنهي رسالتي لسيادتكم… فلو كان هناك هدف واحد يجب على المدارس والجامعات ووسائل الإعلام التركيز عليه… ففي رأيي هو تدريب و تعليم أفراد الشعب مباديء التفكير النقدي السليم… ليبتينوا الفرق مابين الخرافة والحقيقة.. ولا يقعوا في أسر تجار الأساطير والأعشاب وجلب الحبيب و دعاء ركوب الأسانسير… فلو كان عندك شعب يفكر فسيسهل مهمتك عشرات الأضعاف…

لن أتحدث عن البنية التحتية والمشاريع العملاقة لانكم قمتم بواجبكم في هذه الناحية على أفضل صورة… ولكن لو لي أن أقترح إقتراحًا صغيرًا … فيجب أن يكون هناك مشروع قومي يلتف حوله الشعب مثل رؤية ٢٠٣٠ مثلاً… ولكن الشعب لن يلتف حولها بالأغاني والفيديو كليب والأعلام المصرية التي تملأ الشاشات… الشعب سيلتف حولها لو اقتنع بها واقتنع أنها ستعود عليه هو وأسرته بالفائدة المرجوة… فابحث دائما عن أصغر وحدة وهي الأسرة… فهي أساس كل مجتمع.

أتمنى لسيادتك دوام التوفيق وسداد لخطاك وادعو من الله أن يسلمك من كل شر