هشام عبد الله.. ياريته ما راح معاهم
بعد 23 عامًا، من مشهد تَخَلُف رقيب أول بحري عليش، عن متابعة “الطريق إلى إيلات” مع الأبطال، اكتمل الجزء الثاني من رؤية المخرجة إنعام محمد علي، بفشل مُجسد الشخصية، الفنان هشام عبد الله، في استكمال مسيرته الثورية التي بدأها في الخامس والعشرين من يناير في ميدان التحرير، وبعدما “خاف من الموت” وقرر عدم الذهاب إلى إيلات وحرم نفسه من موقفٍ بطولي، سلك مسارٍ معادٍ للدولة، واختار الانضمام إلى قنوات الإخوان.
نرشح لك: 5 معلومات عن المذيع التونسي الذي أغضب المصريين
https://youtu.be/NgL1j83Lef4?t=1h52m25s
عامان تقريبًا مرا على التحاق، الفنان هشام عبد الله، إلى قناة وطن “التركية المعارضة وليست الإخوانية” بحسب توصيف زوجته الناشطة السياسية غادة نجيب، وقتها، لتقديم برنامج “ابن البلد”، ومنها إلى قناة الشرق الإخوانية، المعادية عداءً صريحًا للحكومة المصرية، ببرنامجه، إلى اليوم، وقد سلك مسلكهم في الهجوم العنيف، والتزيف عادةً للكثير من الأمور، للتأثير على الفئة المتعاطفة مع الإخوان في مصر وخارجها، حتى آخر حلقة قدمها الأربعاء الماضي، والتي دارت حول بث رسائل التشكيك في الانتخابات الرئاسية، والتأكيد على أنها “مطبوخة” و”لم يشارك بها أحد”.
تحول “عبد الله” من الفن إلى الإعلام ليس الأغرب في قصته، فهو لم يكن ناجحًا فنيًا بالقدر الذي يُذكر، ولم ينجح في الحصول على دورٍ يُذكر له، إلا الذي جسد فيه موقف الخذلان الكبير في “الطريق إلى إيلات”، بالرغم من اقتران اسمه بنجوم كبار في أعمال فنية عظيمة مثل “ليالي الحلمية” و”البخيل وأنا”، و”بوابة الحلواني”، لكنه لم يستطع وضع بصمة واضحة فيها، وتوقفت مسيرته الفنية من بعد فيلمه الشهير على بضع مشاركات على استحياء، ولم يكن يعرف اسمه الكثيرون، إلا بعد ظهوره في ميدان التحرير، وسط المتظاهرين، المطالبين بسقوط النظام، في ثورة الخامس والعشرين من يناير.
كما وضع الثوار، بعض الفنانين، على “القائمة السوداء” وقتها، نظرًا لمعاداتهم لها العلنية في وسائل الإعلام، واتهامها بأنها “فوضى” ومساندتهم للرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، ضد المطالبين بمطالبٍ شرعية “عيش، حرية، عدالة اجتماعية”، برزت عدة وجوه فنية أخرى، قد وقعت من الذاكرة، مثل تيسير فهمي التي اختفت من بعدها، وهشام عبد الله، الذي سطع نجمه في وسائل الإعلام، وأصبح “بطلًا” للبعض، يدافع عن حقوق الثوار، ويبكي من أجل الشهداء، على شاشات التلفزيون، وقد كان لقائه الأبرز مع الإعلامية منى سلمان، قبل أن تغادر قناة “الجزيرة” القطرية، بعدما اتجهت لنبرة العداء الصريح ضد مصر، وهو يروي لها قصة موت طفل، ويؤكد لها أن البنات والشباب الثوار، قادرون على دخول إسرائيل نفسها -وهو ما فشل فيه في الفيلم- ثأرًا للدماء التي سقطت.
بالطبع بعدها ولمرابطته في ميدان التحرير، ظهر مع شاشاتٍ أخرى، منها قناة “25 يناير”، من قلب الميدان، مع المراسل حسام حداد، أثناء استقالة الدكتور عصام شرف، رئيس الوزراء الذي اختاره الثوار من بينهم ليمثلهم، ولكن بعد عدم رضاهم عن أدائه تقدم باستقالته، الأمر الذي أثار غضب هشام عبد الله فطالب بأن يقدمها في الميدان للثوار، موجهًا رسالة للمجلس العسكري بأن يقوم بدوره فقط في حماية الثورة وعدم إدارة الدولة لأن ذلك حقًا للثوار الشباب فقط.
نرشح لك: مصير محتوى “هاف بوست عربي” بعد الإغلاق
كل تلك التصريحات، صنفت “عبد الله” بأنه “أحد الفنانين الثوار” فقط، دون أن يُحسب على حزبٍ بعينه، أو فصيلٍ سياسي، ولم يظهر من حديثه إذا ما كان من أنصار جماعة الإخوان المسلمين، أم من مناهضيها، إلا في الأيام الأخيرة لحكم الرئيس المعزول محمد مرسي، حيث خرج مرتين أمام الكاميرات، ليهاجم الجماعة، ويُعظم في حملة تمرد، التي وصفها بأنها أثبتت أن الشباب قادر على ما فشلت فيه التكتلات السياسية، لأنهم وحدوا الشعب، من أنصار أحمد شفيق، وحمدين صباحي، ومحمد البرادعي، على فكرة مجتمعٍ مبني على العدل والحرية والكرامة، مؤكدًا أن أي “نظعٍ” بحسب ما ذكر في الفيديو، سيحكم، سيكون من خلال الشباب، مؤكدًا أن الحملة مستمرة إلى أن تنجح في تحرير البلاد من “الاحتلال” قاصدًا حكم الإخوان، ووجه رسالة إلى “مرسي” قائلًا: “إنت بتقول جلدك تخين اسأل على الشعب المصري لو مكنتش تعرفه يا مرسي الشعب المصري كبير قوي عليك أنت وجماعتك”.
ظهر هنا معاداته الصريحة لحكم الإخوان، وفكر الجماعة، وأكده بظهورٍ ثانٍ، معلقًا على سحل مواطن أمام الاتحادية، أثناء الاعتصامات المطالبة بإسقاط حكم مرسي، مطالبًا الشعب بألا يكون عبدًا لكل قوي، قائلًا: “الشعب لازم يفوق”، مطالبًا رجال الشرطة الشباب ألا يكونوا “خدامين السلطة”، لأن انتهاكات الجماعة ستطول أسرهم كما طالت الشعب، مردفًا: “الإخوان دول ميحكموناش، لا هما إخوان، ولا مسلمين، دول كدابين”.
خلال تلك الفترة أيضًا، شارك هشام عبدالله، عام 2013 في مسلسل “تفاحة آدم”، مجسدًا دور ضابط أمن دولة، يسعى وراء قضايا الإخوان المسلمين، وفي أول مشاهده في المسلسل أمام زكي فطين عبد الوهاب، أخبره الأخير بأن الجرائم المنظمة التي تحدث هي من فعل الإخوان، الجالسين على كرسي الحكم، مؤكدًا أنهم كانوا يقتلون أنصارهم في الميادين لتهييج الثوار، وهو ما يتوافق مع فكره ومناهضته لهم وقتها.
ساند هشام ثورة 30 يونيو، وكان مع زوال حكم الإخوان “الفاشل” كما كان يصفه، وناصر مطالب الشعب ووقف معهم في الاتحادية، إلى أن تقلد الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم، عام 2014، وقبلها وفي 2013، أثناء نشوب أزمة اتهام زوجته بالتعدي بالضرب على ضابط جيش، في محيط ميدان عبدالمنعم رياض أثناء إحياء الذكرى الثانية لضحايا أحداث ماسبيرو 2011، وإنكارهما تلك التهمة، وتأكيدهما بأن الضابط هو من ضربها، وجه رسالة للفريق أول عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، قائلًا: “إحنا آمنا بيك ومشينا وراك وصدقناك أنك هتعمل لنا جيش وطني يحافظ على مصر ولكن إحنا زهقنا من معاملة الأفراد لنا”، وذلك قبل تقلد الرئيس الحكم.
بعد تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم، بدأت نبرة هشام وزوجته غادة في التغير، وتحولهما للمعارضة المستنكرة لرئاسة السيسي، وكشف “عبدالله” في أواخر 2015، لصديق له يعمل في قناة “الشرق” أنه يتعرض لأزمة مالية شديدة، لعدم حصوله على أدوارٍ فنية، فكان حلقة الوصل بينه وبين أيمن نور، وأقنعه بأن يعمل معهم، كوجهٍ فنيٍ معروف، لكن قناة “وطن” التي كانت على وشك الانطلاق، عندما علم القائمين عليها بالأمر، سبقوا “الشرق” بعرضٍ أفضل، فتعاقد معهم، بحسب موقع “النبأ الوطني”.
نرشح لك: إغلاق النسخة العربية من موقع “هافنغتون بوست”
في نفس الوقت ظهرت تصريحاتٍ من زوجته المناهضة للرئيس، بأن “السيسي” طلب مقابلتها وزوجها، لكنهما رفضا، مؤكدة أن زوجها سيعمل في “قناة معارضة تبث من تركيا، وليست إخوانية”، دون أن تذكر اسمها، وبالفعل غادرا وابنهما وابنتهما إلى تركيا، ولكنها ظهرت بعدها على قناة “الشرق” لتصرح بأنهما تلقيا تهديدًا “وديًا” من شخضٍ يعمل في جهة سيادية، وطلب منهما السفر خارج مصر، فاستشارا صديقًا مقربًا نصحهما بتنفيذ ذلك، وسافرا، ليتفاجئا بعدها بأنه صدر قرار ضبط وإحضار لها يوم 9 ديسمبر 2015، ولكنها لم تعد لمصر لتنفيذه، منوهة إلى أن ذلك كان بسبب معاداتها للرئيس.
بعد الوصول إلى تركيا، ظهر هشام عبد الله، كمقدم برامج للمرة الأولى على قناة “وطن”، وقال في أولى حلقات “ابن البلد”، إن كل ما نُشر عنه وزوجته بأنهما هربا من مصر غير صحيح، مؤكدًا أنهما استخرجا تصريحًا أمنيًا قبل السفر، ما يؤكد عدم تورطهم في قضايا، لافتًا إلى أنه منذ وقتٍ طويل، يريد الحديث مع أبناء البلد لتوعيتهم، واستجاب الله لدعائه بأن حصل على عرضٍ من القناة فقبل به.
خلال حلقاته على “وطن” ظهر هشام عبد الله بالثوب الإخواني، حتى أنه بدأ في تغيير أرائه بشكلٍ صريح، فهاجم في إحدى الحلقات مؤسسي تمرد، الذين وصفهم سابقًا بالأبطال، واتهم محمود بدر وحسن شاهين بتغيير مواقفهم، مشيرًا إلى أن 30 يونيو لم يكن المقصود منها رحيل مرسي، بل انتخاباتٍ رئاسية مبكرة، واستمر في تغيير مواقفه حتى وهو في قناة “الشرق”، فاعتذر لمرسي على الهواء، بل أصبح يضع لقب “الدكتور” قبل اسمه، وبالرغم من ذلك لم يرضَ عنه مشاهدي القناتين، الذين وصفوه بأن “دمه تقيل”، و”فاشل في محاولاته للاستظراف”، بل وطالبوا برحيله من “وطن” وهو ما حدث بالفعل، وانتقل لـ”الشرق”، ويطالبون الآن بأن يرحل عنها هي الأخرى.
فشل “عبدالله” في استقطاب الإخوان نحوه، ليس بسبب عدم تصديقهم لأدائه، أو أنه “فاشل إعلاميًا كما فشل فنيًا”، إنما أيضًا موقف زوجته المعادي من الإخوان، والذي تعلنه دائمًا، على صفحتها على “تويتر”، حتى أن استغناء “وطن” عنه جاء بعد الأزمة التي نشبت بينها وبين رواد “تويتر” من الإخوان، الذين قالوا إنها تأكل من خيرهم وتسبهم، لتوضح لهم في تغريدات متتالية أن قبول زوجها الانضمام للقناة كان بشرط عدم التدخل في محتوى ما يقدمه، أو إملاء الأوامر عليه، ساخرة من أملهم في “عودة مرسي”، ما أثار غضبهم، ومطالبتهم بحذف القناة من التلفزيون، لأنها لا تعبر عنهم، ما دفع القناة لإصدار بيانٍ تؤكد فيه إيمانها وتأكيدها على الشرعية، أو ما أسموه “إرادة الشعب”.
نرشح لك: رسالة إلي محمد ناصر .. “إنها خائنة الأعين ياعزيزي” !!
فسخت “وطن” التعاقد مع “عبد الله”، بالرغم من اعتذار زوجته عما بدر منها، وانتقل لـ”الشرق” بنفس اسم البرنامج، وأكد في الحلقة الأولى، أنه لم يتابع في المحطة الأولى لأن “الظروف مسمحتش”، مؤكدًا أنهم “بيكملوا بعض وتركوا بعض بكل احترام”.
بالرغم من أن مقدم “ابن البلد” لا يُصرح أبدًا، ولا يتحدث عن القنوات التي يعمل بها بسوء، ما يشير إلى أنه أصبح “واحد منهم”، إلا أن زوجته دائمًا ما تعبر عن رأيها ضدهم وبشدة، فقد اتخذت موقفًا معاديًا لـ”الشرق” وإدارتها في الأزمة التي نشبت بينهم وبين العاملين بها، في نهاية ديسمبر الماضي، ما تسبب في نفس أزمة “وطن” وطالب الإخوان بالاستغناء عن زوجها خاصة أن برنامجه دون فائدة ترجى، ويكلف القناة الملايين.
https://twitter.com/dooo72/status/944687451041357825
https://twitter.com/dooo72/status/944932731573727232
اللافت أيضًا في أزمة الشرق هو استمرار هشام مع القناة، بالرغم من انتشار فيديو مسرب من اجتماع للعاملين بالقناة مع أيمن نور، تكلم فيه عبد الله قبل حضور الأخير براحة مؤكدًا أنه تفاجئ بقرارات القناة التي تعامل العاملين بها بشكل غير مناسب، وهو ما تغير تمامًا فور وصول رئيس القناة، الذي نهر المصور وطلب منه عدم التصوير، قائلًا: “في ناس بتترحل لمصر”.
بعد كل المشاهدات السابقة، يظل تحول هشام عبد الله، من فنان لسياسي ثوري، ومن ثوري في ميدان التحرير، لوجه إعلامي إخواني لغزًا، مثله مثل الفنان محمد شومان مثلًا، ويظل قرارهم سلوك ذلك الطريق مجهول السبب، فهل هو بسبب المال، لعدم حصولهم على أعمال فنية في مصر، أم هي النجومية التي فشلوا في تحقيقها، وهل “عبد الله” كان صاحب القرار في السفر، أم أنه بسبب أزمات زوجته في مصر وتصريحاتها المعادية لنظام الحكم، أم أنه اختياره؟ وما الذي يجبره على الاستمرار في وسط أزمات قناة “الشرق”، ولماذا يقدم ما يُملى عليه من أجندة القناة، بالرغم من تأكيد زوجته السابق بأنه اشترط عدم التدخل في المحتوى؟