هناك في الحياة تجارب مؤسفة يمر بها معظمنا، ولا نرغب في تكرارها مرة أخرى، حتى أننا لا نرغب في تذكرها على الإطلاق.
ما سبق، مقدمة أكثر من كافية لحديثنا حول مجموعة البرامج التي تزن دماؤها أطناناً و التي نشاهدها جميعاً هذه الأيام، وكأن صناع تلك البرامج اتفقوا جميعا على حرق أعصابنا في نفس التوقيت.
معظم ما سيقال في هذا المقال مكرر، وقد تكون قرأته و ناقشته مع زملاؤك و أصدقاؤك، من قبل، وأجزم بأنه لا يمكن أن يدور نقاش أو يُكتب مقال حول هذه البرامج إلا وتأتي سيرة برنامج “البرنامج” للإعلامي البارز ” باسم يوسف” بكل خير.
نتفق أو نختلف على مضمون ما قدمه لنا باسم إلا أنه لا يمكن إنكار أن الجهد الذي بذله طوال مدة عرض البرنامج، الجهد الذي لا يمكن مقارنته بأي محاولة تمت لإستنساخه بعد ذلك.
و لنفتح النار الآن
عملت شخصياً مع فريق عمل برنامج “البرنامج” لشهور .. ولهذا فأنا أعلم الكثير عن سر تلك الطبخة الإبداعية و التي هي أعمق و أكثر إرهاقاً و تعقيداً بكثير من مجرد سلسلة من الإفيهات تتخللها فيديوهات منتقاة و مجموعة صور و بعض الفوتوشوب.
فتح باسم يوسف باباً ضخماً من الكوميديا، واستطاع برفقة كتيبة ضخمة من المبدعين، هند رضوان منتجاً فنياً ، محمد خليفة مخرجاً، جيش ضخم من الباحثين والكتاب على رأسهم الثلاثي أيمن وتار و شادي ألفونس و خالد منصور… و لقد تعمدت أن أذكر أسماؤهم جميعاً علي من يريد صناعة برنامج كوميدي ترفيهي حقيقي أن يبحث عنهم و يستفيد من خبراتهم في هذا المضمار… و يبدو أنه لم يظهر بعد من يستطيع الدخول من هذا الباب حتى الآن.
بني آدم شو … أين الشو ؟
أما عن ماسورة الدماء الثقيلة، فإن لها أنواع وأشكال تبدأ من “بني آدم شو” ، والذي أعلم يقيناً أن مقدمه الممثل أحمد آدم ، يمتلك قدرا من الوعي و بعضاً من ثقافة تؤهله لتقديم محتوى أخف دماً بمراحل من هذا المستوى المتدني، و الذي لا أفهم له سبباً ، أهو الإعداد ؟! .. أهو أحمد آدم نفسه وقد اصيب بثقة و غرور شديدين ؟!… أم هو العدو الأول للعملية الإعلامية والإبداعية .. الكسل ؟!!
و بغض النظر والبصر عن الأسباب، فالنتيجة بالنسبة للمشاهد واحدة … هذا برنامج تلفزيوني ثقيل الدم إلى حد بعيد، ينزف جمهوره باستمرار و مصيره محتوم .. التوقف ولو بعد حين، و النسيان قطعاً.
عرض كبير … الرفد يليق بك
“عرض كبير” هو واسطة العقد وقمة النضج في ثقل الدم – وهذا رأيي الخاص- ، مع العلم أن رأيي كذلك في أكرم الشرقاوي أنه خفيف الظل إلى حد ما وقد يقبل منه الجمهور الكثير و الكثير، ولكن ليس إلى درجة ” عرض كبير” .
الإيحاءات الجنسية أمر متعارف عليه في الواقع .. معظمنا يستخدمها و يعرف مفرادتها ، نستخدمها على المقاهي و في البيوت و على شبكات التواصل الاجتماعي، نشاهدها في الأفلام و نسمعها في البرامج (حتى أن باسم يوسف كان يستخدمها كثيرا) … مشكلتي فقط مع الإيحاءات الجنسية في “عرض كبير” أنها موجودة في العنوان .. في نظرات المذيع .. حاضرة بقوة طوال الوقت .. قبل الجملة وأثناؤها وبعدها بلا داع حقيقي .. و هو ما أكسب أكرم (مذيعاً) و البرنامج ككل سمعة صفراء لا يتمناها أحد لنفسه على الإطلاق.
و يبدو أن cbc اتخذت قراراً مناسبا بالتخلص من هذا العرض الكبير، عقبال ما يتخلصوا من بعض أصحاب الطلة البهية على شاشتهم العامرة.
الخلاصة، “عرض كبير” برنامج ثقيل الدم، ملئ بالإيحاءات – التي لا مشكلة لدي مع سماعها وتلقيها إن كانت في مكانها الصحيح – ، برنامج غير قابل للتطوير إلا بعملية غسيل مخ كاملة لازمة لفريق البرنامج بالكامل وهو مالم يكن في الإمكان تحقيقه.
أخطر رجل في العالم… ما هذا يا رجل ؟؟
أخطر رجل في العالم.. اسماً تلفزيونياً أساء بشدة للفيلم الرائع الذي حمل نفس الاسم و الذي قدمه لنا العبقري فؤاد المهندس ممثلاً و المتالق نيازي مصطفى مخرجاً …. البرنامج أساء كذلك لمعتز الدمرداش الذي يبدو أنه يملك إصراراً مدهشاً على تدمير صورته الذهنية لدى مشاهديه، تارة بأداء تلفزيوني مبالغ فيه في برامج التوك شو .. و تارة بتقديمه برنامج مسابقات لا طعم له قبل سنوات… و تارة بهذه التحفة الإعلامية “أخطر رجل في العالم” .
السيد معتز الدمرداش شخص ودود ولبق ويخاف كثيرا على عمله، أعلم هذا يقيناً بسبب لقائي به مرتين بشكل عابر، وكذلك بسبب حكايات المقربين منه عن شخصيته.. فلا أعلم سبباً حتى هذه اللحظة يدعوه للمغامرة بسمعته ووضعها على المحك إلى هذه الدرجة؟!!.
كذلك فإن MBC مصر تقدم لنا ومنذ بدايتها ، صورة تلفزيونية جيدة للغاية، طبخة تلفزيونية معروفة باستقدام النجوم و مخاطبة الجمهور بود حقيقي لجعل المحطة منارة من البهجة في ظل الهجوم الإخباري والسياسي من المحطات الأخرى … “روبابيكيا”، “شيكا بيكا”، وقطعا البرنامج الأبرز “أسعد الله مسائكم من جديد” .. نماذج أكثر من كافية للتدليل على نوعية ما تحاول المحطة تقديمه للجمهور، فما هذه السقطة المسماة “أخطر رجل في العالم”… أوافق بشدة على الاستفادة من خبرات معتز الدمرداش، وليس تدميره بهذا الشكل.
من الدوبلكس .. هناك أمل
أما عن أبلة فاهيتا، فلعلك تعرف أنني شخصيا كتبت مادحاً إياها ومقيماً تجربتها من وجهة نظري قبل أسابيع هنا في إعلام.أورج، قبل حتى أن اعرف أنها بصدد صناعة برنامجها الذي أسموه ” لايف من الدوبلكس” .
اسم أراه لطيفاً.. تكوين بصري جذاب.. تقنيات إضاءة و تصوير رائعة بحق.. يظل فقط أن صناع البرنامج وكتابه لم يستطيعوا في حلقته الأولى، الفكاك من أسر “باسم يوسف” .. على نفس المسرح، حضرت روح باسم وفريقه بقوة، فاعتمد الجزء الأكبر من الحلقة على الكلام عن المذيعين كما فعل باسم مرات و مرات … كرروا بعضا من إفيهات باسم فلم يأخذوا من المشاهدين إلا ابتسامة باهتة.
ولأنني أعرف بعضا من فريق العمل، وعملت مع بعضهم لسنوات تجعلني قادرا على الحكم عليهم، فأنا أعلم أن فريق “من الدوبلكس” قادر على جعلنا نتحمل مشاهدة دمية تتحدث معنا وجهاً لوجه.. قادر على الفكاك من أسر “البرنامج” وفريقه .. قادر على إحضار راقصة بحجم دينا وجعلها خفيفة الظل فعلا، لا أن تفعل ما فعلته بأولى الحلقات.
الخلاصة .. من الدوبلكس تجربة قد تكون مبشرة إن حاولوا بصدق التفكير في مضمون الحلقات بصورة أعمق من تقليد نفس بناء برنامج باسم يوسف.. إفيه – فيديو- صورة- ضيف.
#وحشتنا_ياباسم
لكم المودة بلا حدود
تواصل مع الكاتب عبر فيسبوك من هنا
تواصل مع الكاتب عبر تويتر من هنا
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم (11).. الإخوة المراسلون
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم (10).. و ما أدراك ما الخارجي
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم (9).. والمونتيرون أصناف
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم (8).. جناب المونتير
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم (7).. الريجيسير V.S العلاقات
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم (6).. إنسان الإيربييس
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم (5).. من الإيربيس للرئيس
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم.. المقال الرابع: في أهمية الـ Q
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم .. المقال الثالث (البديع الفظيع)
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم .. المقال الثاني (التايتل)
أشرف أبو الخير: سلسلة كونترول رووم .. المقال الأول (البروضيوصر)