ما بين نقص معلومات ومحاولة التجويد اختلف الإعلاميين والكتاب والصحفيين العرب في توصيفات ذوي الإعاقة فمنهم من طل علينا باستخدام مصطلح ذوي القدرات الخاصة ومنهم من زاد تجويده إلى ذوي القدرات الفائقة ومنهم من استمر على المسمى القديم ذوي احتياجات خاصة، وفيما استمرت محاولات التجميل من توصيف إعاقة أو معاقين ازداد الأمر سوء فبدلا من أن نمحي وصمة الإعاقة وجعلها اختلافا مقبولا بين البشر تم تحويلها إلى ما هو أبعد من الوصمة نتاج قلة المعلومات في مجال الإعاقة وذويها.
نرشح لك – “أديب” عن تصريحاته تجاه “أحمد خالد توفيق”: “غلطت غلطة عمري”
وصمة الإعاقة: قبيل توصيف معاقين كان يستخدم توصيف أصحاب العاهات والطريف هنا أن توصيف أصحاب العاهات مستخدم في القوانين باعتباره هو التوصيف اللغوي الأنسب في التعبير عن الإعاقة، كان توصيف معاق هو البديل الأكثر تهذيبا نوعا ما للحدة من هذا التوصيف وسواء هذا التوصيف أو ذاك فهنالك وصمة بالإعاقة إما بعدم الاهتمام بها أو المبالغة ومع عدم وجود ما يعرف بجماعات الضغط على وسائل الإعلام سواء حديثا أو قديما في مجتمعنا العربي ظلت دلالات توصيف معاق الذي يحمل في طياته معنى غير مقبول عند أصحابها فهي ترسخ للنظرة القديمة التي يسعى ذوي الإعاقة في كسرها وتغيير نمطها السائد.
تجميل الإعاقة: ومع اعتبار مجتمعاتنا العربية أن الإعاقة هي شيء قبيح يجب التخلص منها واستبدالها بتوصيفات أكثر لطفا حسب زعمهم لأن هنالك إقرار ما بأن هنالك فئة ما تعيش معنا على هذه البقعة تم حذف توصيف إعاقة نهائيا واستبداله بمسميات كثيرة حتى لم يتم الاتفاق على اختيار مسمى واحد يتم تعميمه وتركت المسألة لاجتهادات شخصية، لكن هنا الإعلام هو المحرك الرئيسي وبدون خبرة تم ترويج أكثر من توصيف اعتمادا على ترجمات التوصيفات الأجنبية وإطلاقها في المجال العام وأوساط الناس.
فمثلا تجد توصيف مثل ذوي الإحتياجات الخاصة هو توصيف أعم وأشمل بكثير من التعبير عن ذوي الإعاقة كفئة منه فهنالك المتفوق دراسيا ذي احتياج خاص والمسن ذي إحتياج خاص والسيدة الحامل ذات احتياج خاص على الرغم من أن هذه الأمثلة لا توجد بها أية إعاقة من أي نوع فأصبح هذا التوصيف لا يعبر سوى إلا عن الإعاقة وذويها وهذا أمر غير دقيق بالمرة.
ذوي القدرات الخاصة: على الرغم من أنه توصيف قد يبدو عليه الرقي إلى حد ما لكنه يفتقر لكثير من الدقة لأن ذوي الإعاقة ليسو أشخاص قدراتهم خاصة لأننا بشر عاديين لنا ما لنا وعلينا ما علينا، لكن حينما يستخدم هذا التوصيف فإننا نضيف على الأشخاص ذوي الإعاقة مسؤولية أن يكونوا من هؤلاء أصحاب تلك القدرات الخاصة.
ذوي القدرات الفائقة: في حلقة من برنامج الفنان محمد صبحي (مفيش مشكلة خالص) قرر الفنان اعتبار الإعاقة ليست مشكلة بالمرة بل وزاد الأمر سوء حينما أطلق توصيفا جديدا متفردا وهو ذوي قدرات فائقة وهنا وبمنتهى البساطة قام بتحويل الأشخاص ذوي الإعاقة إلى أبطالا خارقين وفوق العادة وإن كنا أشخاصا من ذوي الإعاقة ننادي باعتبار الإعاقة اختلافا طبيعي بين البشر أصبحنا هنا كائنات فضائية خرافية تتمتع بقدرات خارقة وفائقة, هنا أصبحنا بين مطرقة إثبات لأنفسنا أننا ذاك البطل الخارق سوبر مان وسندان أننا مجبرين على أن نكون كذلك أمام الناس لأننا ليس لدينا أية مشكلة خالص على حد تعبيره.
ما العمل إذن إذا وجدت نفسي غير قادرا على الحركة بمفردي لأن الشوارع والطرق لا تلائمني؟ كيف أتصرف في أنني لست قادر على الحصول على نفس المستوى التعليمي للأشخاص العاديين الذين هم خارج فئتي فئة الكائنات الفضائية الخرافية تلك؟ هل سأطير بجناحاتي الكبيرة العريضة وأخرج النار من فمي كالتنين لأقنع المجتمع الذي أصبح يراني هكذا لكي يقتنعوا بأننا ذوي قدرات فائقة؟
هذه تساؤلات طبيعية بالتأكيد فلنا أن نتخيل كم الضغط النفسي وكم هي المحاولات لشخص لديه إعاقة يسعى أن يعيش حياته بشكل عادي أسوة بالآخرين عليه أن يثبت هذه الأشياء رغم كل ما يحيط به والأكثر دهشة الحقيقة هو إعتبار مثل هذا الشيء هو الشيء العادي لفئة ذوي الإعاقة أليس هذا يعتبر ظلما وإجحافا, الشخص ذي الإعاقة شخص ينجح أو يفشل, يصيب أو يخطئ, له ما للآخرين وعليه ما عليهم تحميله مثل هذه الأمور يجعله أفضل له أن يظل حبيس شرنقته ونزيد من انعزاله وإذا حاول الإندماج مع المجتمع فعليه أن يثبت كل هذا وأكثر بكثير.
توصيف ذوي الإعاقة:
أثناء الإعداد للإتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة دار جدلا كبيرا في اختيار المسمى والتوصيف الدقيق المعبر عن فئتنا وكان الجدل قائم من أصحاب الشئن أنفسهم في الأمم المتحدة ومن بينهم العرب المشاركين وتم حسم الجدل باختيار ذوي إعاقة لأسباب عديدة.
عدم الاختلاف في المعنى المقصود في الترجمات واللغات المختلفة، محو وصمة الإعاقة واعتبارها اختلافا يستوجب التمكين والدمج والإتاحة والتأهيل، التأكيد على الحكومات بأن الإعاقة اختلاف يحتاج لتيسيرات وإتاحات تمكن ذوي الإعاقة من ممارسة حياتنا بشكل طبيعي، محو التمييز والتصنيف العنصري عن الإعاقة وذويها.
وعلى الرغم من هذا كله يصر البعض على تزيين توصيف الإعاقة وذويها وعدم الاعتراف بأنها شيء مشروع وطبيعي، أيها السادة الإعلاميين العرب ارحمونا لسنا كائنات فضائية خرافية وليست إعاقتنا سبة أو وصمة لسنا تلك الشخصيات الخارقة للعادة نحن أشخاص عاديين لنا ما للآخرين وعلينا ما عليهم كل ما نحتاجه فقط هو أن نكون مشاركين وموجودين بالحياة بدون تقليل منا أو التفخيم والتعظيم من إمكاناتنا المتاحة التي نحاول بها تعويض ولو جزء من المفقود نسعى أن نكون أشخاصا قادرين على التفاعل فلا تعتبرونا تنانين مجنحة أو عديمي فائدة.