شهدت مدينة أسطنبول التركية، التي تنطلق منها عدد من القنوات المناهضة للسلطة المصرية، والتابعة لجماعة الإخوان المسلمين – المصنفة قانوناً باعتبارها جماعة إرهابية- ، والتي ما زالت مستمرة، بعد إغلاق معظمها، بسبب العديد من الأزمات المادية والإدارية التي ضربتها خلال الخمسة أعوام الماضية، تصاعدًا جديدًا في الخلاف الذي نشب بين العاملين بقناة “الشرق” التي يمتلكها أيمن نور، وإدارتها، حتى وصل الأمر لاستعانة “نور” بـ”بلطجية” من الأكراد والسوريين، بحسب تصريح أحد الإعلاميين المتضررين، الذين هددوا العاملين بها والمطالبين بحقوقها، بادعاء أنهم أفرادًا من الشرطة التركية.
تلك الأزمة لم تكن الأولى التي ضربت واحدة من أبرز ثلاث قنوات مناهضة للدولة المصرية خلال الآونة الأخيرة، بل هي نتيجة لأزمات متلاحقة، واعتصامٍ سابق منذ عدة أشهر، ومناوشات واتهامات وتراشقات بين إدارة القناة والعاملين بها المطالبين بحقوقهم، وأيضًا ليس ذلك جديدًا على منصات “الإخوان” التي تبث من الخارج، سواءً كانت قنوات تلفزيونية، أو مواقع إلكترونية، يرصد “إعلام دوت أورج” أبرزها فيما يلي:
تعويض الفضائيات المصرية
فشلت جماعة الإخوان المسلمين، في استقطاب القنوات المصرية الخاصة والحكومية نحوها، بعد ثورة يناير، وحتى بعد تقلد الرئيس الأسبق محمد مرسي الحكم، ما جعلهم يعتمدون بشكلٍ رسمي على المنبر الأساسي لهم “الجزيرة مباشر” القطرية، التي كانت شاشاتها مفتوحة لهم، يذيعون عليها ما أرادوا، إلا أن أطاحت بحكمهم ثورة 30 يونيو، وبعد أحداث رابعة، قرروا إطلاق قنواتهم الخاصة، من خارج مصر، وبتمويل من الجماعة، لبث ما يريدون للتأثير على الرأي العام، واستعطاف فئات الشعب المختلفة لصالحهم، والتأكيد على شرعية “مرسي” والمطالبة بعودته، وفك قيده، من خلال منبرهم الإخواني الأول “رابعة”، التي انطلقت عام 2013، كإعلام موازٍ ومن ثم بديلٍ لـ”الجزيرة مباشر” التي وقف بثها نهاية 2014.
حصلت قناة “رابعة” المقتبس اسمها من فض ميدان رابعة العدوية، على تمويلها بالكامل من عددٍ من رجال الأعمال المنتمين للجماعة، وبدأت بث برامجها من تركيا عقب توتر العلاقات المصرية التركية، إلى أن قررت وقف بثها، إبريل 2015، وزعمت إدارتها بأن ذلك نتيجة لـ”الضغوط السياسية” عليها، وهو ما نفته الشركة المالكة للقمر الصناعي “يوتل سات الفرنسي” المانحة لترددها، بأن قرار الوقف نتيجة لـ”تحريض القناة على العنف”.
مكملين.. القناة والشعار
تزامنًا مع بث “رابعة” وفي يونيو 2014، وفي نفس الوقت الذي رفع فيه الإخوان شعار “مكملين”، أطلقت القناة تحمل نفس الاسم، بجانب العديد من القنوات الأخرى التي لم تستمر طويلًا مثل الشرعية والأحرار وغيرهما، وقد أصبحت أحد أهم المنابر المعتمدة، برئاسة أحمد الشناف، ويمتلكها عددٌ من رجال الأعمال القطريين من أصحاب الميول الإسلامية.
اعتمدت “مكملين” على استقطاب مذيعين من ذوي الخلفيات غير الإخوانية، من المناهضين للسياسة المصرية، والذين قرروا السفر خارج مصر، مثل محمد ناصر، مقدم برنامج “مصر النهاردة”، الوجه الأشهر في القناة، والذي بدأ بالانضمام لقنوات الإخوان عن طريق قناة “مصر الآن” محطته الأولى، للإشارة إلى أنها ليست بـ”خلفية إخوانية”، وهو ما عكفت عليه القنوات التالية لها، “وطن”، و”شرق”، وقد استمرت القناة، لعدة سنوات باستديوهين، أحدهما في قطر، والآخر في تركيا، حتى إنها افتتحت في نهاية 2017 قناة “مكملين 2” لإعادة بث برامجها عليها، بالرغم من الأزمات المالية المتعاقبة التي شهدتها، بسبب “أزمة التمويل”.
نرشح لك: رسالة إلي محمد ناصر .. “إنها خائنة الأعين ياعزيزي” !!
نشبت العديد من الخلافات بين العاملين والإدارة في القناة التي تعد هي الأفضل من حيث أجور العاملين، بسبب سوء الإدارة، وعدم تناسب حجم الإنفاق مع أجور العاملين، ما هدد بسقوطها، بالإضافة لإصدار أحكامًا من المحاكم المصرية على العديد من مذيعيها لنشر “تسريباتٍ مُلفقة” والتحريض على أمن وسلامة مصر، كذلك فإن القناة مؤخرًا تواجه انتقاداتٍ من المنتمين للجماعة، نظرًا لتغير موقفها من السلطة المصرية، حتى إنها أصبحت تعرض فكرة المصالحة معها، وتستضيف بعض المؤيدين للإطاحة بـ”مرسي”، حتى بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة.
نرشح لك: 4 أدلة من الدسوقي رشدي على فبركة فيديو قناة “مكملين”
أزمات “مصر الآن” تستمر في “وطن”
في مارس 2016 انطلقت قناة “وطن”، المملوكة بشكلٍ رسمي للإخوان المسلمين، ويرأس مجلس إدارتها إسلام عقل، بعد إغلاق قناة “مصر الآن” التابعة لهم، بعد العديد من الأزمات المالية الطاحنة، بالإضافة أيضًا للحكم الغيابي على رئيسها أحمد عبده فتح الباب، في قضية “خلية ماريوت”، وظهور وجدي غنيم عليها كوجهٍ دائم لإطلاق فتاوى التحريض على الإرهاب داخل مصر.
“وطن” وبحسب تصريحٍ سابق لعز الدين دويدار، القيادي الإخواني السابق، انطلقت بميزانية تقدر بـ350 ألف دولار، وقدم برامجها شريف منصور، ومحمد جمال هلال، ومحمد طلبة رضوان، وجلال جادو، وشريف عبادي، ودينا زكريا، بالإضافة إلى الفنان هشام عبد الله، الوجه الأبرز بها، ولكنها لم تصمد سوى عدة أشهر، وبدأت الأزمات المالية تهدد بإغلاقها، وتأخرت في دفع مرتبات موظفيها، لمدة تجاوزت 6 أشهر، ما دفعهم لتنظيم اعتصامٍ في مقرها للمطالبة به، فكان رد القناة، هو الاستغناء عن 45 منهم، وكذلك إنهاء التعاقد مع هشام عبد الله، الذي انتقل منها إلى “الشرق”، واحتفظت ببعض المذيعين الإخوان مثل محمد جمال هلال ودينا زكريا، الذين قبلوا بالحصول على عائد مادي قليل.
نرشح لك: هشام عبد الله.. ياريته ما راح معاهم
بالرغم من ذلك استمرت الأزمات المالية فيها، بسبب “عدم التمويل”، وكذلك لعدم الحصول على إعلانات في القناة، ما دفع دولة خليجية لمنحهم مبلغٍ مالي كبير -أشير وقتها أنها قطر- لم ينقذ الموقف، تلى ذلك فتح تحقيق مع أعضاء المجلس التنفيذي، ومن بينهم إسلام عقل وعمر رجب وباقي الفريق الإداري بالقناة”، في إهدار نحو مليون ونصف المليون دولار فيها، وهو ما أكد بعض العاملين فيها وقتها بأنهم يملكون إثباتات مصورة ومسجلة لتورطهم في إهدار أموال القناة على “التملق” للقيادات “العجوزة” في الجماعة.
الشرق الأكثر تأزمًا
قناة “الشرق” هي الأشهر بين القنوات الإخوانية، وأكثرهم تأزمًا، فقد انطلقت عام2014 على القمر الصناعي “النايل سات”، وترأس مجلس إدارتها في البداية باسم خفاجي، واستحوذ عليها أيمن نور، الذي أعاد بثها بعد توقفها في 2015، بسبب مديوناتها، وعدم سداد أجور العاملين فيها، بعد إتمام الصفقة التي انتشر وقتها أنها تكلفت نحو 250 ألف دولار، بالاتفاق على أن “نور” هو المسؤول عن دفع الأجور المتأخرة ومديونات الإدارة السابقة، وذلك لم يتحقق بسرعة حتى قدمت الإدارة مقترحًا بدفع نصف مستحقات العاملين فقط، وهو ما أغضبهم.
أزمات “الشرق” المالية مستمرة منذ نشأتها، لنفس السبب الذي واجه القنوات الأخرى وهو أن مالكي تلك القنوات ليسوا من “ذوي الخبرة” بل من “ذوي الثقة” بحسب ما قاله العاملون بها، في تصريحات صحفية على خلفية تلك الوقائع، إلا أن أزمتها تفاقمت مؤخرًا، خاصة بعد انتقال عدة وجوه إعلامية لها من قناة “وطن” بعد الاستغناء عنهم وعلى رأسهم هشام عبد الله، الذي ظهر منذ شهرين في مقطع فيديو، وهو يتحدث خلال أحد الاجتماعات على تعرضهم “لتعنت” من إدارة القناة، التي لم تقبل دفع رواتبهم.
نرشح لك: أسامة كمال لأيمن نور بعد شراء قناة الشرق: ورقة التوت سقطت
أزمة الشرق واجهت منحدرًا كبيرًا بمجرد استحواذ “نور” عليها، حيث أنه قرر إخفاء كل متعلقات ميزانيتها عن كافة العاملين بها، وخصص لنفسه مبلغ ربع مليون دولار شهريًا، حتى تقدم العاملين بها في نوفمبر الماضي بشكوى للممولين، ذكروا فيها أن رواتبهم “الضحلة” لا تتناسب مع حجم التمويل، متهمين رئيس القناة بإهدار أموالها على “الراقصات”، ومغامراته العاطفية، ويعيش حياة بذخ، على حسابهم، فطالب الممولون بعقد جمعية عمومية، وتعيين مراقب مالي، وانتخاب مجلس إدارة لـ”الشرق”، فرضخ لمطلبهم، وأعلن عن تبرعه بـ150 سهمًا يملكها في القناة، لسداد أجورهم، ولكنه راوغهم حتى تصاعدت الأزمة واعتصم العديد منهم داخل القناة، وساندهم كل من أعضاء الجماعة الهاربين عبدالرحمن يوسف القرضاوي، وسيف عبدالفتاح، المتواجد بتركيا، وهيثم أبو خليل، أحد مذيعي قناة الشرق.
نرشح لك: ما الذي تغير في “شرق” أيمن نور؟
أعلن رئيس القناة إغلاقها في منتصف يناير الماضي، لحين إشعارٍ آخر، ولكن ذلك لم يدم كثيرًا فانطلقت مرة أخرى يوم 25 يناير، بعد نجاح الوسطاء بين أيمن نور والعاملين بالقناة، لكن الأمور لم تهدأ حتى وصل الأمر به باستئجار “بودي جاردز” مغاربة وأكراد لترهيب العاملين بالمكاتب، بالإضافة لمدنيين أتراك ادعوا أنهم من رجال الشرطة، وهددوا العاملين بالقناة بالتصعيد، وترحيل الشباب الصغار، ممن انتهت إقاماتهم في تركيا، وقد ساند الإعلامي معتز مطر صاحب القناة ضد زملائه، فلجأ المعتصمين لتصوير فيديوهات “لايف” على “فيس بوك” وأخذ “بلطجية” أيمن نور هواتفهم وحطموها بسبب ذلك، وظلت الأزمة عالقة للآن.
اللعنة أصابت المنصات المكتوبة أيضًا
أزمات إغلاق القنوات المناهضة، وفشلها، وصل أيضًا للمنصات المكتوبة، حيث أعلنت إدارة “هاف بوست” الأم، إغلاق نسختها العربية، بعد أكثر من 3 أعوام على انطلاقها بدعم مالي قطري، من قِبل المدير السابق لقناة الجزيرة وضاح خنفر، وقالت مصادر لـ”إرم نيوز” إن “الإغلاق جاء بسبب كثرة الشكاوى التي وصلت “هاف بوست” من أن سياسة التحرير المتبعة من قبل النسخة العربية لا ترقى إلى مستوى النسخة الأم”، وأضاف المصدر، “أن الشكاوى تزايدت خاصة بعد أزمة قطر التي كشفت بوضوح تبعية “هاف بوست عربي” التامة للدوحة”.