لأننا نتألم يا صديقى، هذا هو المفتاح الحقيقى لكل ما نعانيه وما سنعانيه فى المستقبل الذى يبدو مغرقا فى الظلم و الظلام فى آن، لا يبدو فى الأفق ثمة مهرب من كل هذا الهرج والمرج الحاصل فى عالمنا المصاب بكل تلك الهلاوس، لأننا نتألم فهذا هو السبب الأكثر وجاهة لكوننا فقدنا طريقنا إلى الوطن وطريقتنا لحبه، اختلطت لدينا المفاهيم فلم نعد نميز بين التدين والإرهاب، وبين الإختلاف والخيانة، ضللنا الطريق، وأصبحت كل الممارسات رمادية بدرجة فاقعة لم يعرفها اللون الرمادى نفسه من قبل.
نرشح لك: منى سلمان تكتب: النساء في غرف الأخبار.. من يحتاج إلى الآخر
أن تمارس كل شعائر دينك بأريحية كاملة هذا شكل للتدين، كذلك ألا يراك أى كائن بينما تمارس أى من تلك الشعائر يحمل بباطنه تدينناً فى حقيقة الأمر فليس هناك ضرورة إلى أن تكون أى من شعائر الدين علنية تمارس بالأبواق والميكروفونات أما أن تتخذ جماعة ممن يظنون أنفسهم يمارسون شعائر دينهم وينفذون شريعته أشكال قميئة كداعش فهذا إرهاب تاه بين تفجير وآخر فصار شكل من أشكال الوصاية على الدين الذى يظنون أنهم يحملون منه ما يمكنهم من القتل، والإغتصاب والسرقة باسمه.
هذا الداء المتفشى فى الدين بين غياب الحق وضياع الحقيقة، كل تلك الهلاوس، هذا الألم و الخوف انتقل عزيزى القارئ و بكل أسى وأسف إلى الوطن فما بين من يغالون فى حبه الظاهرى وبين الصامتون والمنتفعون والمتنطعون، وبين أصحاب الاختلافات مع النظام أياً كانت جغرافيته وهويته وبين الخونة المدعون أن للخيانة وجه آخر وأنها مجرد خلاف.
كيف يمكن للخلاف أن يمّكن الغريب من اطلاق صاروخاً يسقط فوق أرض الوطن؟ أى خلاف هذا بل أى عهر هذا؟
من أين يأتى مثل هذا العهر يا ترى و كيف لهم أن يسمونه بالخلاف مع النظام، هؤلاء لا يفرقون شيئًا عن داعش التى تظن أنها “الخلافة الإسلامية الجديدة” من يهللون الله أكبر عندما تزهق الأرواح و تقطف الرؤوس، هل تظن أن التهليل بالله أكبر يفرق فى هذه الحالة بأية حال من الأحوال عن التهليل بـ “أمريكا أكبر” صدقنى الفريقين لا يختلفون على الاطلاق كلاهما قاتل وكلاهما خائن.
أما الأول فيخون الله بينما يخون الثانى تراب الوطن، و يبقى دائماً فى المنتصف هؤلاء الحالمون بعالم أفضل وممارسات دينية أكثر تسامحًا، من يحبون الله و يموتون فداء تراب أوطانهم مهما اختلفوا مع أنظمتها وحكامها من يدعون الله من قلوبهم دون أن يسمعهم أحد بأن تصبح النار الناشبة فى سوريا تلك بردًا وسلامًا على أهلها وشوارعها ومساجدها وكنائسها، وكلابها، وقططها الضالة، وتراثها وتاريخها، وأن يهلك كل الخائنون والمتطرفون هلاك ليس بعده كاشفة، فنصحو ذات ليلة وقد خلا العالم من المزايدين والقتلة والإرهابيين والخونة و المهللين دون علم و دون إنسانية، فهل يرد الله لهذه الأمة إنسانيتها التى دهست ذات حرب عمياء لا ترى ما تدعى أنها تراه، فيا سوريا لك الله.