محمد حمدي سلطان
لم تكن جماهير الزمالك يومًا، فاقدة للأمل تمامًا في فريقها، مثلما كانت قبل لقاء القمة بالأمس. لم يكن هناك مشجعًا زملكاويًا واحدًا على وجه الأرض، ينتظر من فريقه، بوضعه الحالى، وهزائمه المتكررة، وأدائه المزرى في الفترة الأخيرة، أن يحقق انتصارًا على الأهلى، المستقر فنيًا واداريًا، والمتوج بلقب الدورى، والذى لم يتعرض طوال الموسم، سوى لهزيمة واحدة، أمام المقاصة بالدور الأول. الكل تقريبًا انتظر هزيمة جديدة، وتهيأ لها نفسيًا، وأشد المتفائلين ربما تمنوا التعادل، حتى يتفادوا “تحفيلاً” أهلاويًا ثقيل الظل.
نرشح لك: 7 أسباب لنجاح “مقالب” رامز جلال كل عام
لكن جاء الزمالك ليفاجئ جماهيره – مفاجأة سعيدة هذه المرة – رافعًا لشعار: أنا محدش يتوقعنى. ولسان حاله: انتظرتم الفوز كثيرًا، وخُذلتكم، واليوم تتوقعون هزيمة جديدة، لكنى سأفاجئكم بانتصار لا تنتظرونه. ويا لها من مفاجأة سعيدة، وفرحة لم تكن على البال ولا الخاطر. سبحان الله، هم نفس اللاعبون الذين أصابوا جماهيرهم بحالة إحباط مزمن طوال الموسم. لم يتغير فيهم شئٌ سوى أنهم فقط، أحسوا أخيرًا بالمسئولية، وبعظمة إسم الزمالك، وبقيمة أن تكون لاعبًا بين صفوفه. لم يكن هناك أى أداء فني مبهر، أو عظيم، هم فقط لعبوا بروح وغيرة واستبسال، وهذا أهم ما كان ينقصهم طوال الموسم الحالى.
من أهم أسباب الفوز أيضا هو تخلص اللاعبين من إرث الماضى. كان لاعبو الزمالك يخوضون أغلب مواجهات القمة، وهم خائفين من الهزيمة، فيسهلون من مهمة الأهلى في تحقيق الفوز، فكرة القدم علمتنا من يخاف من الخسارة، غالبًا ما يخسر. ولأنها مباراة تحصيل حاصل وغير مؤثرة، ساعد هذا اللاعبين على التخلص من هذا العبء المعنوى، فلعبوا دون خوف، ليكتشفوا أن تحقيق الفوز على الأهلى ليس بمعجزة. هذا الفوز أثبت أن عقدة عدم الفوز على الأهلى في بطولة الدورى منذ 11 عاما، كانت عقدة ” وهمية ” ونفسية في المقام الأول. الأهلى بالتأكيد فريق كبير، لكنك وفي أسوأ مواسمك، عندما لعبت أمامه دون خوف، فزت عليه بكل سهولة. قوة الأهلى الخرافية في لقاءات القمة لم يصنعها سوى الزمالك، وخوف لاعبى الزمالك، وهذه المباراة درس لهؤلاء اللاعبين نتمنى ألا ينسوه.
وأخيرًا يبقى المشهد المؤسف، الذى قدمه الإعلام الرياضى في مصر، قبل لقاء القمة بأيام. الكابتن مدحت شلبى يخرج ليعلن أنه لن يعلق على المباراة لأنها لا تستحق، ساخرًا من وصفها بالقمة، والفارق بين الأهلى والزمالك 30 نقطة، بينما كل الاستديوهات التحليلية تتحدث عن الفوز الكاسح المنتظر، الذى سيحققه الأهلى، والكثير منهم تنبأ بتكرار نتيجة 6 – 1. تصريحات لاعبى الزمالك بعد المباراة أثبتت أن هذا الاستفزاز الإعلامى، كان من أكبر دوافعهم للقتال في الملعب، والرد بشكل عملى على كل من تعمد الانتقاص من قدر وقيمة وإسم ناديهم. شكرًا لكل لاعبى الزمالك على الأداء الرجولى، وعلى الأخص، الأخطبوط محمود جنش، وقلب الأسد طارق حامد، والحاوى أيمن حفنى، والعملاق الرائع حمدى النقاز، وسلطان الطرب معروف يوسف. انتهى الدورى وهو موسم كارثى للنسيان، بالنسبة للزمالك، ولكن يبقى الفوز على الأهلى، كضوء في نهاية النفق المظلم، وفرصة سانحة لتصحيح المسار، والبناء من أجل ما هو قادم.